منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، لم يتوان النظام السوري عن قمعها بكل الأشكال ليبقى في السلطة، بعد موجة من الثورات في المنطقة عرفت باسم "الربيع العربي". في البدء طاردت قوات النظام و"الشبيحة"، المعارضين في الشوارع ولجأوا إلى الضرب والاعتقالات لتفريق المظاهرات، ومن ثم استخدموا الأسلحة التقليدية (غازات مسيلة للدموع، هراوات، إطلاق أعيرة نارية) ولاحقاً مع عسكرة "الثورة السورية"، استخدم النظام الدبابات والطائرات والصواريخ والبراميل المتفجرة، وصولاً إلى استخدام الغازات السامة والأسلحة الكيماوية للمرة الأولى في 2013. كان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، قد وضع خطاً أحمر لنظام الرئيس السوري بشار الأسد عام 2012، وهو عدم استخدام الأسلحة الكيماوية، لكنه فعلها وشن هجوماً كيماوياً في الغوطة الشرقية قرب دمشق في 21 أوت 2013 وتجاوز بذلك "خط أوباما الأحمر" ولم يبال بالتحذيرات. وأسفر الهجوم عن مقتل المئات أغلبهم من الأطفال. بعد ذلك توصّلت أمريكاوروسيا إلى اتفاق سلّم النظام السوري بموجبه كميات كبيرة من مخزونه الكيميائي، لكن في يوم الثلاثاء 4 أفريل 2017، استهدف النظام بلدة خان شيخون في محافظة إدلب شمال غرب البلاد بأسلحة كيماوية، مما تسبب في مقتل حوالي 100 شخص، مما أثار تنديداً واسعاً من الدول الغربية. وفي فجر السابع من أفريل 2017، أطلقت الولاياتالمتحدةالأمريكية بأمر من الرئيس دونالد ترامب 59 صاروخاً من نوع توماهوك باتجاه قاعدة عسكرية تابعة للنظام السوري تقع في منطقة الشعيرات في محافظة حمص، رداً على هجوم خان شيخون. وفي نفس اليوم من العام الحالي، السبت 7 أفريل 2018، وقع هجوم كيماوي في بلدة دوما في الغوطة الشرقية أسفر عن مقتل العشرات. وأثارت الصور التي وردت الصدمة مجدداً. وعبرت العديد من الدول الغربية عن إدانتها ورغبتها في الوقوف على تفاصيله. وفيما قالت واشنطن، إن التقارير إذا تأكدت ستتطلب رداً دولياً فورياً، استمرت روسيا في إنكارها ونفيها لهذه الاتهامات، مواصلة بذلك دفاعها عن نظام تسبب بمقتل وتشريد الملايين من شعبه منذ مارس 2011. وعلى الرغم من أن عدة لجان تحقيق أممية أكدت غير مرة أن النظام السوري يقف وراء هجمات كيماوية بداية من عام 2013 في الغوطة، وأخرى في 2014 و2015، وفي خان شيخون في أفريل 2017، إلا أن المجتمع الدولي ما زال يقف متفرجاً ومتقاعساً عن أداء دوره الأخلاقي تجاه مأساة الشعب السوري. وكان محققو جرائم الحرب التابعون للأمم المتحدة وثقوا في السابق 33 هجوماً كيماوياً في سوريا ونسبت 27 منها إلى النظام السوري. استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية لم يلق ردوداً دولية رادعة، حيث دأبت هذه الدول على تكرار الاستنكار والشجب مع معرفتها بخطورة الجريمة وبمنفذها الحقيقي، الذي يفلت من العقاب منذ سبع سنوات على الرغم من انتهاكاته ومجازره المتكررة.