ليس سهلا أن تلتقي بقائد من التنظيم الذي نفذ عملية إيلات النوعية، فكل عناصر سرايا القدس في دائرة الاستهداف الضيقة، والطيران الحربي والتجسسي لا يبرح الأجواء، لذلك فليس سهلا أبدا أن نكشف عن هوية الرجل، لكن "الشروق" استغلت حب رجال المقاومة للجزائر لتصل إلى هذا الحوار الأول من نوعه بعد العملية الاستشهادية في إيلات مع قائد من سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي. - عملية إيلات، ما هي أبعاد المكان والزمان والرسائل من خلف ذلك ؟ = هذا المكان لأول مرة يتمكن استشهادي فلسطيني من قطاع غزة بالتحديد من الوصول إليه وهذه المدينة تعتبر المدينة السياحية الأولى عند العدو الصهيوني ويجني من ورائها الآلاف أو ملايين الدولارات سنويا. نحن اخترنا هذا المكان لنرسل رسالة للعدو أن المقاومة الفلسطينية وبالتحديد سرايا القدس ومعها كتائب شهداء الأقصى قادرة على اختراق كافة الإجراءات الأمنية الوهمية التي يتذرع ويتبجح بها، هذه العملية جاءت لتعيد توازن الرعب الذي صنعته العمليات الاستشهادية، أما بالنسبة للزمان فهو مرتبط بالوضع الميداني أكثر منه بأوضاع سياسية محيطة بنا. هذه العملية استغرقت سبعة أشهر. لأنها معقدة جدا ولكن بحمد الله ومن ثم العقول في المقاومة التي نجحت في اختراق هذه الإجراءات والوصول إلى ايلات وأيضا أحببنا أن نوصل رسالة في هذا الوقت بالتحديد لجميع الفصائل المتناحرة على الساحة الفلسطينية أن العدو الفلسطيني هو العدو المركزي للشعب الفلسطيني لا يجوز أن يوجه سلاحه الفلسطيني إلى شقيقه الفلسطيني. - كيف اختارت سرايا القدس الشهيد محمد السكسك بالتحديد؟ = أولا، سرايا القدس وفصائل المقاومة لا تختار الاستشهادي بمحض إرادتها. الاستشهاديون يأتون إلينا وراء بعضهم البعض. نحن نحتار، ونتهم من قبل الاستشهاديين في بعض الأحيان بالتخاذل والانكسار من كثرة ما يأتينا من استشهاديين ولا نستطيع أن نرسلهم إلى أي مكان بسبب الحصار. الاستشهادي السكسك كان قبل أكثر من عامين يتمنى الشهادة وتوجه إلى بعض الفصائل الأخرى عندما عجزت سرايا القدس عن إرساله لتنفيذ عملية. - هل لديكم عمليات تختلف في السياق عن العمليات الاستشهادية؟ = نحن نعتقد أن الرد الأمثل على الاعتداءات الصهيونية هو العمليات الاستشهادية. العمليات الاستشهادية ابرز ما أنجزته المقاومة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة وهي التي أحدثت توازنا من الرعب مهما كان حجم السلاح الذي ستستخدمه لا يوجد كجسد الاستشهادي الذي يتفجر، وقالها رابين قبل ذلك: ماذا نفعل لشخص يريد أن يموت؟، هذا السلاح لا يوجد ما يقاومه على الإطلاق، لا رادارات ولا إطلاق للصواريخ من الجو، وسنستكمل باقي أساليب المقاومة مثل إطلاق الصواريخ وما شابه ذلك. - تطوير التجهيزات العسكرية للسرايا وخاصة الصواريخ، إلى أي مدى تم تطويرها؟ = نحن لدينا مفاجأة للعدو الصهيوني، ولكننا لم نستخدمها حتى الآن. سرايا القدس هي تملك صواريخ مزدوجة يصل مداها من عشرين واثنين وعشرين كيلو مترا، إذ تصل إلى شمال عسقلان وليس إلى جنوب عسقلان القريب منا، هذه الصواريخ استخدم واحد منها قبل أسبوعين، والعدو اعترف بوصوله إلى شمال عسقلان، إلى منطقة استراتيجيه لم يكشف عنها. هذه الصواريخ جربت ونجحت تماما، ولكن لن نستخدمها إلا في ظروف معينة، لأنها يمكن أن تحدث تحولا في الصراع، ويمكن أن تحدث ردود فعل عنيفة من العدو الصهيوني. - هل التصنيع فلسطيني فلسطيني 100٪؟ = نعم، التصنيع فلسطيني خالص، لا يوجد هناك استعانة بأحد غير الشباب المؤمن المجاهد في وحدة الهندسة التابعة لسرايا القدس ولكنهم يستعينون برسومات ومخططات هيكلية عن طريق الانترنت عن طريق صواريخ مصنعة عالميا كصواريخ الكاتيوشا أو صواريخ الأربي جي الروسية الصنع، يستخدمونها في تطوير الأسلحة المحلية وهذا انجاز كبير للمقاومة الفلسطينية من دون إمكانات، من دون مصانع كبيرة كالتي توجد عند كل العالم، يصنعون هذه الإمكانات التي أثرت كثيرا في العدو. - هل يتدرب شباب السرايا في إيران؟ = ليس لنا أي علاقة رسمية بأي نظام عربي أو إسلامي، نحن حتى الدعم نتلقاه من الصدقات ومن أموال الزكاة من أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل ومن بعض أبناء امتنا العربية والإسلامية. تدريباتنا في أماكن سرية لا يعرفها أحد ولا نكشف عنها. - إسرائيل تقول أن لدى سرايا القدس جيشا في غزة؟ = ليس لدينا جيش في غزة، لكن لدينا أكثر من سبعة آلاف مجاهد في القطاع، بعضهم مدرب جيد جدا ويستخدم أسلحة كالصواريخ، وعلى استخدام الأحزمة الناسفة، أما المعظم فهو ميداني يقومون بالمرابطة في الليل لصد الاجتياحات الصهيونية ويفجرون العبوات، هذا ليس جيشا ولكنه ينفذ سياسات الحركة وسياسات الشعب الفلسطيني أكثر من الجيش النظامي، لأننا نخوض حرب عصابات. - كيف تتعاملون مع التكنولوجيا التي كانت سببا في استهدافكم؟ = نحن ندرك، ولدينا خبرة واسعة أن التكنولوجيا التي نملك القليل منها مقابل التفوق الرهيب للعدو، إذا استخدمناها فنحن الخاسرون، ونحن نعتمد على حرب العصابات والحرب البدائية، وموضوع الاتصالات ألغي من قاموس سرايا القدس، من يريد إيصال رسالة يتم ذلك بالطريقة القديمة بالتبليغ الشخصي المباشر، لأن أجهزة الاتصالات مراقبة على طول الخط، فالعدو لديه تكنولوجيا هائلة لمراقبة الجميع، وكل العمليات التي أحبطت كان ذلك بسبب الاتصالات، نحن عدنا للحرب القديمة، حرب الوجه للوجه، واعتقد أننا سننتصر فيها بإذن الله تعالى. - كيف تراقبون دور المقاتلين في العراق؟ = نحن على طول الخط مع أي مقاومة أيا كانت حتى وان كان من يقف وراءها ليس مسلما مادامت ضد الكيان الصهيوني وضد أمريكا أو أي استعمار عالمي، نحن نؤيدها ليس من منطلق عقائدي ولكن من خلال موقف سياسي، المقاومة في العراق هي رديفة للمقاومة في فلسطين، من يقاوم الاحتلال في العراق يقاوم الاحتلال الصهيوني في فلسطين أيضا، وقد كان لنا دور، فقد أرسلت سرايا القدس في بداية الاحتلال عدة مئات من مجاهديها وهذا كان معلن في العراق، لكنهم تعرضوا لمشاكل كثيرة هناك. - أرسلتموهم من فلسطين، أم من الخارج؟ = من مجاهدينا في الخارج، واستشهد بعضهم ولم نكشف عنه لظروف أمنية معينة وانسحب الباقي من هناك. - علاقتكم عسكريا مع حزب الله؟ = علاقتنا طيبة مع حزب الله ونحن نؤيد هذا النهج المقاوم، لكن علاقتنا الأساسية مع الفصائل المقاومة في فلسطين، لدينا اتصالات معها كافة وليس لدينا تحرج من الاشتراك مع أي فصيل فلسطيني داخل فلسطين. - علاقتكم مع كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس؟ = علاقة جيدة جدا، لكن هناك ظروفا معينة يمرون بها هم، مثل دخول الحكومة والمجلس التشريعي، هناك توقف لبعض الوقت، ونحن مستعدون للعمل معهم في أي عملية إذا استعدوا هم لذلك. أجرى الحوار: مراسل "الشروق" في غزة، عامر أبو شباب