يعيش مرضى "الدرّاق" أو تورم الغدة الدرقية "GOITRE" بأقصى الجنوب، معاناة كبيرة ومأساة حقيقية بسبب مصاعب التنقل إلى الولايات الأخرى، بحثا عن مخابر لإجراء التحاليل الخاصة بهذا النوع من المرض، في ظل افتقار المستشفيات العمومية بولايات أقصى الجنوب لمخابر إجراء التحاليل المطلوبة. وحتى على مستوى عاصمة الجنوب ورڤلة لا تجرى هذه التحاليل إلا بالمخابر الخاصة لأسباب تبقى مجهولة، وهو ما يدعو حسب الكثير من المرضى إلى التساؤل عن الأسباب التي تجعل المريض يقطع مئات الكيلومترات بسبب افتقار أغلب مستشفيات أقصى الجنوب إلى الأطباء الاختصاصيين في الغدد لمتابعة حالات المرضى، وهو ما ساهم في تنامي المرض الذي لا يتم اكتشافه في أغلب الحالات، إلا في مراحل متقدمة، فضلا عن ذلك يتطلب إجراء التحاليل التنقل لآلاف الكيلومترات، كما هو الشأن بالنسبة لسكان ولايتي إليزي وتمنراست، رغم أن هذا النوع من التحاليل لا يتطلب حسب اختصاصيين سوى أجهزة تحليل متواضعة، بدليل توفرها على مستوى العيادات الخاصة بالعديد من الولايات، لكن تبقى التحاليل بعيدة عن متناول الفئات الفقيرة. وما يكرس معاناة المصابين من مرض ما يعرف ب "القواطر" المتابعة الدورية المطلوبة من طرف اختصاصي أمراض الغدد، والتي تكون في فترات لا تتجاوز في الغالب ثلاثة أشهر، فيما يضطر عدد كبير من المرضى المصابين بنقص عنصر اليود، والذي يشكل نوع من اضطرابات الغدة الدرقية، والذين خضعوا في الغالب لعمليات جراحية إلى الالتزام بعملية إعطاء هذا العنصر الكيماوي على مستوى مصالح متخصصة بمستشفيات العاصمة أو في حالات أخرى التنقل إلى المدن الكبرى بشرق وغرب البلاد. وتبقى حالات العلاج بين ثلاثة إلى ستة أشهر حسب حالة المصاب، مثلما هو حال مئات المرضى في الوقت الراهن، ويرجع مختصون الإصابة بهذا المرض إلى اضطراب في إفرازات الغدة الدرقية لهرمون "الثايرويد"، من حيث النقص أو الزيادة في الإفراز وهو على نوعين، الثايروكسين أو T4 ويعتبر الهرمون الرئيسي، وهرمون يسمى ثالث يود الثيرونين أوT3، حيث تلعب هذه الهرمونات تأثيرات فسيولوجية بعملها على زيادة تركيب البروتين في جميع أنسجة الجسم تقريبًا، ناهيك عن زيادة استهلاك الأكسجين بشكل رئيسي في الأنسجة المسؤولة على الاستهلاك الأساسي للأكسجين مثل الكبد، والكلى، والقلب، العضلات، فيما تساهم عدة عوامل في ظهور الإصابة أهمها اختلال في النظام المناعي، وقد يعود السبب إلى نوعية ملح الطعام المستهلك وغير المعالج باليود، خصوصا وأن هذا النوع من الملح المغشوش يعرف انتشارا واسعا في المحلات التجارية بالجهة، لكن رغم العدد الكبير والمتزايد للمصابين بهذا المرض، والذي يمنع على المصابين به من النساء حتى الحمل في بعض الحالات، إلا أن التدابير الخاصة بدعم نقل المرضى بولايات الجنوب المطبقة من طرف الحكومة من خلال مديريات النشاط الاجتماعي لا تتضمن نقل المصابين بهذا المرض على غرار بعض الأمراض المعنية بمجانية نقل المرضى نحو الشمال.