أكثر المتشائمين من أنصار شباب قسنطينة لم يكن يتصوّر الأداء السيء للفريق بهذا الشكل، فمن غير المعقول وفي دور ربع نهائي من منافسة قوية بحجم رابطة أبطال إفريقيا، أن لا يتمكن الفريق طوال الشوط الأول من توجيه قذفة واحدة ولو خارج الإطار أو بين أيدي الحارس التونسي، بالرغم من أن الفريق لعب أمام أنصاره. والقول بأن الترجي التونسي له خبرة كبيرة، غير مقبول لأن الفريق التونسي هو بطل تونس وهو يجد صعوبة في التفوق على أندية تونس المتوسطة والضعيفة، وشباب قسنطينة هو بطل الجزائر، ولا فرق كبير بين الكرتين، مهما كان إسم أي منافس فهو يلعب في تونس أو الجزائر. سد المنافذ في وجه الشباب وعجز لاعبي الشباب طوال الشوط الأول عن صنع فرصة واحدة ملعوبة، هو إفلاس تكتيكي من المدرب الفرنسي لافان الذي حيّر الجميع بالتشكيلة التي لعب بها، ولأول مرة في عالم الكرة، يلعب مدرب بمدافعين في الرواق الأيسر هما صالحي والمخضرم بن شريفة، حيث مكثا في مكان واحد، مما جعل المتابع يحس بأن الفريق يلعب منقوصا في تعداده، وبالرغم من أن التونسيين قدّموا أنفسهم في الشوط الأول إلا أن السنافير عجزوا في الشوط الثاني عن صنع فرص من جمل تكتيكية، ومرة أخرى تتأكد محدودية بعض اللاعبين الذين كانوا ثقلا وإعاقة لعمل زملائهم، فقد كان الحارس رحماني وبن شريفة وجعبوط ويطو ظلالا لأنفسهم، وبدا الدفاع وكأنه لم يسبق له وأن لعب مع بعض من خلال الأهداف الساذجة التي دخلت المرمى القسنطيني، بداية من الهدف الأول عندما تقدم المهاجم التونسي مسافة طويلة بينما كان شحرور وزعلاني في نوم عميق، وهو ما كلّف الفريق ضربة جزاء مثل الطعن في الصدر في الدقيقة الخامسة من المباراة، وحتى الهدف الثاني كان غريبا عندما وجد كوليبالي نفسه لوحده في ركنية من المفروض أن لا يجد فيه أي لاعب تونسي نفسا، وفي الهدف الثالث تبيّن بأن المدرب لافان لا يشتغل في هذه الناحية أبدا، وبدلا من أن يضرب السنافير منافسهم بالكرات العرضية تلقوا هم الضربات التي أخرجتهم من المنافسة لأن 100 بالمئة من الذين شاهدوا مباراة سهرة السبت، يدركون بأن فوز النافير في تونس بثنائية نظيفة ضرب من الخيال. المفارقة الثانية هي فوز التونسيين بغالبية الثنائيات، والفريق بالرغم من أنه شبع بالألقاب والتتويجات، إلا أن لاعبيه صنعوا الفارق بالروح القتالية التي أدّوا بها طوال المباراة، في صورة الدوادي ويعقوبي والشلالي وحتى بلايلي بدا أكثر حماسا من بلايلي الذي نعرفه، وإذا كان التونسيون قد استحقوا انتصارهم الذي سيجعلهم يفكرون في لقاء النصف النهائي من الآن، فإن السنافير لعبوا مباراة في منتهى السوء تكيكيا. الخيبة الثانية كانت في الحالة البدنية التي كانت لصالح التونسيين الذين أكملوا المباراة على نفس الريتم وهم القادمون من رحلة طويلة إلى الدوحة ولعبهم نهائيين على التوالي، ولم يتوقفوا عن المباريات القوية منذ أن أحرزوا لقب القارة السمراء في ملحمة أمام الأهلي المصري، وسافروا للعب كأس العالم للأندية وهم يدافعون عن لقبهم القاري بنجاح ومن دون تعب، بينما بدا بعض لاعبي السنافير وكأنهم عائدون من حرب في صورة عبيد وزعلاني وشحرور. أما التغييرات التي أجراها المدرب فكانت فاشلة جدا، فتعويض بامهمبولا الذي كان رفقة بلخير الأحسن في الشباب، غير مفهوم، باللاعب عبيد الذي لم يقدم هذا الموسم أي شيء، ولم يكد يلمس الكرة نهائيا، بالرغم من أنه دخل في الدقيقة 62، كما أن اللاعب بلمختار الذي عوّض جعبوط، ساعد الترجي بتضييعه للكرات، أكثر من مساعدته للشباب، وهو اللاعب الذي قال قبل المباراة بأنه لو يتحصل على فرصته، فسيهز الدنيا، وواضح بأنه هزّ ثقة الأنصار في قدراته. ما يعاب على لافان أن تصريحاته، قبل المباراة وثقته المبالغ فيها في نفسه وفي فريقه، إلى درجة أنه وعد بتكرار سيناريو مازامبي، ليكون بعد ذلك السبب الأول في هذه الهزيمة لأن المدرب التونسي الشاب تفوق عليه في 90 دقيقة بخطة حرمت لاعبي الشباب من كل ضروريات الحياة، وكان يمكن للنتيجة أن تكون أثقل لو لم يتماطل التوانسة في نهاية الشوط الثاني. وحتى الإدارة تتحمل بعض المسؤولية في مسار السنافير، بعد أن رفعت يدها عن البطولة، وكان بإمكانها وبسهولة انتزاع المركز الثالث وحتى المنافسة على اللقب، لأن الفوز بالكأس كما خططت الإدارة له، لن يمنح الفريق سوى اللعب في منافسة الكونفدرالية أي أنه سينزل درجة في المنافسة القارية، هذا إن فاز بالكأس طبعا. عموما لافان الذي مكّن الشباب من بعض النتائج الإيجابية في بداية مشاوره، زرع الخيبة في قلوبهم في مباراة الترجي، وقد تتبخر كل الأحلام في نهاية الطريق. دينيس لافان مدرب قسنطينة: خسرنا الفصل الأول، لكننا لم نخسر المواجهة كلها تأسف المدير الفني لشباب قسنطينة ، دينيس لافان على هزيمة فريقه في لقاء الأحد، أمام الترجي التونسي، على ملعبه في قسنطينة، بثلاثية (2- 3) لحساب ذهاب الدور ربع النهائي لدوري أبطال أفريقيا.وقال لافان: “أتاسف كثيرًا على الهزيمة، فبعد عودتنا من بعيد، ونجاحنا في التعديل 2-2، قبلنا بسرعة هدفًا ثالثًا. أعتقد أننا لو حافظنا على نتيجة التعادل إلى اللحظات الأخيرة للمواجهة لكان بإمكاننا ربما اختطاف هدف الانتصار”.وأردف: “على كل حال ليس لدينا ما نخسره في مباراة العودة التي تبقى فيها كل الاحتمالات واردة، خصوصًا أننا اكتشفنا أمام الترجي، المستوى العالي لدوري أبطال أفريقيا. كانت تنقصنا الخبرة أمام فريق كبير مثل الترجي، الذي كان مستعدًا كما يجب على جميع المستويات”. وواصل لافان حديثه قائلًا: “في كرة القدم ليس هناك مستحيل، فكل شيء يبقى ممكنًا. نتذكر ماذا حصل مع باريس سان جيرمان، وريال مدريد، فكلاهما فاز خارج الديار لكنهما في النهاية ودعا البطولة القارية. نحن خسرنا الفصل الأول، لكننا لم نخسر المواجهة كلها، ولم نفتقد نهائيًا كل حظوظنا في التأهل”.وأنهى لافان حديثه قائلًا: “بالنسبة إلينا سنستعد جيدًا للقاء العودة، ومن يدري إذا دخلنا المواجهة كما يجب، وكنا نحن المبادرين بالتسجيل فقد تتغير الأمور. المهم أن حظوظنا في التأهل تبقى قائمة، وسندافع عنها حتى الرمق الأخير”. المدير الفني للترجي التونسي معين الشعباني: سهّلنا مهمة الإياب وعلينا الحذر من الشباب عبر المدير الفني للترجي التونسي معين الشعباني عن سعادته الكبيرة بما حققه فريقه من انتصار مهم على حساب مضيفه شباب قسنطينة، بنتيجة 3-2، لحساب ذهاب الدور ربع النهائي لدوري أبطال أفريقيا، قبل أن يؤكد على ضرورة الحذر في مباراة الإياب، في ظل رغبة الفريق الجزائري في التعويض. وقال الشعباني: “الحمد لله أننا حققنا انتصارًا في ملعب صعب، وأمام منافس محترم جدًا. كان بامكاننا أن نقتل اللقاء بعد الهدف الثالث، من خلال الانفرادات التي أتيحت لنا”.وتابع: “على كل حال حققنا انتصارًا مهمًا خارج قواعدنا، سهّلنا به المهمة على أنفسنا في لقاء الإياب”، واستدرك: “لكن لم يحسم أي شيء فيما يخص التأهل، ولذلك علينا أن نبقى حذرين لأنه سبق أن فزنا في مناسبات سابقة، خارج تونس، بينما لم نحقق نتيجة إيجابية على أرضنا، في الإياب”. واختتم معين الشعباني حديثه قائلًا: “أشكر اللاعبين على المباراة الكبيرة التي قدموها، وعلى المجهود الغزير الذي بذلوه رغم الإرهاق، ورغم ثقل أرضية الميدان في قسنطينة وجدت فريقي الذي يلعب على حقيقة إمكانياته، ولذلك أشكر مجددًا كل اللاعبين على هذا الأداء البطولي”.ويلتقي الترجي بشباب قسنطينة في مباراة الإياب على ملعب رادس، يوم 13 أفريل الجاري ب. ع / ع. ع