كثيرة هي الدعاوى القضائية التي رفعها لاعبو كرة القدم الجزائرية، قبل وبعد دخول عالم الاحتراف، ضد أندية من القسمين الأول والثاني، قصد استعادة حقوقهم المهضومة من بعض أشباه المسؤولين. وقد اتضح من خلال استطلاعنا لآراء بعض رجال القانون ورئيس المحكمة الرياضية الأستاذ فريد بن بلقاسم، بأن الأندية تخرق قوانين كرة القدم قبل احترافها، وتهضم حق اللاعبين حتى بعد تحولها إلى شركات ذات أسهم. ورغم أن اللاعبين هم الحلقة الأضعف، إلا أنهم يتحملون نسبة كبيرة من المسؤولية لتجاوزات تلك الأندية، وذلك بسبب جهلهم التام للقوانين العامة للرياضة وقانون العمل، وتهافتهم على العروض المغرية والشهرة. ويبدو بأن مقولة "القانون لا يحمي المغفلين" لا تنطبق على حالة هؤلاء اللاعبين، لأن تلك العقود التي يوقعونها تصبح غير شرعية، بسبب الحيل القانونية التي يتفطن لها ممثلوهم لدى المحكمة الرياضية. وأكد أحد رؤساء الأندية المحترفة، رفض ذكر اسمه، أن اللاعبين يتحملون جزءا من مسؤولية المشاكل التي يقعون فيها مع أنديتهم، مشيرا إلى أن مصلحة الضرائب تبلغ الفرق كل سنة بديونها المتراكمة بما فيها أموال تامين اللاعبين لدى صندوق الضمان الاجتماعي. وقال المتحدث باسم الأندية المحترف، إنه على اللاعبين أن يكونوا أذكياء ولا يوقعون على عقود بها موضوع فيها قيمة الراتب الشهري الكامل.
أبطل شرعية بعض العقود.. فريد بن بلقاسم رئيس المحكمة الرياضية "هناك أندية تقوم بتجاوزات قانونية خطيرة وأخرى تفرض بنودا مجنونة" كشف فريق بن بلقاسم، رئيس المحكمة الرياضية، بأن 95 من القضايا التي يعالجها، والخاصة بنزاعات بين لاعبي كرة القدم وأندية من الرابطتين الأول والثانية المحترفة. وقال بن بلقاسم للشروق، أن أساس جل القضايا التي يتم معالجتها على مستوى المحكمة الرياضية، هي المطالبة بحقوق اللاعبين، الذين يعاب عليهم جهلهم للقوانين ولحقوقهم. وعبر رئيس المحكمة الرياضية، عن دهشته لمدى خرق الأندية للقوانين" جل الملفات التي بحوزتنا، تأكد بأن الأندية من الرابطتين الأولى والثانية المحترفة، خرقت الدستور والقوانين، والميثاق الأولمبي وأخلاقيات الرياضة، وللأسف فإن تلك الأخطاء التي تتواجد في عقود اللاعبين، لم يتم دراستها على مستوى الرابطة." ويرى بن بلقاسم بأن جهل اللاعبين للقوانين، يتسبب في تضييع حقوقهم "كثير من اللاعبين ليس لديهم مستوى دراسي عال، ويوقعون على العقود دون دراستها، وما أدهشني كثيرا هو أن ناديا محترفا في الجزائر، وضع في بند في عقد أحد اللاعبين، يجبره على عدم الشكوى لدى الرابطة المحترفة ولا الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، ولا المحكمة الرياضية، ولا المحكمة المدنية، في حال حدوث أي مشكل بينه وبين النادي المرتبط به". وأوضح محدثنا، أن المحكمة تفصل دائما لصالح اللاعبين، رغم موافقتهم على الشروط والتوقيع عليها" قبل إصدار أي قرار، ندرس الملفات من كل الجوانب، وفي الحالات الذي ذكرناها سابقا، يمكن القول إن عقود اللاعبين التي تصلنا، غير صالحة وتعد باطلة من الناحية القانونية، لأن بنودها غير موضوعية، ولا علاقة لها بالقانون العام." ويتحمل المناجرة، جزءا من مسؤولية المشاكل التي يتخبط فيها العديد من اللاعبين، حسب بن بلقاسم "للأسف فإن بعض وكلاء اللاعبين، أيضا لا يعرفون القوانين، ولذلك يقعن في الخطأ".
مسيرون يربطون الراتب الشهري بالأهداف! الأخطاء التي يقع فيها اللاعبون ومسؤولو الأندية المحترفة كثيرة، ولكن أغربها حسب بن بلقاسم المحامي ورئيس المحكمة الرياضية الجزائرية، هي أن يتم اختراق القانون بطريقة غريبة" نعالج دائما قضايا عديدة، ولكن أغرب قضية وقعت بين يدينا، هي أن أحد الأندية المحلية ربط الراتب الشهري للاعب بتحقيق الأهداف الني سطرها الفريق، وهذا أمر خطير". وأضاف محدثنا: "قبل اعتماد الرواتب الشهرية، كانت الأندية تقدم منح الإمضاء بالتقسيط، حيث يستلم اللاعب الجزء الأول عند الإمضاء، والجزء الثاني خلال مرحلة الانتقالات الشتوية، وأما الجزء الثالث فمن الأندية من تسلمه مباشرة في موعده ومنها من تربطه بتحقيق الفريق لأهدافه، وهذا منطقي، وأما إن يحدد مصير الرواتب الشهرية بحصول الفريق على الألقاب أو احتلال أحد المراكز المتقدمة، فهذا أمر غير مقبول قانونيا".
كل النزاعات ستحل قبل نهاية مارس المقبل قال بن بلقاسم، إن المحكمة الرياضية تعمل بوتيرة سريعة، لحل كل القضايا المسجلة قبل سنة 2012" قبل نهاية شهر مارس المقبل، سننتهي من حل كل القضايا العالقة، ومنذ حلول السنة الجديدة، لم تصلنا قضايا جديدة" وأكد محدثنا بان القانون وخاصة نص المادة 35 / 10 من اللوائح الجديدة التي اعتمدت سنة 2009، تكفل كل حقوق كل لاعب" بعد إصدار الحكم في أي قضية، بمحكمة بئر مراد رايس يعطيها كاتب الضبط الصيغة التنفيذية، ليتم تبليغ الطرف المعني، وفي حالة عدم التزامه بالقرار، فان المحكمة تقوم بعملية الحجز، وفيما يخص الأندية التي تربط بعض الرواتب الشهرية للاعبيها بتحقيق الأهداف، فإننا نطبق المادة 90 / 11 من قانون العمل لنعيد الحق لصاحبه". وبرمجت المحكمة الرياضية ملتقى وطنيا قبل بضعة أشهر، بالمعهد الوطني لتكنولوجيات الرياضة، قصد توعية اللاعبين ومسؤولي الأندية حول العقود الاحترافية، وكيفية تحضيرها قانونيا، إلا أن جميع المدعوين تغيبوا، وكأن الأمر لا يعنيهم.
مراد بوطاجين محامٍ معتمد "60 لاعبا لم يكونوا مؤمنين وأشباه المسؤولين يستعملون حيلا قانونية تورطهم" قال مراد بوطاجين، المحامي المكلف بالدفاع لاعبين من الرابطتين الأولى والثانية، بأن بعض مسؤولي الأندية بالجزائر، يستغلون جهل اللاعبين للقوانين ولحقوقهم، من أجل التحايل عليهم في حال المطالبة بمستحقاتهم. وأوضح بوطاجين "الكارثة في عقود اللاعبين تكمن في الشق المالي، حيث يمنح بعض المسئولين صكوكا بدون رصيد للاعبين، وهذا الأمر يورطهم أمام العدالة، ويوجد صنف آخر من يستعمل الحيل القانونية، حيث يضعون الراتب الشهري الإجمالي في العقد، ويحذفون 35 بالمائة من ذلك الراتب، وعندما يسأل اللاعب عن سبب عدم استلامه لكامل مستحقاته، يبررون ذلك بدفع النسبة التي ذكرناها، إلى كل صندوق الضمان الاجتماعي، إضافة إلى ضريبة على الدخل الشهري ويقدرونها ب12 بالمائة، ما يعني بأن راتب اللاعب يكون منقوصا بنسبة 47 بالمائة." وأضاف محدثنا "الشيء الذي نسوه أشباه المسيرين، هو أن الفرق بعد تحولها إلى شركات ذات أسهم، أصبحت خاضعة للقانون الإداري والتجاري والمدني والجزائي، وعليه فإن العامل بالشركة واللاعب في هذه الحالة، يخصم من راتبه 7 بالمائة فقط، التي تتوجه نحو صندوق الضمان الاجتماعي، و12 بالمائة ضريبة على الدخل الشهري". وكشف بوطاجين بان الأندية التي كانت تخصم أجزاء كبيرة من رواتب اللاعبين، بحجة المساهمة في صندوق الضمان الاجتماعي، كله كذب" لدينا ملفات ل60 لاعبا وكل القضايا متشابهة، وكل واحد منهم تأكد بنفسه بأنه غير منخرط في صندوق الضمان الاجتماعي".
الرابطة المحترفة لا تتدخل في شؤون المحكمة لرياضية قال محفوظ قرباج رئيس الرابطة المحترفة، أن هيئته لا يمكنها التدخل عندما تصل القضايا إلى المحكمة الرياضية" نحن كرابطة محترفة، يمكننا التدخل عندما تصل القضايا إلى اللجنة النزاعات، ولكن عندما يتعلق الأمر بالمحكمة الرياضية، فان خارج عن نطاقنا."
سفيان مشري رئيس رائد القبة "كنا نؤمن اللاعبين لدى مؤسسات اقتصادية قبل الاحتراف ويجب خلق نظام جديد" صرح سفيان مشري، رئيس رائد القبة، بأنه بعد تحول الفرق الهاوية إلى أندية محترفة، أصبحت مجبرة على تأمين اللاعبين، لدى صندوق الضمان الاجتماعي. وقال مشري، بأنه منذ شهر أوت 2010 أعلنت، قامت إدارته بتأمين كل عامل في الفريق، لدى صندوق الضمان الاجتماعي. وأوضح محدثنا بأنه عندما كانت الأندية هاوية، كانت الرابطة تجبرهم على تأمين اللاعبين لدى شركات تأمين اقتصادية" وعليه فإنه في كل الأحوال فإن اللاعبين كانوا مؤمنين، ومسؤولية الفريق المدنية كانت مضمونة." وأضاف مشري "بعد دخول عالم الاحتراف، فإن النموذج الأول من عقود اللاعبين، أعدته الرابطة المحترفة، وبعض الأندية يمكنها تغيير بعض البنود فيه كقيمة العقد، ونحن في رائد القبة نقد للاعب كامل الراتب المذكور في العقد". ويرى مشري بأنه كان على مسؤولي الكرة في الجزائر، تنوير عقول اللاعبين بقوانين الاحتراف، لتفادي الدخول في متاهات قانونية." واسترسل محدثنا "يجب تأسيس نظام للضمان الاجتماعي، يكون خاصا بالأندية ولاعبي كرة القدم، لأن مشوار اللاعب ليس كمثله بالنسبة لأي موظف آخر، كما يتوجب وضع قانون يقلل من حركة اللاعبين الكثيرة بين الأندية ووضع حد أدنى للعقود". وكشف مشري، بأن صندوق الضمان الاجتماعي، وعد ببعض التسهيلات بخصوص تأمين اللاعبين، ولكن الأمر لم يفصل فيه نهائيا.