لا يزال المشاهد الجزائري وخاصة الأطفال الذين كبروا على قصصه المضحكة وعروضه الشيقة الممتعة، يتذكرونه، رغم رحيله منذ أكثر من عشرين سنة، إنّه الفنان والفكاهي حديدوان واسمه الحقيقي ايقاش محمد رؤوف، الشخصية التي رسمت البسمة على الأطفال إبّان المحن. حديدوان تتصل به صفة المهرج المرح والبشوش الذي لا تفارق الابتسامة شفتيه، كانت سنة 1996 حزينة جدا بالنسبة لعشاقه من الأطفال وحتى الكبار، في هذه السنة رحل حديدوان محبوب الأطفال ولكن ترك إرثا فنيا كبيرا متمثلا في مختلف الأعمال والعروض التي قدمها بروح صادقة ومهنية على الخشبة لفائدة الأطفال. في أحد اللقاءات التلفزيونية قال الفنان حمزة فغولي إنّ “حديدوان” هو من أطلق عليه لقب “ما مسعودة”، اللقب الذي رافقه ولازمه طوال مشواره الفني ولا يزال إلى يوم، فقط أن حديدوان رفيقه الدائم غائب عنه. ولد حديدوان بالرباط سنة 1948 وتوفي سنة 1996، عمل في سلك التعليم وتحديدا كان معلما لمادة اللغة العربية، ولكن فضل حديدوان ترك مهنة التعليم والتربية ليتجه نحو عالم ليس ببعيد عنها، إنّه عالم الأطفال، هذا العالم الأبيض الذي يمكنك أن ترسم فيه ما تشاء، غير أنّ حديدوان بقلبه الطيب رسم للأطفال دوما الابتسامة وقدم لهم النصائح النبيلة. واشتغل الراحل في مسرح الأطفال وسخر حياته كلها للأطفال. وارتبط حديدوان بالجيل الذهبي وزمن الفن الجميل، ولا يمكن أن ينساه الجزائريون بل هو حي في قلوبهم، فيكفي أن تدخل موقع “اليوتوب” وتشاهد مقاطع للأعمال التي قدمها الراحل للأطفال في مختلف مناطق الوطن، لتكتشف مدى حب الجمهور له حتى وإنّ من عاصره في تلك الفترة قد كبر اليوم. قال أحد المعلقين على اليوتوب عن حديدوان: “رحمه الله، من أحبه الناس أحبه الله”، “اه إنّها أيام الزميل الجميل”، وقال آخر “أعتبره أحسن فكاهي، الله يرحمه، أضحك الأيتام والمرضى، كان مع “ما مسعودة يشكلان ثنائي جميلا”. وعبر آخر بقوله: “رحمة الله عليك حديدوان، رسمت البسمة على وجوهنا عندما كنا صغارا…ورحمة الله على ذلك الزمان الجميل الذي حلت عليه الرداءة فيما بعد فأفسدته”. وحنّ آخر إلى ذلك الوقت بقوله: ” الله يرحمك يا حديدوان لقد كنت ترفه عن الأطفال والكبار في زمن الأزمات”. وأضاف: “وكنا نشاهدك في سلسلة “الحديقة الساحرة”.. كان زمن جميل رغم كل المشاكل والصعوبات، أديت رسالتك التوعوية والتربوية بطريقتك المزاحية والاحترافية رحمك الله يا أب كل أطفال الجزائر الحبيبة”.