يبدو أن الربيع العربي أفرز أوضاعا ثقافية واجتماعية لم تخطر على بال، ومنها فوضى الانتاج والنشر، كما يحدث حاليا مع السيدة وردة الجزائرية، حيث ظهرت بعد أيام قليلة من وفاتها، خاصة في لبنان ومصر وتونس والخليج العربي، كتب كثيرة تنتج كالفطريات من دون رقابة، كتب بعضها الناس زعموا أنهم عرفوا الفنانة عن قرب، وقالوا إنها منحتهم أسرارها من دون صور، رغم أن أسماءهم نكِرة في عالَمي الفن والصحافة. وكثير من هؤلاء استعمل أسماء مستعارة، مثل عبد المقصود الوافي، ومارسيل العسلي، ناهيك عن الآلاف من المقالات والصور المركبة على مواقع الانترنت، التي طالت سيرة أميرة الطرب العربي، خاصة أن الذين بإمكانهم تكذيب هاته الادعاءات قليلون، لأن الذين تعاملت معهم وردة من عمالقة اللحن والكلمة وعايشتهم كأصدقاء قضوا نحبهم، مثل الموجي وبليغ وكمال الطويل وعبد الوهاب والشعراء عبد الوهاب محمد ومحمد حمزة، والذين ينتظرون لم يتعاملوا كثيرا مع وردة الجزائرية، مثل حلمي بكر وصلاح الشرنوبي، وهم لا يعرفون إلا القليل من حياتها، لأن الحياة الفنية الحقيقية والشخصية هي التي عاشتها وردة الجزائرية قبل طلاقها من بليغ حمدي في أواخر سبعينيات القرن الماضي، حيث حفلت بالأحداث الكبرى في السياسة وحروب العرب مع إسرائيل، ومنها تعرفها على أباطرة الطرب العربي مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب والسيدة فيروز، وخاصة العندليب الأسمر، ورغم أن وردة خاضت بالتفصيل غير الممل في علاقتها مع عبد الحليم حافظ، التي لم تتعد المنافسة على الريادة، وخاصة على ألحان بليغ حمدي، كما أقر بذلك العندليب الأسمر في مذكراته. إلا أن أحد الكتاب قال إن وردة هي من نسفت العلاقة بين عبد الحليم حافظ وسعاد حسني وحتى مع شادية، ونسفت أيضا مشروع زواج في بداية الثمانيات بين ميادة الحناوي وبليغ حمدي، بينما رأى كاتب أن عبد الحليم حافظ، أحب وردة في السر والكتمان، وعندما علم بأن بليغ حمدي هو من تزوجها كتم الحب في أعماقه، ولكنه بعد ذلك حوله إلى غيرة وأحقاد، وتمكن من أن يرد على وردة التي انتقدت حضوره الدائم في بيتها الزوجي بأغنية أولاد الحلال، التي يقول أحد مقاطعها .. "كل يوم قاعدين في بيتنا يطلعوا يجيبو في سيرتنا ناس ما بتحبش راحتنا". وشهدت تونس أيضا ظهور كتيبات، واضح أنها كتبت في يوم وليلة، ومنها من تحدثت عن علاقة صداقة قوية ومنحتها أبعادا تجارية بين السيدة وردة وزوجة بن على ليلى طرابلسي، وواضح أن هذه الكتب ذات أهداف تجارية، لأن ما يقال عن وردة في هذه الأيام مطلوب، خاصة إذا تعلق بحياتها الخاصة، وسط فوضى الإنتاج، وأيضا صمت أقارب الفنانة الراحلة وابنيها.