مع بداية العام الجاري، بدأت عمليات تصوير المسلسل السوري- الجزائري "ورد أسود" في حي ساروجة، الكائن في العاصمة السورية دمشق، من تأليف جورج عربجي، وإخراج سمير حسين، بمشاركة مجموعة من النجوم، وفي مقدمتهم سلوم حداد، وصباح الجزائري، ووائل شرف وآخرين، إذ يهدف صناع العمل من منه دمج الدراما الجزائرية بالسورية لتحقيق انتشار أوسع في العالم العربي. ويتناول العمل حكاية اجتماعية بين السوريين والجزائريين، حول فلسفة الحب والانتقام ضمن إطار عالٍ من التشويق، وخطوطه الدرامية المركبة والمختلفة والجديدة. ولا بد من الإشارة إلى أن مشاركة نجوم من بلاد المغرب العربي ليست جديدة على الدراما السورية، فمنذ التسعينيات كان حضور هؤلاء النجوم شائعاً في الدراما السورية. ففي مسلسل "الفصول الأربعة" الذي أنتج سنة 1999، شارك كلٌّ من محمد مفتاح وعالية الركاب من المغرب العربي. وفي عام 2010، أنتج أضخم مسلسل -حتى اللحظة- جمع السوريين والجزائريين في عمل واحد، وهو مسلسل "ذاكرة الجسد"، المأخوذ عن رواية للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي تحمل الاسم ذاته. وشارك في البطولة حينها الفنان جمال سليمان، إلى جانب الفنانة الجزائرية أمل بوشوشة، التي أصبحت بعد "ذاكرة الجسد" من النجمات الثابتات في الدراما السورية وفي "الباند آراب"، فشاركت في بطولة عدة مسلسلات، مثل: "جلسات نسائية"، و"زمن البرغوث"، و"ساعات الجمر" و"الأخوة". ومن خلال تجربة مسلسل "ذاكرة الجسد"، قد نتوقّع مدى صعوبة المهمة التي يقدم عليها صناع "ورد أسود"، فلغة المسلسل شكّلت عائقاً أمام انتشاره؛ حيث لجأ المخرج السوري نجدة أنزور، حينذاك، إلى اللغة العربية الفصحى كلغة للعمل، لأن اللهجة الجزائرية غير مفهومة بالنسبة لكثير من المشاهدين السوريين، ولكن الجمهور لم يتقبل الحديث باللغة الفصحى في مسلسل معاصر، رغم النجاح التجاري الكبير الذي حققته الرواية، ورغم أن السيناريست ريم حنا استخدمت في سيناريو المسلسل مفردات وحوارات مستمدة من الرواية ذاتها؛ لكن نقل اللغة العربية الفصحى من الكتاب إلى الشاشة، أثقل كاهل العمل، من دون أن ننسى أن اللغة الفصحى مقترنة لدى المتلقي السوري بالأعمال التاريخية، أو بالأعمال المدبلجة. ويبدو أن صناع "ورد أسود" يريدون أن يتلافوا هذه المشكلة، ولذلك أكدوا أنهم لن يستخدموا اللغة العربية الفصحى في المسلسل، بل سيستخدمون عوضاً عن ذلك لهجةً "بيضاء" تجمع بين الجزائرية والسورية كلغة درامية للمسلسل. ولكن ما هي القواسم المشتركة بين اللهجة السورية واللهجة الجزائرية؟ وكيف من الممكن أن يبتكر صناع المسلسل لهجة تصهر كلا اللهجتين المحكيتين في لهجة واحدة؟ بالتأكيد لا يمكن أن نحكم على قدرة المسلسل على ابتكار لغته "البيضاء" الخاصة قبل أن يصدر، ولكن يمكننا أن نجزم بأن المسلسل سينحاز إلى إحدى اللهجتين في النهاية، بالنظر إلى قلة الروابط المشتركة التي تجمع بين اللهجتين وبسبب عدم وجود رغبة باستخدام اللغة العربية الفصحى، التي تبدو الخيار الأكثر منطقية، وذلك غالباً سيؤدي إلى صعوبة تلقي المسلسل لجمهور أحد البلدين في نهاية المطاف.