تملك الجزائر أكثر من 63 يومية، ومئات عشرات الأسبوعيات والمجلات المتخصصة، ووكالة أنباء، و5 قنوات تلفزيونية، و4 إذاعات وطنية، وحوالي 48 إذاعة محلية، في انتظار مكاسب أخرى تسمح بتطوير حق المواطن في الإعلام وتدارك تأخر الجزائر في هذا المجال الذي يعرف تطورا رهيبا في العالم، ويتميز بحروب خفية حطت من دول ورفعت أخرى . عرفت الساحة الإعلامية في الجزائر العديد من المحطات الهامة والحاسمة في سنة 2009 ما يجعلها سنة الأرقام القياسية في كل المجالات، في انتظار تجسيد مشاريع أخرى ستعزز السلطة الرابعة التي قطعت أشواطا كبيرة للوصول إلى الإحترافية والإرتقاء بالإعلام الوطني إلى مرتبة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية التي تؤثر في مجريات الحياة العامة، وتكوين الرأي العام الوطني والمحلي والإقليمي وحتى الدولي. ولم يصل الإعلام الجزائري وخاصة الصحافة المكتوبة إلى عدد سحب مثلما حدث في ,2009 حيث كان لمقابلة الجزائر مصر الأثر البالغ في رفع سحب الجرائد الوطنية إلى مستوى 5 ملايين نسخة، وهو رقم قياسي لم يسبق للجرائد الوطنية وأن حققته، وهو ما سيجعل سنة 2009 محطة بارزة في تاريخ الصحافة الجزائرية. ومن المكاسب التي تحصل عليها الإعلام الجزائري في هذه لسنة هو إطلاق قناتين تلفزيونتين جديدتين في شهر مارس، واحدة خاصة بالأمازيغية وأخرى خاصة بالقرآن الكريم، في انتظار إطلاق 5 قنوات جديدة هذا العام مثلما كشف عنه كاتب الدولة المكلف بالاتصال عزالدين ميهوبي في إحدى جلسات مجلس الأمة، وهي المحطات التي ستكون انطلاقة جديدة للأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية والثقافية، وغيرها من المجالات التي تنتظر الإطار المناسب لتعزيز حق المواطن في الإعلام، وتدارك النقص في مجال السمعي البصري الذي نعرف فيه هيمنة خارجية خطيرة يجب التصدي لها لتفادي أي انزلاقات مستقبلية، لأن تأثير الإعلام الخارجي بات جليا حاليا من خلال ما يحدث في إيران وأفغانستان والعراق وغيرها من بؤر التوتر في العالم. وسيكون إطلاق قنوات سمعية بصرية جديدة مجالا لتحسين المجال السمعي البصري، وقد يكون محيطا لاستقطاب الكفاءات الجزائرية في الخارج والتي سبق لها وأن التقت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أثناء زيارته لدولة قطر، حيث تلقى رسالة من الإعلاميين الجزائريين تضمنت رغبتهم في مساعدة الجزائر في المجال السمعي البصري، وهو ما قد يحدث في ظل رغبة الجزائر في منافسة القنوات الفضائية العربية التي استحوذت على سماء الجزائر. وبإطلاق هذه القنوات سيصبح للجزائر باقة من 10 قنوات تلفزيونية، وهو ما سيساعد على الإستثمار في مجال المعلومة والإعلام وتسخيره لخدمة التنمية المستدامة. كما تضاف لهذه المجهودات مجهودات الدولة في مجال عصرنة أنظمة البث وتزويدها بتجهيزات رقمية حديثة لتمهيد الأرضية لإنجاح رهانات السمعي البصري. كما تعمل الدولة على إنهاء انجاز التلفزيون الرقمي الذي لم يبقى الكثير لإطلاقه في مجال الخدمة . الإعلام الرياضي يصنع الحدث ويتفوق على المعلومة الأمنية أحدث الإعلام الرياضي ثورة في مجال الإعلام في الجزائر، حيث زحزح المعلومة الأمنية من الصفحات الأولى للجرائد وهي التي سيطرت لأكثر من 18 سنة. والمتتبع للساحة الإعلامية يكتشف مدى تأثير التغطية الإعلامية للقاء الجزائر مصر على الحياة العامة في بلادنا، فقد تمكن الإعلام الجزائري من تحقيق مكاسب هامة على المستويات الإقتصادية والإجتماعية وحتى السياسية والإعلامية، فالكل تابع كيف حشدت وسائل الإعلام الوطنية الرأي العام العالمي في موقعة القاهرة، وبات كل العالم متعاطف مع الجزائر في قضيتها للتأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا ,2010 حيث ساهمت كرة القدم في تغيير صورة الجزائر وشعبها وحكومتها في الخارج الذي كان يعتقد بأن الإرهاب والحراقة هو الطاغي على أيام الجزائريين، لكن إظهار صور فرحة الشعب الجزائري في مختلف ربوع الوطن وبطريقة حضارية نبّهت مختلف الشعوب والدول بواقع الجزائر التي يوجد بها شعب يهوى صناعة الحياة والأمل. كما كان لخروج مختلف جاليتنا في أوروبا وأمريكا وآسيا الأثر البالغ في الإعلام العالمي الذي أشاد بالسلوك الحضاري للجزائريين، وكانت الفرصة محطة لتحالف السلطات مع الإعلام ومختلف الفعاليات من أجل مصلحة الجزائر، وهو ما منح المنتخب الوطني قوة خارقة مكّنته من تحقيق هدفه بالرغم من خدع المصريين وحيلهم. وبقي الحدث الرياضي مسيطرا منذ موقعة القاهرة على الصفحات الأولى للجرائد ما أثر إيجابا على صورة الجزائر التي شهدت بعدها إقبالا منقطع النظير للسياح الأجانب، الذين اندهشوا في الجزائريين من خلال طريقة تعلقهم بالوطن وحب النجاح وقدرتهم على صناعة الحياة والتعايش مع الأجانب، بعد أن تحالفات القوى الإرهابية مع بعض وسائل الإعلام الأجنبية لتسويد سمعة الجزائر. وبالمقابل تراجعت المعلومة الأمنية بحدة في ظل اندثار الجماعات الدموية التي لم يبقى منها إلا بعض الفلول التي تعيش آخر أيامها. وساهم تأهل المنتخب الوطني لمونديال 2010 من التعريف بالجزائر أكثر، خاصة وإنها ستقابل قوى سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية كبيرة على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية وإنجلترا، وبالتالي ستستفيد الجزائر من كل الجوانب خاصة إزالة الصورة السوداء التي تسببت فيها بعض وسائل الإعلام المتواطئة ضد بلادنا. الإذاعة تستكمل النصاب في انتظار مطبعة بشار حققت الإذاعة الوطنية السبق في وسائل الإعلام من خلال تمكنها من تغطية كامل التراب الوطني عن طريق ال 4 إذاعات، ناهيك عن إنجاز إذاعة جهوية ومحلية في كل ولاية، وهو ما سيدعم ويعزز حق المواطن في الإعلام ونقل الرسائل من القواعد إلى السلطات، وهو التوجه الذي تبنى عليه نجاحات الإعلام في وقتنا الحالي، فجميع الدول التي تملك تقاليدا في الإعلام باتت تعتني بالإعلام الجواري لما له من تأثير في أوساط القراء، وما يملكه من قدرة في جلب الإشهار وتطوير التنمية المحلية. وبعد استفادة كل ولاية من إذاعة محلية، مازالت الصحافة المكتوبة تنتظر تسلم مطبعة بشار من أجل رفع عدد السحب، وتمكين المواطن في جميع مناحي الوطني الاستفادة من مطالعة الجرائد في وقتها بعد أن كانت تصل متأخرة. وتأتي مطبعة بشار بعد عامين من تسلم مطبعة ورقلة التي فكت الخناق عن الجنوب الشقي وحتى بعض ولايات الجنوب الأخرى، وأدى وصول الجرائد إلى تلك المناطق إلى خلق عدد كبير من مناصب العمل. وقد تكون ولاية تمنراست المحطة المقبلة لإنجاز مطبعة لحل مشكلة توزيع الجرائد نهائيا. بعد تكوين النقابة أمنية مراجعة قانون الإعلام وأخلاقيات المهنة لم تتحقق مازالت أسرة الإعلام تنتظر وعود السلطات في مراجعة قانون إعلام 90 ,07 الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في الخطاب الذي ألقاه أثناء إلقائه القسم، حيث أشاد كثيرا بعمل الإعلام وكشف عن تعديلات في الأفق أهمها مراجعة قانون إعلام 90 07 الذي أصابته العديد من الاختلالات والتي تؤثر سلبا على تطوير المهنة. فإلغاء المجلس الأعلى للإعلام في ,1993 وتجميد الصندوق الوطني لدعم الصحافة، وتغيير الجهات التي تمنح الاعتماد للصحف، كما أن عدم الإفراج عن قانوني الإشهار وسبر الآراء جعل الساحة الإعلامية تعيش الكثير من التناقضات والاختلالات، وحتى التجاوزات الناجمة عن عدم العمل بميثاق أخلاقيات المهنة الذي بقي رهين الأدراج، وعجزت الأسرة الإعلامية عن الاتفاق عن ميثاق يجعل الأسرة في منأى عن قانون العقوبات الذي جاء بعد عجز المجلس الأعلى للإعلام عن فرض منطقه بسبب غياب القوة الردعية، ما جعل قانون العقوبات يصدر في2001 عقوبات بالحبس والغرامات المالية ضد القذف والسب. غير أن السيد مصطفى فاروق قسنطيني يكون قد أكد ل »الشعب« بأن السلطات ستلغي عقوبة الصحفي وستعوضها بغرامات بسيطة. ومن المكاسب المحققة في ,2009 هو إنشاء النقابة الوطنية للصحفيين الجزائريين التابع للإتحاد العام للعمال الجزائريين التي تهدف للدفاع عن الصحفيين الجزائريين وتحسين أوضاعهم الاجتماعية. ومن الأمور التي نقف عندها في هذه السنة هو وفاة العديد من زملاء المهنة الذين نرجو أن يتغمدهم اللّه برحمته الواسعة ويسكنهم فسيح جنانه، ويعتبر هولاء كما قال الرئيس الراحل هواري بومدين هم الذين أدّوا واجبهم على أكمل وجه.