الأرقام التي تفضل بها موقع "ترانسفير ماركت العالمي"، الذي يهتم باقتصاد الكرة وما يُنفق عليها من مال، وضع الدوري الجزائري في المركز الرابع إفريقيا بعد جنوب إفريقيا ومصر والمغرب، ومتفوق في الإنفاق المالي طبعا على تونس حيث ينفق الدوري الجزائري أكثر من 92 مليون أورو ونصف في السنة أي قرابة 2000 مليار سنتيم بالعملة الجزائرية، بينما لا يزيد إنفاق التونسيين على الدوري المحلي على أكثر من 84 مليون أورو. طبعا هذا الموقع العالمي المختص تعامل مع الأرقام التي تصله كما هي، ولم يتطرق إلى تبييض الأموال والأرقام غير المعلنة والمرتبات الحقيقية للاعبين والمدربين، وكلنا نعرف ما يحدث في الدوري الجزائري من تلاعبات ومع ذلك، ولو صدقنا الأرقام فإن السؤال المحيّر: لماذا يحترف اللاعبون الجزائريون والكثير منهم من النجوم الكبار في تونس، ولا يحترف نجوم تونس أو حتى لاعبوها العاديين في الجزائر؟ الخيار التونسي بالنسبة إلى الاعبين الجزائريين قديم، وبصم عليه نجم مونديال مكسيكو فضيل مغارية الذي حمل حقيبته وترك ناديه أولمبي الشلف ورفض عروض مولودية الجزائر وشبيبة القبائل، بعد أن برز في مونديال مكسيكو سنة 1986 وحط رحاله في النادي الإفريقي التونسي، حيث صار اللاعب المدلل، وكان فضيل مغارية البالغ من العمر حاليا 57 سنة قد خطف الأضواء في مباراة الخضر في المونديال أمام البرازيل حيث شل حركة رفقاء سقراطيس، وبقي في النادي الإفريقي من سنة 1989 إلى غاية 1993 وهي أطول فترة لعبها جزائري في تونس، وأحرز معه رابطة أبطال إفريقيا في سنة 1991، ومازال التونسيون يعتبرونه من أحسن لاعبي النادي الإفريقي العريق في تاريخه. لاعب آخر كان لا يتحمس لدعوة المنتخب الوطني وبرز مع وفاق سطيف وفاز معه بالكأس الإفريقية وهو مليك زرقان، ومع ذلك لعب في تونس مع ناد غير كبير مفضلا إياه على فرق طلبت خدماته في الجزائر، وهو نادي المونستير الذي بقي معه لمدة ثلاثة مواسم كاملة في عز عطاء مليك زرقان الذي فاز برابطة أبطال إفريقيا مع الوفاق نهاية سنة 1988 وفي السنة الماضية اختفى في الدوري التونسي، وبصم عبد المؤمن جابو على أن الخيار التونسي للمحليين بقي صامدا حيث سجل جابو هدفين في مونديال البرازيل وقدّم تمريرة حاسمة، وهو أمر لم يقم به أي لاعب في تاريخ تونس التي شاركت في المونديال خمس مرات، ومع ذلك بقي وفيا للنادي الإفريقي الذي لعب له منذ 2012، والأمر لا يقتصر على البارزين، فعدد كبير جدا من اللاعبين استدعاهم خاليلوزيتش ومن جاء من بعده ومنهم بلقروي وغيره اختاروا الدوري التونسي، وآخرهم النجم يوسف بلايلي الذي عاد من عقاب المنشطات مباشرة إلى تونس بعد أن رفض الإغراءات المالية الناتجة عن الحرب التي دارت بين فريقه اتحاد العاصمة والجار مولودية العاصمة، ورفض الصبر في أونجي الفرنسي، وها هو يعود إلى مستواه تدريجيا مع الترجي التونسي المرشح للفوز بلقب رابطة أبطال إفريقيا، كما ينوي يوسف بلايلي العودة إلى المنتخب الجزائري عبر تونس. وفي المقابل، تخلو البطولة الجزائرية من اللاعبين التونسيين، ولم يسبق لها أن انتدبت لاعبا مع استثناء واحد في منتصف السبعينيات وهو الحارس الدولي كمال بن كارية الذي لعب للموك، ولكن الجامعة التونسية أوقفته عن المشاركة في الدوري التونسي، بينما تنتشر مؤخرا موضة استقدام المدربين التونسيين التي كانت عكسية من عهد كرمالي ولموي ومخلوفي وتوقفت الآن.