هي لقطة هوليودية، بقيت راسخة في ذهني في الفترة الأخيرة، لا تريد عني ابتعادا.. سأترك الحديث عنها إلى آخر هذه الأسطر، فلا تتعجلوا.. لقد قيل الكثير عن كمية ونوعية النجاحات البارزة التي حققها المنتخب الوطني الجزائري خلال السنة الماضية، وبداية العام الجاري.. والحق يقال، فإن ذلك كان على كافة المستويات: التقنية واللوجيستيكية والفنية والبشرية والثقافية وحتى السياسية.. إلى درجة أن صار الجزائري يعتز بجزائريته أكثر من أي وقت مضى، لكن أيضا إلى درجة أن تحوّل بعض المصريين، العرب جدا جدا، من منتقدين ومحرضين جدا جدا، إلى صرحاء وشجعان جدا جدا.. ولو لا أنهم مصريون أبا عن جد، وفراعنة بحق وحقيقي، لخلتهم أقرب إلى فئة ضرابين الشيتة ومساحين الفيستة ولماعين الأحذية، من أصحاب المصالح الذين يعج بهم محيط سعدان وروراوة اليوم.. وكيف لا أقول ذلك وقد فعلت الصدمة فعلتها بآل فرعون، وبلغت بهم درجة العمى أقصى ما يمكن، فأنستهم أنفسهم وغرورهم وحقدهم الدفين تجاه كل ما هو جزائري.. حتى أن بعضهم اعترف بقوة منتخبنا وراح يحصرها في عنصر واحد ووحيد هو النظام وحسن التقدير، أي الاحترافية، بحسب تعبير العصر.. أو لم يقل بعض المصريين الأشقاء الأعزاء على قلوب كل العرب، إن المنتخب الجزائري ما كان له أن يقهرهم في معركة أم درمان، لو لا تسلحه بالاحترافية في أسمى معانيها.. وتلك شهادة نعتز بها لأنها جاءت من الطرف الآخر (على حد تعبير الطرف الآخر نفسه).. لقد قال أحد المصريين المنبهرين بالعمل المنجز في داخل منتخبنا ما مفاده: لقد فكر رجال الظل والخفاء من الجزائريين في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بمنتخبهم، بما في ذلك الأكل والمياه المعدنية والمشروبات والمرطبات والأفرشة وكل شيء، بل حتى الراقي جلبوه معهم.. وهي شهادة، وإن كنا نعتز بها فعلا كما قلنا، إلا أنها يجب ألا تنسينا عيوبنا وتغطي على ذنوبنا وسيآتنا.. إني هاهنا، سأقولها صراحة: صحيح أحسنا التعامل مع عدد من القضايا في الفريق الوطني، إلا أننا سجلنا فشلا ذريعا في مستويات أخرى.. وحتى لا اتهم في وطنيتي، التي هي أعز ما يملك أي جزائري، فإنني سأكتفي بالحديث عن نقطة واحدة فقط، تتعلق رأسا بمهنتي، مهنة الصحافة.. نعم، لم يحسن مسؤولو منتخبنا، على جميع مستوياتهم، التعامل مع المعلومة داخل الفريق.. الأمثلة على ذلك كثيرة، آخرها كان ما حدث بين صحفيينا من جهة، والناخب الوطني ولاعبينا من جهة أخرى، خلال فعاليات كأس إفريقيا للأمم الأخيرة بأنغولا.. ففي لقطة هوليودية، أدار صحفيونا ظهرهم للناخب الوطني ولاعبيه قبل انطلاق إحدى الحصص التدريبية، لسبب بسيط هو الاتهامات الخطيرة التي وجهها سعدان لهم تلك الأيام.. قبل أن تعود المياه إلى مجاريها اليوم.. والصحيح في الحكاية هو أن مسؤولو الفاف أساءوا تسيير المعلومة، فكان ما كان.. إلى درجة أن صرنا نسمع عن عدة فئات من الصحفيين.. فمنهم الكذابون، ومنهم المتزلفون، ومنهم المعارضون.. ذكرتني هذه اللقطة بفيلم المرحوم (بوبڤرة)، أين يسأل عن بطريقة كوميدية ويقول: تيڤول تيڤول با.. ويجيب: جيڤول جيڤول.. وللحديث بقية.