وضع أمس الفيلم الوثائقي "ثورة الجزائر.. التمزق"، حدا للنقاش الدائر منذ فترة داخل الأسرة الثورية والسياسية وحتى الفنية حول ضرورة إعادة كتابة التاريخ وضرورة قول ما لم يقل، وكشف المسكوت عنه ومدى حاجة الأجيال القادمة إلى روائع سينمائية وكتب تاريخية. كما شكل الفيلم الذي عرض أرشيف إدانة الجرائم الاستعمارية، لأول مرة، وعلى تلفزيون عمومي، صفعة مؤلمة للرئيس نيكولا ساركوزي، ساعات بعد اعلانه عن رفض الاعتذار للجزائر التي زعم بأنها ارتكبت "جرائم" في حق الحركى. وأعاد المؤرخ بنجامين سطورا والمخرج غبريال لوبامين وفريق عمل ضم أوروبيين من أصل جزائري وفرنسيين كتابة تاريخ الثورة الجزائرية بالصوت والصورة واستعمل أرشيفا يشاهد للمرة الأولى منه، ما يدين الاستعمار الفرنسي ويكشف جرائمه البشعة والوحشية وتنكيله بالعزل في القرى والمداشر. ومنها ما سلط الضوء على عمليات قام بها جيش التحرير الوطني وتفجيرات نفذها رفقاء ياسف سعدي، كما ركز الفيلم الوثائقي على مرحلة قدوم ديغول وما شهدته من أحداث بالتفصيل، من محاولة الانقلاب عليه إلى مجازر منظمة الجيش السري في فرنساوالجزائر. بث فيلم وثائقي يدين فرنسا الاستعمارية على قناة فرنسية رسمية يعد سابقة، ولكن محاولات المنشط إحراج علي هارون بالخوض في استعمال الجزائريين للعنف أيضا باءت بالفشل، واستطاع الثنائي بنجامين سطورا وعلي هارون تسيير الحصة بمنطق "التاريخ" لا بمنطق السياسة، ومن أهم تصريحات المحامي الجزائري أن جبهة التحرير الوطني توقفت بعد مؤتمر طرابلس، وأن مستقبل العلاقات بين الجزائروفرنسا لن يبنى مادام النقاش الجاد حول الماضي الاستعماري لم يثر بعد قائلا "لا يبنى أي مستقبل مع فرنسا انطلاقا من أكاذيب أو الصمت". هذا وهاجمت صحفية فرنسية من أصل جزائري ابنة حركي فرنسا ومسؤوليها بسبب الإهمال الذي عاشته وكل عائلات الحركى مباشرة بعد استقلال الجزائر. وصحفية وكاتبة فرنسية أخرى فقدت رجلها في انفجار قنبلة بمقهى وسط العاصمة، قدمت كتابها "رسالة إلى زهرة ظريف"، تسألها عن مبررات قتل المدنيين الفرنسيين إبان الاستعمار الفرنسي. النقاش فتح الباب لنقاشات أخرى كثيرة أهمها ضرورة اعتذار فرنسا عن جرائمها مثلما فعلت المانيا نزولا عند طلب من "فافا".