لم يجد بعض الأولياء بوهران مخرجا من المشاكل التي يتخبّطون فيها جراء تصرفات أبنائهم اللامسؤولة إلا الزج بهم في السجون لعلهم "يتوبون" عن الاعتداءات المتكررة على ممتلكات الغير وفي مقدمتهم الجيران الذين أصبحوا يتجرعون بمرارة اتهامهم بتقصيرهم في تربية أولادهم تربية حسنة. "ع. ن" شاب من عين الترك إعتاد التردد على المؤسسات العقابية بتهم عدة وفي مقدمتها السرقة والانخراط في جمعية أشرار وتعاطي السموم وترويجها وحمل الأسلحة المحظورة. السجن بالنسبة له "فندق" يقضي فيه فترة زمنية أين يتلقّى مختلف فنون الإجرام باحترافية، لكن هذه المرة لم يكن دخوله إلى السجن نتاج اعتداءاته المتكررة على ممتلكات الغير والتي قضى بسببها منذ فترة وجيزة 05 سنوات سجنا نافذا، إنما نتيجة الشكوى التي أودعتها ضده والدته لدى مصالح الأمن بعين الترك، حيث اشتكت من تصاعد درجة إجرام ولدها منذ خروجه من السجن، إذ انقض على مال شقيقه لتمتد يده إلى أجهزة البيت الإلكترونية وأثاثه، ولم يقف عند هذا الحد بل أضحت تصرفاته عدوانية جدا مع أفراد الأسرة، إلا أن الأمر الذي يبعث على الاستغراب هو أن الأم نبع الحنان والعطف تخلّت عن عاطفة الأمومة لتقدّم فلذة كبدها إلى العدالة لا لشيء إلا لأنها لم تقو على رد ابنها إلى جادة الصواب. وهنا يطرح سؤال عن مدى نجاعة المؤسسات العقابية في تحضير المساجين نفسيا وأخلاقيا للإندماج مجددا في المجتمع؟ "س.ن" شاب يقطن ببلدية "حسيان الطوال" 20 كلم عن وهران لا يقل وضع والديه مأساوية عن الحالة التي سبق سردها، فهو وحيد والديه ومدللهما.. ودع مقاعد الدراسة مبكرا ليقع في فخ التسرب المدرسي أين وجد أقرانه الذين أخذوا من الاعتداءات على ممتلكات المواطنين وتعاطي السموم حرفة لهم، وكون أن والديه كانا يزودانه بمصروف يومي لا بأس به شجّعه ذلك على تناول المخدرات التي رأى أنها المخرج الوحيد من الكآبة التي يعانيها جراء الفراغ علما أن الوضعية المادية لوالديه ميسورة، ولقد تطورت الأمور إلى الأسوء فالإبن المدلّل أصبح لا يتعاطى فقط "الكيف" بل تعداه إلى الأقراص المهلوسة التي لم يستطع مفارقتها. الغريب في الأمر هو تصرف الوالد الذي أفرط في تدليل إبنه العاق، فبدل أن يقوم بعلاجه من الإدمان على السموم وتوعيته من مخاطر تعاطيها راح يعالج الداء ووصل به الأمر إلى أن وضع له مرتبا شهريا بقيمة 6000دج كل شهر لشراء الأقراص المهلوسة، وعلى الرغم من هذه التضحيات من قبل الوالدين إلا أنها لم تشفع لهما عند إبنهما الوحيد، هذا الأخير الذي هدّد والده في العديد من المرات كي يضاعف له من هذه "المنحة" وعندما لم يرضخ لمطلبه، قام باحتجاز والديه العجوزين في غرفة وصب البنزين في أرجاء البيت ليجعله رمادا ودخانا لولا تدخل الجيران لقضي على الوالدين في الحادثة المأساوية. وأمام هذا الوضع الذي يبعث على الحسرة والألم في نفس الوق،ت لم يجد الوالد مخرجا سوى الزج بإبنه العاق في السجن.. وأمام تصاعد وتيرة الإجرام الذي استشرى بين أوساط الشباب، سيما القصّر ولم يميّزوا في اعتداءاتهم بين قريب ولا بعيد، يبقى الأولياء بوهران يتجرّعون أخطاءهم الجسيمة في تربية أولادهم وتلقينهم الأخلاق الفاضلة المستمدة من ديننا الحنيف. محمد حمادي