تفشت ظاهرة الاعتداء على الأصول بشكل كبير في مجتمعنا الجزائري، و بعدما كان الاحترام يطبع المعاملات بين الأولياء وأبنائهم مهما بلغوا من العمر أو استقلوا بحياتهم ، تغيرت المعايير اليوم واجتاحت موجة من العنف الأسري مجتمعنا لتجعل من الأولياء ضحايا على يد أبنائهم حسب ما تشير تقارير وإحصاءات الدرك الوطني. تشير إحصاءات الاعتداءات الحاصلة داخل الأسرة الجزائرية حسب ما كشفت عنه مصالح الشرطة الوطنية لسنة 2008 إلى تورط 216 شخص في الاعتداء على أحد الوالدين من قبل الأبناء القصر الذكور، والذين لم يتجاوز عمرهم ال 17 سنة. كما سجل 79 راشدا متورطا في الثلاثي الثاني ل سنة 2007 في نفس القضية. وحسب ما أكدته مصالح الشرطة القضائية فإن هذا الرقم ضئيل جدا مقارنة مع ما سجل خلال سنة ,2005 حيث تورط 125 شخص من فئة القصر أغلبهم ذكور على أبويهم . وقد صرحت مصالح الشرطة القضائية أن الإحصاءات التي بحوزتها و المسجلة على مستواها لا تشمل كل حالات الاعتداء على الآباء، وذلك لانتشار الظاهرة في المدن الكبرى، حيث تكثر الظواهر الاجتماعية السلبية، كتعاطي المخدرات والكحول وما ينجر عنها من جرائم مثل السرقة و الاعتداء على الأشخاص، ومن بين أهم المعطيات السلبية التي أدت إلى تفاقم مثل هذه التصرفات حسب المصلحة ظهور آفة فرار الأطفال وخاصة الأبناء من حضن الأسرة للعيش في الشارع الذي يعد الباب الواسع لاقتحام هؤلاء عالم الجرائم والمخاطر بمختلف أنواعها. وهي السلوكيات التي كانت دخيلة عن مجتمعنا الجزائري الذي كان إلى وقت قريب يعامل الكبير باحترام وتبجيل. وفي هذا الصدد كشفت مصلحة الأحداث بمديرية الشرطة القضائية ما سجلته على مستوى ولاية الجزائر خلال 2008و المقدر ب 415 حالة هروب للقصر من بينهم 197 أنثى. وتعد الأسباب الأساسية التي أرجعت إليها المديرية لجوء الأطفال إلى سبيل الهروب من البيت إلى سوء المعاملة التي يتعرض لها الأبناء من قبل آبائهم، كالتعرض إلى العقاب الجسدي والمعنوي الشديد على حد سواء، كذلك التأديب الذي يلجأ إليه الأولياء في حالة ما إذا تحصل طفلهم على نتائج سلبية في الدراسة بتكبيله وضربه بشدة،ومثل هذا التصرف يترك بطبيعة الحال واقعا مريرا في نفسية الطفل، زيادة على تلك الضغوط النفسية التي يتكبدها الطفل في حالة غياب الحوار بينه وبين أبويه، وبذلك تبقى الاعتداءات الموجودة داخل الأسرة الناجمة عن النزاعات التي تؤدي في أغلب الحالات إلى فرار الطفل من ذلك الكابوس للعيش في الشارع، محملا بكل تلك الخلفيات التي تخنق حريته كالضغوط النفسية التي يتخبط فيها بسبب جهل بعض الآباء وعدم فهمهم لنفسية أولادهم زيادة على تدني المستوى المعيشي الذي يعد من أقوى الأسباب التي تدفع بهم إلى الاعتداء عليهم، وبالرغم من وجود قانون يعاقب المعتدي على الأصول بتسليط عقوبات مشددة عليه ، إلا أنه لم يحمِ لحد الآن الأبناء من عنف و عنجهية الآباء المسلطين على فلذات أكبدهم.