أكد رئيس جمعية اتحاد المهاجرين الجزائريين في اسبانيا أحمد برّاوي أن ظاهرة الحراقة أضحت خطيرة جدا من حيث تداعياتها السلبية المتزايدة على الجانبين الجزائري والإسباني، مبيّنا في حوار خاص ل "الشروق" عدم امتلاك القدرات الكافية حتى الآن لكشف مصير الحراقة نتيجة غياب الوثائق بحوزتهم، حيث يعمد هؤلاء "المغامرون الشباب" إلى عدم أخذ وثائق تثبت هويتهم قبل الهجرة وذلك حتى لا تعيدهم السلطات الإسبانية إلى بلدانهم عند القبض عليهم، كما يصعب تحديد هوية الحراقة أيضا في حالة غرقهم قبل الوصول إلى إسبانيا. إذ يلفظهم البحر جثثا مشوهة يستحيل التعرف على ملامحها الأساسية أحيانا، بالإضافة إلى مواجهة السلطات الجزائرية والإسبانية لمشكل آخر يتمثل في عزوف عائلات هؤلاء الحراقة عن التبليغ عن أبنائهم خوفا من متابعتهم قضائيا. وقال السيد برّاوي إن "الحراقة" مخطئون تماما حين يعتقدون أن الجنة ستكون بانتظارهم لحظة الوصول إلى إسبانيا، حيث غيّرت حكومة ثاباتيرو من تعاملاتها معهم منذ مدة، و"أصبحت إجراءاتها أكثر ردعية لوقف هؤلاء المغامرين الذين وصل عددهم خلال سنة 2006 إلى مئات الآلاف القادمين من شمال إفريقيا أو دول جنوب الصحراء باتجاه جزر الكناري ومدينة ألميريا خصوصا". وحول تحركات الجمعيات الممثلة لفئة المهاجرين الجزائريين بخصوص هذه الظاهرة، أكد براوي أنها تتم وفقا لما يتيحه القانون الداخلي الإسباني "إذ ليس ممكنا أن نواجه الإسبان في دولتهم وعلى حساب ما اتفقوا عليه من تشريع"، يقول براوي، مضيفا في ذات الصدد "أن المهاجرين الشرعيين، في حد ذاتهم، يعانون من مشاكل عويصة مثل تنامي العنصرية والتفرقة داخل الإدارات والهيئات العمومية، إضافة إلى تهميش اليد العاملة القادمة من شمال إفريقيا، مقابل جلبها من دول أوروبا الشرقية". أما الأزمة الأكثر إيلاما للمهاجرين العرب والمسلمين، فتتمثل - حسب المتحدث دوما - في "ملاحقة تهمة الإرهاب لهم، حيث تحوم حولهم الشكوك في كل مرة يحدث فيها تفجير أو محاولة للقيام بعمل تخريبي".. وبالعودة إلى تنامي ظاهرة الحراقة القادمين من الجزائر والمغرب تحديدا نحو ألميريا وإليكانت الإسبانيتين، لم يتوان رئيس اتحاد المهاجرين الجزائريين بالمملكة الساحلية في توجيه أصابع الاتهام نحو بعض الهيئات والجمعيات الممثلة للمهاجرين المغاربة، بالعمل على تفعيل هذه الظاهرة والتستر على خطورتها من خلال ما وصفه أحمد براوي ب "لوبي مغربي يسعى إلى تثبيت مواقعه في اسبانيا ورفع عدد المهاجرين بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة". وينطبق هذا الاتهام الصريح الموجه من طرف أحد أبرز ممثلي الجالية الجزائرية في اسبانيا مع تلك التقارير الأمنية التي نقلت بعض تفاصيلها وسائل الإعلام والقائلة إن هذا اللوبي المساعد على تهريب البشر من شمال إفريقيا نحو إسبانيا، توجد أهم مواقعه في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين من طرف اسبانيا، إذ سبق لهذه التقارير أن اتهمت عصابات محترفة في الحرقة بالمغرب أنها تقدم رشاوى مغربية لجنود إسبان في المدينتين المذكورتين مقابل تسهيل عملياتها وغض الطرف عن قوارب الموت الحاملة للحراقة. ونتيجة تزايد خطورة الظاهرة، دعا أحمد براوي في حديثه ل "الشروق اليومي" كافة الجهات المسؤولة المعنية إلى المساهمة في ندوة وطنية طارئة بغية بحث سبل وآليات تطويق الظاهرة، وعدّد هذه الجهات في أنها تتمثل خصوصا في عائلات الحراقة، رؤساء جمعيات، وسائل الإعلام، أحزاب سياسية.. وذلك كخطوة أولى تتبعها قرارات وتوصيات حتى وإن لم يساهم ذلك في وقف ظاهرة الحراقة بشكل نهائي، ختم السيد براوي كلامه: للإشارة، فإنه تم خلال السنة الفارطة، إحصاء 30 حراقا في عداد المفقودين، حسبما أشارت إليه جهات مسؤولة بحرس السواحل، علما أن البعض يرجح أن الرقم أكبر من ذلك بكثير بسبب عدم تبليغ العائلات عن أبنائهم وانتظارهم اتصالا هاتفيا منهم يخبرونهم بالقبض عليهم في اسبانيا أو تسليمهم للجزائر.. أو في أسوأ الحالات إخبارهم بالعثور عليهم جثثا هامدة مثل حوالي 42 حراقا لقوا حتفهم غرقا خلال السنة الفارطة. قادة بن عمار