تدارك وزير الخارجية الفرنسي، جون إيف لودريان، مواقف بلاده التي اعتبرت "انحيازا للنظام الجزائري حيال الحراك الشعبي المطالب بعدم تمديد عهدة بوتفليقة الرابعة"، وحاول المتحدث إعطاء منحى آخر للموقف الفرنسي مما يجري. وقال مسؤول الدبلوماسية الفرنسية، في جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية لبلاده "أريد أن أوضح الأمور، فما يخص ما يحدث بالجزائر، فموقفنا خلال الأيام الأخيرة أعطيت لها تأويلات وكانت محل سوء فهم، وهذا راجع أساسا لعلاقاتنا العميقة والمعقدة مع الجزائر". ولتهدئة حدة الانتقادات التي وجهها الجزائريونلفرنسا، بسبب ما اعتبر مساندة ودعما للمخرجات التي قدمها بوتفليقة، وتضمن واحدة من المقترحات السبع تمديد فترة حكمه، ذكر لودريان "الجزائر دولة لها سيادتها ولا يحق لفرنسا التدخل في شؤونها الداخلية، والشعب الجزائري هو الوحيد من له الحق في تقرير مستقبله، وأظهر أنه مصمم على إسماع صوته". وكرر الوزير الفرنسي أمام لجنة الشؤون الخارجية "فرنسا لا يحق لها التدخل، والأمر يعود للجزائريين وحدهم، وعبر حوار ديمقراطي"، ونبه المتحدث أن "أمل بلاده أن تتم في أقرب الآجال مرحلة انتقالية للرد على تطلعات الجزائريين". وفيما يشبه التجاوب مع دينامكية الحراك الجزائري الأخذ في التصاعد منذ 22 فيفري الماضي، أكد لورديان "نعيش لعدة أسابيع حراكا عميقا، ونتابعه باهتمام وبإعجاب، لأن سيرورة هذه المظاهرات تتم بسلمية وتحضر وكرامة، وجب تحيتها." وفي تعليقه على المواقف التي تعبر عنها باريس من الحراك في الجزائر، يقول الكاتب والمحلل الفرنسي، بيار لويس ريمون "لفرنسا تاريخ عريق من العلاقات مع الجزائر، نلحظ حاليا تململا وعدم ارتياح من الرئيس الفرنسي ليس فقط أمام تطورات الأوضاع لكن أيضا إزاء ثوابت المواقف الدبلوماسية الدولية التي أراد أن يطبقها منذ وصوله إلى الحكم بعد أن أعلن عنها في حملته الانتخابية، وهي أن لا تدخل في الشؤون الداخلية لبلد أيا كان، وفي هذا السياق نتذكر تصريحات الرئيس الفرنسي واصفا الاستعمار الفرنسي بالجريمة ضد الإنسانية"، ويؤكد ريمون في تصريحات للشروق "لا يمكن أن نتحدث عن "دعم الإجراءات المتخذة" من قبل السلطة الحاكمة ككل، لكن نستطيع أن نتحدث عن دعم فرنسي للاستقرار". ويشرح الأكاديمي الفرنسي، قراءته من مواقف بلاده، وإن كانت هنالك خشية من ضياع مصالحها في حال تغير نظام الحكم "أعتقد أن السلطات الفرنسية لم تحسم الأمور بهذه الطريقة، تعاملها مع الواقع الجزائري لا يزال مطبوعا بمبدأ لا تدخل وفي الوقت نفسه لا تجاهل، ni ingérence, ni indifférence وتنظر إلى الحراك الديموقراطي باهتمام. ولا ننسى أن الرئيس الفرنسي حيا الحراك وحيا الشباب الجزائري". ويرد محدثنا على سؤال هل تنظر فرنسا إلى الجزائر، على أنها ساحة خلفية لها، لا يمكن التفريط بها؟، بالقول "موضوع الساحة الخلفية لن يكون موضوعا على ذات الدرجة من المركزية بعد الآن بالنسبة لفرنسا، لا ننسى هنا أن العلاقات الاقتصادية والمصالح المعروفة تنزل في سياق جديد لا يمكن لأي دولة غربية أن تنكره وفرنسا ليست استثناء في ذلك، ولهذا فالخارجية الفرنسية لم تعد تتبنى مواقف دغمائية من قبيل "يجب أن يكون".. العنوان الرئيسي الآن أصبح البرغماتية"، ويتابع الأستاذ بيار "فرنسا تحترم الحراك الديموقراطي السلمي أيا كان وأينما كان.. خارج أراضيها، وطبعا على أراضيها، لهذا لن أتحدث عن "إجبار على تغيير موقف" بقدر ما أتحدث عن التزام فرنسا بدورها المنتظر في مثل هذه الحالات وهو دور المراقب البرغماتي".