استبعد محللون إسرائيليون، الاثنين، أن تكون إحدى منظمات المعارضة المسلحة السورية وراء اغتيال العالم السوري، الدكتور عزيز أسبر، الأحد. وألمح هؤلاء المحللون إلى أن الموساد الإسرائيلي هو الذي يقف وراء عملية الاغتيال هذه. وتبين من التحليلات أن بحوزة إسرائيل معلومات كثيرة عن أسبر، وعن المركز الذي كان يعمل فيه. ووفقا لمحلل الشؤون الاستخبارية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رونين برغمان، فإن أسبر كان يعمل في "مركز الأبحاث والدراسات العلمية" الذي تأسس عام 1971، وأن الاستخبارات الأميركية والفرنسية اكتشفت أن هذا المركز هو منشأة أمنية سورية، لصنع أسلحة كيميائية وتخزينها، ودمر النظام قسما كبيرا منها، في أعقاب التهديد الأميركي، في عام 2013، إثر استخدام الأسلحة الكيميائية بالغوطة الشرقية في أوت 2013. وكان يعمل في منشآت المركز، قرب دمشق وقرب حمص وفي المصياف، حيث تصنع هذه الأسلحة وتُخزُّن صواريخ "سكود"، قرابة 10 آلاف شخص، حسب برغمان. وأضاف برغمان، وهو ما ذكره أيضا المحللُ العسكري في صحيفة "معاريف"، يوءاف ليمور، أن أسبر نجا من عدة محاولات اغتيال، من بينها قصف إسرائيلي لمنشآت المركز المذكورة أعلاه. ولفت برغمان إلى أن "الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تبذل جهدا في محاولة فهم حجم أنشطة إيران وحزب الله في سورية بهدف العثور على مراكز هذه الأنشطة وتدميرها"، مثلما حدث في مئات الغارات الإسرائيلية في الأراضي السورية في السنوات الماضية. وكان الطيران الحربي الإسرائيلي قصف المنشأة في المصياف، الشهر الماضي. وكتب برغمان أنه "خلال مراقبة المشروع في المصياف، ظهر اسم أسبر، المعروف لإسرائيل منذ سنوات طويلة. ويعتبر أسبر كمن هو في واجهة التنسيق بين سورياوإيران وحزب الله. وقد جاء من خلفية علمية لكنه أصبح شخصية هامة في إدارة مشروع تطوير الأسلحة في سوريا. وكانت لدى إسرائيل كافة الأسباب لأن ترغب برؤية موته". وتابع أن "هذا الاغتيال المنسوب إلى إسرائيل ينقل أيضا رسالة واضحة مفادها أن العلماء، وليس المنشآت فقط، هم أهدافٌ للاغتيال. والعملية الأخيرة ضد أسبر، على ما يبدو، جاءت بعد سلسلة عمليات ضد علماء منسوبة إلى إسرائيل"، في إشارة إلى اغتيال الموساد علماء إيرانيين في المشروع النووي والعالمين الفلسطينيين محمد الزواري وفادي البطش بادعاء تطويرها صواريخ وطائرات مسيَّرة، إضافة إلى اختطاف المهندس الكهربائي الفلسطيني ضرار السيسي من أوكرانيا إلى إسرائيل. وحسب برغمان، فإن إسرائيل حذرت أفراد وحدة سرية تابعة إلى حماس وتعمل في مجال تطوير الأسلحة، ومررت تحذيرات إليهم بواسطة أقاربهم، وحتى إن مصر شاركت في هذا "المجهود" الإسرائيلي، حيث اعتقلت أحد أفراد هذه الوحدة عندما كان عائدا إلى قطاع غزة، وأنه يحاكم في مصر "بسبب عضويته في الذراع العسكري لحماس". واقتبس برغمان مقولة لرئيس الموساد الأسبق، مئير داغان، بأنه "في السيارة العادية 25 ألف قطعة. ويكفي أن تتيقن من أن الشركة التي تصنعها لا يمكنها الحصول على عددٍ قليل منها، ليس كلها، وعندها السيارة لن تسير. من جهة ثانية، فإن الأمر الأكثر فاعلية أحيانا هو قتل السائق وبذلك ينتهي الأمر". من جانبه، أشار ليمور إلى أن إسرائيل "تنتهز فرصة" المرحلة الأخيرة من الحرب الدائرة في سوريا كي تشن عمليات اغتيال وقصف مواقع، وأنه "منذ اللحظة التي تُسمع فيها صافرة انتهاء الحرب، في وقتٍ ما قريبا، سيكون كل شيء معقدا، من الغارات وحتى الاغتيالات". وشدد ليمور أيضا على أن إسرائيل تقف وراء اغتيال أسبر، معتبرا أنه "على الأرجح أنَّ نهاية الحرب هي الخلفية لاغتيال عالم الصواريخ السوري عزيز أسبر". وأضاف أن "عمليات كهذه مقرونة بقدرات عملانية واستخبارية إلى جانب قرار حول الاحتمالات والمخاطر. ويستغرق الجانب الاستخباري وقتا… والجانب التنفيذي، المكمل، أبسط بوجود المعلومات الاستخبارية، وبالتأكيد بسبب وفرة الأسلحة والنشطاء الذين يتجولون حاليا في سوريا ويبحثون عن الإثارة". واستبعد وقوف منظمات معارضة محلية سورية وراء الاغتيال "لا تُبقي منظمات المتمردين أثرا وراءها وكانوا سيعملون دون تردد، ولكن على الرغم من تبنيهم المسؤولية (عن الاغتيال)، إلا أن ثمة شكّا فيما إذا كانوا يقفون وراء الاغتيال، وليس لأنهم يمتنعون عن اغتيال مسؤول سوري. فأسبر ليس هدفا جذابا بالنسبة إليهم ولا يستحق الجُهد، وخصوصا ليس في المرحلة التي يحاربون فيه على نسبة الأكسجين الأخيرة لهم". وأوضح ليمور أن "الأرجح هو أن نشاط أسبر أثار اهتمام آخرين. فهو عالم صواريخ رفيع، رقم 3 في صناعة الأسلحة السورية، مقرب جدا من الأسد، وهو في مركز محور السلاح إيران- سوريا- حزب الله. وهذا المحور موجود، في السنوات الأخيرة، في مركز اهتمام إسرائيل حول تسلح حزب الله، وحول مجهود إقامة وتسليح ميليشيات إيرانية في سوريا في السنة الأخيرة. أسبر كان مسؤولا عن صنع الصواريخ في الأراضي السورية، ووفقا لتقارير أجنبية عمل مؤخرا في إعداد مركبات تسمح بصنع صواريخ في الأراضي اللبنانية. وهذا أمرٌ مصيري بالنسبة إلى إسرائيل". وتابع ليمور أن "إخراج أسبر من اللعبة لن يوقف العملية (صناعة الأسلحة)، لكنه بالتأكيد يعقدها بالنسبة إلى إيران وحزب الله، لأنه لم يكن يجمع الخبرة فقط وإنما رجُلهم المخلص، وسيستغرق وقتا حتى يأتي بديلٌ له. ونادرة هي الحالات التي يغيّر فيها اغتيال الصورة العامة، لكن في حرب ظِلال كهذه، أي تأخير لدى الجانب الآخر وأي تخوف من جواسيس داخليين وأي فشل بالتسلح يبعد التهديد، وبالتالي يبعد الحرب القادمة".