يعتبر ما يحدث في الساحل الصحراوي أمرا مفبركا من قبل الامبريالية الكبرى التي تستثمر في سياسة الفراغ وضعف التنمية بدول الساحل الصحراوي للتوغل وتبرير وجودها هناك وإقامة قواعد عسكرية تكون مطية لنقل استثماراتها في المجال الطاقوي، وتعتبر هذه المخططات الغربية التي تنافسها فيه الصين قضية وقت لتجسيدها وستكون ردود فعل دول الساحل ضعيفة ضعف الديمقراطية والتوزيع العادل للثروة وانتشار الفساد والمؤامرات الدنيئة فيما بينها وتشجيع الطرقية والسلوكات التي تعمل على تثبيت الأنظمة في مواقعها في ظل الهيمنة والعولمة التي أجهضت جميع محاولات دول الجنوب في التنمية حيث استحوذت على مداخيلها من العملة الصعبة من أجل تسديد الديون التي لا تنتهي. إن الحديث عن وجود القاعدة ببلاد المغرب العربي في الساحل الصحراوي بقدر ما هو واقع، لكن التجارب في أفغانستان والعراق والفلبين وغيرها من الدول التي اعتبرتها الولاياتالمتحدةالأمريكية محور الشر يؤكد بأن الإرهاب من صنع المخابر الأمريكية الذي تصدره للمناطق التي تحتوي على احتياطات هامة من الطاقة تمهيدا لإقامة القواعد العسكرية لتأمين مشاريع الطاقة مستقبلا. وفي سياق متصل تعتبر هذه التخمينات امتدادا لتصريحات أمريكية سابقة تدعو إلى ضرورة الاعتماد على إفريقيا بعد 2020 كأول ممون للطاقة بدلا من الشرق الأوسط الذي تخسر فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها مئات الملايير من الدولارات على شركات التأمين والأمن حيث تلتهم تلك الملفات أجزاء كثيرة من أرباح الشركات الأمريكية على مستوى النفط. ويعتبر اهتمام الأمريكان وأوروبا بالساحل الصحراوي بعد السيطرة على الشرق الأوسط كما أوضحه منذ 2003 ''روبارت غايس'' كاتب الدولة الأمريكية للدفاع حيث اعتبر الأفريكوم ضرورة حتمية لتنصيبها في افريقيا وتتضارب الآراء حاليا عن المنطقة التي ستحتضن الأفريكوم وزاد اهتمام الأمريكان بعد تمرد أوروبا عليها وتوجهها سرا لدول الساحل خاصة فرنسا التي أقامت مصنعا لاستخراج اليورانيوم وتسعى لاستغلال ما يسمى تواجد الإرهاب للتباحث حول إمكانيات قواعد عسكرية لتأمين مصالحها وحماية المنطقة، كما أن اسبانيا مؤخرا قامت بإيفاد خبراء إلى مالي لعرض خدماتها على النظام المالي، وبعدها التفاوض على إمكانيات الشراكة وفتح السوق المالي على المنتجات الاسبانية، خاصة في ظل الأزمة العالمية، كما أن الزحف الصيني على افريقيا زاد من مخاوف الأوروبيين الذين أدانهم التاريخ برعاية الإرهاب وتدعيمه والتستر عليه وتصديره للدول التي تريد أوروبا الهيمنة عليها. ولا نخف هنا زيارة كاتبة الدولة للخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلى افريقيا حيث زارت الدول الغنية بالثروات الطاقوية على غرار أنغولا والكونغو الديمقراطية وغانا وكينيا، وتجرأت وخاطبت العديد من الدول وهددتها مثل اريتيريا وزيمبابوي، وهو ما يعكس النظرة الامبريالية للولايات المتحدةالأمريكية التي تتوعد افريقيا بمعاملات قاسية وتجسيد تلك المخططات قضية وقت فقط . ومن الملفات التي زادت في توتر الأوضاع بالساحل سوء نية دول الجوار التي تتفاوض مع من هب ودب على حساب مصالح شعوبها ودول الجوار، فمثلا وساطة الجزائر بين التوارق ومالي شهدت العديد من الخيانات بعد أن لجأت قيادات المتمردين إلى دول أخرى همهما الوحيد هو إبقاء الأوضاع على ما هي عليه دون النظر إلى ما ستعانيه الشعوب من تماطل وتحايل. وعليه فدول الساحل التي فشلت في تنمية المدن التي تتواجد بها القصور الرئاسية والعواصم لا تستطيع بتحصيل حاصل تنمية المناطق الصحراوية. فالحديث عن التنمية في دول الجنوب أمر يبعد عن الغرابة. فالتنمية لا تكون حيث تنتشر تجارة السلاح والفساد والرشوة والاختلاسات، فالأولى أن نصلح أمورنا الداخلية ونقوي اللبنة الشعبية والجبهة الاجتماعية لتقوية الحصانة من التوغلات والاختراقات الخارجية التي تستهدف الأقليات والمشاكل الاجتماعية لتمرير مخططاتها، وما التقارير السوداء القادمة من الخارج عن أوضاع الحريات في دول الجنوب إلا دليل على أننا متخلفون وينتظرنا الكثير من العمل لتدارك تأخرنا وتقوية حصانة سيادتنا وحدودنا. وتبقى الأسلحة النووية والأقمار الصناعية التي تكشف عورتنا وتردعنا أمام الهيمنة الغربية هي سلاح المستقبل للحفاظ على بقائنا ولنا في إيران وكرويا الشمالية عبرة.