صلاح الدين. ع:[email protected] بشكل مفاجئ ارتفعت روح الوطنية لدى رؤساء الأحزاب ومتصدري القوائم الانتخابية، فهب أغلبهم إلى المدن التي كانت مسرحا لمذابح ماي 1945 للتباكي هناك على أرواح الضحايا بعين واحدة، أما العين الأخرى فهي مركزة على مقعد في المجلس الشعبي الوطني.. الأحزاب السياسية التي وزعت اهتمامها بمختلف مناطق الوطن اجتمعت أمس في قالمة وسطيف وخراطة لتنشط حملاتها الانتخابية، مما يكشف وجود نمط تفكير واحد لدى سياسيينا، وهو استغلال أي حادثة أو ذكرى أو أزمة من أجل هدف واحد هو الوصول إلى قبة البرلمان رغم أنه هيكل بلا روح لا يقدم شيئا ولا يؤخر في الشأن الوطني. برلمان فشل خلال السنتين الماضيتين في إصدار أي رد على الإهانة التاريخية الصادرة عن الجمعية الوطنية الفرنسية رغم النداءات التي أطلقتها الصحافة ورغم بعض المحاولات الفردية لنواب حاولوا الدفع نحو إصدار قانون يجرم الاستعمار مقابل قانون تمجيد الاستعمار.. برلمان بهذه المواصفات لا يمكن أن يقدم شيئا يحفظ كرامة الجزائريين مهما كان صراخ المترشحين للعضوية فيه عاليا في مواقع جريمة ماي 1945. المثير في التشريعيات أن المواطن سيكون محتارا بين موقفين متناقضين، إما المشاركة في الانتخابات وإعطاء دعم للكيانات السياسية المتسابقة في الساحة والتي أثبتت من خلال خطابها أنها لا تشرف أحدا، وإما عدم التوجه إلى صناديق الاقتراع فيكون ذلك في صالح الداعين إلى المقاطعة من خارج البلاد، وهو الآخر موقف لا يشرف أحدا. أما السبيل نحو القضاء على هذا الوضع المتردي فهو إعادة الاعتبار للبرلمان لتكون له كلمة مسموعة ودور في سياسة البلاد، وليس مجرد ديكور سياسي لإقناع الخارج بأننا نملك مؤسسات منتخبة بينما هي في الواقع أشبه بتعاونيات تسعى إلى حقها من ريع البترول. وفي حالة استمرار الوضع على حاله فإن مؤشر الأفول السياسي سيتهاوى أكثر، وحينها لن تجد الأحزاب من تضعه على قوائمها الانتخابية ولو باستئجار الملفات والصور.