أعلنت سلطة ضبط الطاقة الفرنسية ونظيرتها الإسبانية، التخلي نهائيا عن مشروع ربط البلدين بأنبوب غاز عابر لجبال البيريني، ما يعني أن هذا القرار هو بمثابة إشارة قف للغاز الجزائري القادم من إسبانيا نحو فرنسا وبقية أوروبا، في وقت شرعت فيه سوناطراك في تدعيم قدرات نقل "ميدغاز" لتبلغ 12 مليار متر مكعب عام 2012. وجاء هذا الفيتو الفرنسي-الإسباني من خلال قرار مشترك لسلطتي ضبط الطاقة في البلدين مؤرخ في 17 جانفي 2019، اطلعت "الشروق" على نسخة منه. وذكرت سلطة ضبط الطاقة الفرنسية المعروفة ب "CRE"، ونظيرتها الإسبانية المسماة "الهيئة الوطنية للأسواق والمنافسة"، أنهما رفضتا جملة وتفصيلا الاستثمار في مشروع الربط البيني بأنابيب الغاز بين فرنسا وإسبانيا المعروف ب"STEP"، والمقدم من طرف شركتي "تيريغا" الفرنسية المختصة في منشآت نقل وتخزين الغاز وشركة "إيناغاز" الإسبانية فرع سنام الايطالية، المختصة في منشآت نقل وتخزين الغاز هي الأخرى. وورد في الوثيقة أن الطرفين اتفقا على أن هذا المشروع المشترك وفي تكوينه الحالي وقدرته، على النحو الذي قدمه مشغلو أنظمة نقل الغاز في البلدين، لا يلبي احتياجات السوق ولم يصل بعد لمرحلة النضج الكافي. وبرر الطرفان الفرنسي والإسباني أن سوق الغاز لم يبد أي اهتمام تجاري لضخ قدرات جديدة من خلال الربط البيني، وهو ما تؤكده عمليات استشارة تم إنجازها في 2017 من أطراف مختلفة في البلدين. واعتبر الطرفان أن تكلفة المشروع أيضا مرتفعة مقارنة بالمعايير الأوربية، حيث قدر ب442 مليون أورو، منها 290 على عاتق شركة تيريغا الفرنسية، و152 مليون أورو للشركة الإسبانية فرع سنام الإيطالية "إيناغاز". واعتبرت وثيقة سلطة الضبط للطاقة في فرنساواسبانيا، أن المشروع سيكون مربحا في حال سيناريوهين اثنين وكلاهما حالة شاذة، الأول إذا ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي المسال "جي.أن.أل" في السوق الدولية، وانحسار وتناقص إمدادات الغاز القادمة من الجزائر. ومن خلال التمعن في الوثيقة، يتضح أن رفض هذا المشروع كان أكثر بإلحاح أكبر من الطرف الفرنسي بالنظر إلى تكلفة المشروع المالية التي كانت ستتحملها شركة "تيريغا" والمقدرة ب 229 مليون أورو، إضافة إلى التركيز على أن المشروع كان رابحا في حال ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال، أو تراجع إمدادات الغاز الجزائرية، فإن الفائدة ستكون محصورة فقط في اسبانيا والبرتغال. وفي سبتمبر الماضي أطلقت سوناطراك مشروع تدعيم قدرات أنبوب ميدغاز، الرابط بين الجزائرواسبانيا، حيث سيدعم بأنبوب ثانوي من منطقة العريشة بتلسمان وصولا إلى بني صاف، لرفع قدرات "ميدغاز" من 8 إلى 12 مليار متر مكعب بحلول سنة 2021. وذكر الرئيس المدير العام الأسبق لشركة سوناطراك نزيم زويوش في تصريح هاتفي ل"الشروق" أن هذا القرار الفرنسي الإسباني لا يصب إطلاقا في مصلحة الغاز الجزائري والمزيد من صادرات الجزائر نحو أوربا. وأوضح زويوش أن مشروع أنبوب الغاز "ميدغاز" الرابط مباشرة بين الجزائرواسبانيا، كان من بين أهداف إنجازه هو وصول الغاز الجزائري إلى اسبانيا ثم إلى فرنسا عبر جبال البيريني وبقية أوربا، مضيفا "يجب مواصلة الإلحاح من الطرف الجزائري حتى يصل الغاز إلى عمق أوربا". أما الرئيس المدير العام الأسبق ووزير الموارد المائية مطلع الألفية عبد المجيد عطار فيرى أن هذا المشروع فعلا كان سيشكل فرصة إضافية لصادرات الغاز الجزائرية نحو فرنسا وأوربا عبر إسبانيا، مشيرا إلى أن القدرات الإضافية يجب توفير الإنتاج الغازي لها قبل كل شيء، لأن الصادرات الحالية بالكاد تضمن طلبات الشركاء وهو ما أكده مسؤولو سوناطراك على حد تعبيره، إضافة لتزويد فرنسا بكميات من الغاز الطبيعي المشال "جي.أن.أل".