أحدثت لسعات الناموس الغريبة والخطيرة هلعا وذُعرا بين المواطنين، خاصة بعد ورود أخبار عن إجهاض حامل لجنينها بالعاصمة، إثر تعرضها للسعات تسببت في ظهور انتفاخات وحمى وقيء، ورغم التحذير المتكرر، التزمت غالبية بلديات الوطن الصمت إزاء ما يحصل، فلحدِّ الساعة لم نشاهد حملات رش واسعة لمبيدات الحشرات، في وقت تعرف دعوة وزارة الداخلية لتنظيف المُحيط تجاوبا ضعيفا من رؤساء البلديات. لا يزال النّاموس "المسموم" ومثله ناموس النمر، يطيح بالكثير من الضحايا، والدليل التهافت اليومي على مصالح الاستعجالات بالمستشفيات ومراكز الصّحة الجوارية وحتى الصيدليات. توافد على مراكز الصحة الجوارية بسبب لسعات البعوض ففي مركز الصحة الجوارية ببن عمر بالقبة، التقينا بالكثير من الحالات لمواطنين تعرضوا للسع، منها شابة في الثلاثين من عمرها تقطن بحي بانوراما بالقبة، أكدت تعرضها لثلاث لسعات دفعة واحدة أسفل كاحل قدمها، عندما كانت جالسة مع أطفالها في حديقة عمومية، ولأنها حكّت مكان اللسع وبشدة، انتفخت رجلها في ظرف ثواني وظهرت عليها علامات حمراء، بتوجهها لمركز الصحة الجوارية وصفت لها الطبيبة مضاد الحساسية "تلفاست" ومرهم "ايراكس" لإزالة الحكة. والخطير أن مكان اللسعة يترك أثارا وتشوهات في الجلد حتى بعد شفائه، وفي هذا أكدت لنا كريمة موظفة في شركة خاصة بالقبة، عن تعرضها صيف العام المنصرم للًسعات نامُوس في قدمها، وبعد شُربها دواء الحساسية ووضع المراهم شُفيت رجلها بعد أسبوع، لكن أثار اللّسعة لا تزال إلى اليوم، ولسوء حظها تعرّضت للسع مُجدّدا هذه السّنة، وفي المكان نفسه، ما جعلها تُعلق متحسرة "رجلي تشوّهت ما يضطرني للبس جوارب في عزّ الصيف لحماية ما تبقّى منها". الناموس لا يقتله المُبيد.. وعلينا محاربته ابتداء من فيفري واعتبر المختص في الصحة العمومية، الدكتور فتحي بن أشنهو، أنه لا يجب التهوين من موضوع الناموس وتجاهله، لأن الأمر خطير جدا، حيث أكد في اتصال مع "الشروق" أن الجزائر في سنوات خلت كانت رائدة في مجال مكافحة البعوض ودراسة تطوره، وهي المهمة التي تولاها معهد باستور الجزائر. لأن "البعوض حشرة خطيرة جدا، فهي الناقل الرئيسي لمرض الملاريا أو الحمى البيضاء والذي صنفته منظمة الصحة العالمية مرضا أخطر من فيروس السيدا، بعد قتله ملايين البشر في إفريقيا"، والناموس خطير لأنه يتغذى بالدم، وهو ما يُوفر بيئة حاضنة للفيروسات المنتشرة في الدم، فتُنقل عبر البعوض إلى البشر. وأسباب انتشار البعوض في الجزائر رغم محاربته، هو برك المياه المتجمعة والراكدة، الموجودة تحت العمارات وفي الأقبية، وحدائق المنازل وأصص النباتات، والمياه العفنة المتدفقة من النفايات، وفي الدماء المنتشرة أمام القصّابات، فهذه الأماكن تعتبر بيئة مناسبة تضع فيها البعوضة بيضها. ولمُحاربة نمو البعوض، يؤكد بن أشنهو يجب أن تبدأ الحملات من شهري فيفري ومارس وقت وضع البيْض، وليس في أشهر الصيف. على مرضى السكري أخذ الحيطة من البعوض والخطير حسبه أن المبيد الذي يضعه المواطنون أو السلطات المحلية يقضي على نسبة قليلة فقط من هذه الحشرة، والتي تُعتبر مقاومة جدا ولا تموت بسهولة "فهي لم تتأثّر حتى بالإشعاعات النووية في تجارب أقيمت عليها"، والحلّ الفعال هو في تجفيف المياه الراكدة ورفع النفايات يوميا، والاستعانة بالشبابيك و"الناموسيات" التي تمنع البعوض من دخول المنازل. في وقت يعتبر ناموس النمر من أخطر الأنواع لأنه ينقل مرض الدنج والشِيكُونْغُونْيا (نَوعٌ مِنَ الحُمِّيَّاتِ النَّزْفِيَّة) وهو خطير جدا، وعليه يدعو محدثنا تجند الجميع "من سلطات محلية ومواطنين، وخاصة مكاتب النظافة البلدية، والتي لابد أن يكون عملها ميدانيا وأن يخضع أفرادها لتكوين في طريقة مكافحة الحشرات". ويحذر بن اشنهو المتعرضين للسع، خاصة مرضى السّكري المعرضين بسهولة لتعفن مكان الجُرح، بأخذ الحيطة والحذر، وكما على المواطنين تقليم أظافرهم لتجنب ظهور جروح عند الحك، مع ضرورة وجود مطهر كحولي للجروح في كل منزل.