لطالما انعكس التشدد الديني على أفعال وأقوال أصحابه، لكنه بات في أيامنا مظهرا فارغا ليس إلا، ونحن اليوم نصادف رجالا لا يعطون حق الله، ومع هذا يشددون على ضرورة تنقب زوجاتهم، لغايات في نفوسهم.. سنحاول كشف بعضها هنا. فالمتجول في شوارعنا وكافة المرافق العامة اليوم، يصطدم بعدة صور اجتماعية متنافرة، زوج يتبع الموضة بكل تفاصيلها، بسروال مقطع أو نصف سروال، وقصات شعر خارقة وأوشام.. وزوجة تجالسه لا يظهر منها شيء، وفي حالات أقل عيناها أو وجهها فقط. وأمام انتشار الظاهرة، قررنا التقرب من بعض هؤلاء في سبيل الوصول إلى مبرر لهذا التباين. لا أريد أن تُعرَفَ زوجتي! "منير"، زوج أربعيني، جذب انتباهنا بهندامه الشبابي المتماشي والموضة، وكمية الوشوم التي تطبع ذراعه ورقبته، التقيناه على مستوى مشفى الأطفال، مرفوقا بزوجته المتجلببة المنقبة، وهو الأمر الذي أثار فضولنا: كيف للنقيضين أن يلتقيا.. وخلال دردشة صغيرة مع الزوجين، أخبرنا أنه ألبسها زيها حتى لا يعرفها أصحابه ومعارفه، ليس إلا. وفي رده على سؤال مدى التزامه قال إن الأمر بينه وبين الله ولكن زوجته له. لا يفهم السفيه إلا ما فيه أما "فريال"، فهي سيدة ثلاثينية متجلببة بالنقاب والستار، أبدت عدم رضاها عن مظهرها، مؤكدة أن زوجها أرغمها على ارتدائه: "الجلباب ليس اختياري، أنا أرتديه مكرهة، وحتى البرقع والستار، زوجي شكَّاكٌ جدا بسبب تصرفاته، لهذا دائما أقول له إنه لا يفهم السفيه إلا ما فيه، وبالمقابل هو مستهتر ولا يصلي مطلقا". زوجي لا يعطي حق الله وفي سياق متصل، تؤكد "سلمى" أن زوجها لا يعطي حق الله، ومع هذا أجبرها على التنقب: "ما العمل، فقد تعبت، هو يرتدي ثيابا موجهة إلى المراهقين، ولا يصلي، وأنا أجبرني على التنقب، حتى يقولوا امرأته منقبة". كما تحدثت إلينا أخرى عن تجاوزات زوجها الأخلاقية في حق بنات الناس: "زوجي يعاكس الفتيات والنساء، ويفترس بعيونه كل من تمر بجانبه، حتى لو كنت برفقته، هو لا يصلي ولا يخاف الله في أعراض الناس، ولعلمه بسوء ما يقوم به وتيقنه من أن له يوما سيرد له فيه ما يقوم به، أثقلني بهذا اللباس، ولكن ما يفعله قد تدفع ثمنه بناتنا مستقبلا". نوع من أنواع الضعف النفسي تقول الطبيبة النفسانية "فاسي": "هذا إنسان مهتم بالظواهر، ومضطرب نفسيا، لاعتقاده أنه كامل وأن ما بين يديه ملك له وحده.. وهذه حقيقة لا يمكننا إغفالها، ولكن لكل شيء حدود، فمثل هذه الفئة من الأشخاص تترجم ضعفها النفسي في تصرفات قوية، لتظهر على أنها قيادية وسيادية ومتمكنة، فمركب النقص الموجود ينعكس باستمرار على التصرفات". إعطاء حق الله أولى يتحدث الشيخ "مراد بوبكر" عن الستر وضرورته، فيقول: "الستر واجب، سواء للمرأة أم للرجل، والدين الإسلامي أبرز زينة المرأة وأمرها بسترها. ولا ضرر إن حاول زوج نصح زوجته والسعي لسترها، لكن الأولى به إعطاء حق الله والإخلاص له والقيام بالصلاة في أوقاتها، عوض التباهي بتدينه في لباس زوجته".