يعيش سكان العاصمة وبعض الولايات حالة استنفار كبيرة، بعد تزايد حالات الإصابة بلسعات غريبة لناموس أطلقت عليه تسمية "الناموس النمر"، أدخلت البعض المستشفيات، بعد إصابتهم بميكروب، نتج عنه انتفاخ مكان اللسع مصحوبا بحمى وحكة شديدتين وحتى اسهال وتعب، فيما وصف الأطباء لآخرين لقاحا وهو عبارة عن حقنة مضادة للالتهاب. فيما يستبعد مختصون آخرون أن يكون الأمر متعلقا بالبعوض، بل هو مرض غريب، خاصة وأن مكان اللسعة متشابه لدى المرضى، حيث يصيب القدمين فقط وبالتحديد عظم الكعبيْن. تفاوتت تفسيرات الأطباء والمختصين بشأن لسعات الحشرات التي تعرض لها كثير من المواطنين عبر مختلف الولايات خلال الصائفة، وتسببت لهم في مضاعفات مشابهة لأعراض الإصابة بالتهاب، وفيما أرجع بعض الأطباء الأمر، لوجود ذباب مسموم تكاثر بسبب الاستقرار في ارتفاع درجات الحرارة، خاصة خلال فصل الخريف، أرجعها آخرون لظهور نوع من الناموس يطلق عليه تسمية "الناموس النمر" بسبب أرجله المرقطة مثل جلد النمر، وهذا النوع من الناموس تكاثر بسبب النفايات المنتشرة في كل مكان، والمياه القذرة والراكدة المتجمعة في الحدائق وقبو العمارات والوديان.
معهد باستور: الجزائريون لا يملكون مناعة ضد هذه البعوضة أكد المختص في البيولوجيا بمعهد باستور، الدكتور سعيد بويدي، أن ما يتعرض له المواطنون مؤخرا من لسعات تسببت في تسجيل حالات التهاب، فيتعلق الأمر ببعوض النمر، والذي دخل الجزائر انطلاقا من ولاية وهران في عام 2005 قادما إليها من فرنسا. ناموس النمر، لم تعرفه الجزائر من قبل، وهو ما صعب عملية التعرف عليه. كما أن جسدنا لا يملك مناعة ضده. وسبب الانتشار الكبير لهذه الحشرة خلال الصائفة، هو انتشار المياه الراكدة والمتجمعة بالحدائق والأقبية، وعدم رفع الفضلات، مع ترك حاويات القمامة دون تنظيف بعد رفع القمامة. وهو ما جعل المختص، يحذر المواطنين من ترك مياه متجمعة أمام المنازل، وحتى في أصص النباتات المنزلية. ومعروف عن هذه البعوضة، يقول الذكتور بويدي "أنها تلسع ليلا ونهارا باحثة عن الدم"، وهو ما يجعلها من ناقلات الأمراض والفيروسات، فبعوضة النمر قد تنقل مرض حمى الضنك، والتي تعتبر مرضا فيروسيا، وتنتقل من شخص لآخر عن طريق لدغ الحشرات لجسم الإنسان، وقد تؤدّي الإصابة بهذه الحمّى إلى الوفاة في بعض الحالات وتظهر أعراضها بعد مرور ثلاث إلى ستّة أيام من لدغة البعوضة الحاملة للفيروس. ومن أعراض حمّى الضنك ارتفاع على درجة حرارة الجسم، آلام الرأس والصداع الشديد. ظهور الطفح الجلديّ. الشعور بآلام في عضلات ومفاصل الجسم. الإحساس بأوجاع خلف منطقة العيون. التقيؤ والغثيان. ولكن يؤكد المختص، ان هذه الحالات نادرة الحدوث ومع ذلك علينا بالحذر والوقاية. وينصح المصابين بلسعات البعوض، إلى تجنب الحكة لتجنب إحداث ثغرات أو فتحات في الجلد، قد تمر عبرها الجراثيم وتؤدي الى تعفن المكان، "بل علينا غسل المنطقة بالكحول أو الخل".
طوارئ في المراكز الصحية ومراهم الالتهاب تنفد من الصيدليات.. "الشروق" تجولت بين بعض صيدليات العاصمة للإطلاع على الموضوع عن قرب، فتفاجأنا بالعدد الكبير للمصابين، لدرجة أن مرهميْ "زيتا" المضاد للالتهاب و"ايراكس" ضد الحكة، نفدا خلال أيام فقط من احدى صيدليات بانوراما بالقبة، وأكدت لنا صاحبتها التي كانت بدورها مصابة بلسعات كثيرة على مستوى الخد تجهل سببها، أنها استقبلت عددا كبيرا من المرضى مؤخرا، جميعهم مصابون بلسعات بعوض، فكانت تعطيهم مرهما مضادا للحكة والالتهاب، وسائلا مطهرا، فيما تنصح الذين تطورت وضعيتهم لزيارة الطبيب. فيما استنجدت بعض العائلات بخواص لرش منازلهم بالمبيدات التي تقضي على الحشرات، وتكلف عملية تطهير منزل واحد 1000 دج. وفي الموضوع، أكدت رئيسة مصلحة بمركز الصحة الجوارية بالقبة، الدكتورة زايدي ل"الشروق"، عن استقبالها يوميا بين 4 و5 حالات لأشخاص مصابين بلسعات غريبة، لم يتبين مصدرها بعدُ، وأنها تصف لهم مراهم، وفي حال تطور الإصابة، خاصة لمرضى الحساسية، فتصف لهم حقنا مضادة للالتهاب. وأكدت لنا المتحدثة، اعلامها المصالح البلدية بموضوع تسجيل حالات عديدة لإصابات بلسعات البعوض. كما سمعنا عن تسجيل حالات مشابهة ببعض ولايات الوطن، على غرار عين الدفلى والبليدة والبويرة.
استنفار وسط أطباء مكتب الصحة والتطهير ببلدية القبة اتصلنا بنائب رئيس بلدية القبة، أوبرهوم، لمعرفة تحركاتهم بعد تسجيل غالبية الإصابات بتراب هذه البلدية، فأكد لنا المتحدث، أن مكتب الصحة والتطهير على مستوى البلدية تحرك مباشرة بعد تسجيل حالات كثيرة للإصابة، حيث تنقل الأطباء إلى الأحياء، للإطلاع عن قرب على الموضوع، خاصة بأحياء بن عمر ولابروفال، كما راسلت البلدية المؤسسة الولائية المختصة بالقضاء على الحشرات "ايربال"، والأخيرة باشرت عملها عن طريق الخروج لمختلف الأحياء ورش المبيدات، ومعاينة وضعية المياه الرّاكدة والمتجمعة. فيما وجهت تعليمات للمواطنين الذين يمتلكون آبارا تقليدية وآبارا مجهزة بالمضخات وخزانات المياه، بالتوجه نحو مكاتب التطيهر للإطلاع على كيفية علاج مياههم، لتفادي الأمراض المتنقلة عن طريق المياه، ولوجود شكوك بانتشار البعوض بسبب المياه الراكدة أو المتجمعة. وتأسف أوبرهوم، لنزع صلاحيات رشّ المبيد وتطهير الأحياء من البلديات وتوجيهها للمؤسسات الولائية بالعاصمة، حيث قال "عند ظهور أي مشكل تتحمل البلدية النصيب الأكبر من اللوم من طرف المواطنين، في وقت أنها لا تملك صلاحيات كثيرة".
بلديتا القبة وحسين داي بالعاصمة الأكثر تضررا تعتبر بلدات حسين داي والقبة وجسر قسنطينة، اكثر بلديات العاصمة التي تعرض ساكنوها للّسعات الغريبة... فبمؤسسة خاصة بالقبة، أصيب أكثر من 10 موظفين دفعة واحد بلسعات الناموس، غالبيتها تمركزت في أقدامهم، وبعض المصابين تفاقمت حالتهم بعد ظهور أعراض الحمى الشديدة والانتفاخ والإسهال، ما اضطرّهم للدخول في عطلة مرضية وخضوعهم للحقن ضد الالتهاب. وتصاحب مكان اللسعة حكة شديدة تزيد حدتها ليلا، وتستمرّ حتى بعد الشّفاء مع تركها ندوبا دائمة.