استقبل رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، بمقر رئاسة الجمهورية بالمرادية صباح الخميس، 6 شخصيات تم تكليفها بإدارة الحوار الوطني، ويتعلق الأمر بكل من رئيس المجلس الشعبي الوطني من 2002 إلى غاية 2004، كريم يونس، الأستاذة الجامعية في القانون الدستوري فتيحة بن عبو، والخبير في الاقتصاد والمالية اسماعيل لالماس، إضافة إلى أستاذ القانون وعضو مجلس الأمة السابق، بوزيدي لزهاري، والأستاذ الجامعي عز الدين بن عيسى، والنقابي في قطاع التربية وممثل عن منطقة الجنوب، عبد الوهاب بن جلول. بن عبو: لا تهمني الانتقادات.. نحن متطوعون ومحايدون لم تكترث الخبيرة في القانون الدستوري، وعضو لجنة تسيير الحوار، فتيحة بن عبو، للانتقادات التي طالت قائمة الشخصيات ال 6. حيث أكدت في اتصال مع ” الشروق”، أن لجنة تسيير الحوار ” لا تمثل الحراك الشعبي، وليست ناطقة باسمه، وليس لها نية تمثيله”، وإنما هم شخصيات مستقلة وليس لديها مصالح حزبية وهم وسائط، يسعون لإنشاء هيئة عليا لتنظيم انتخابات مستقلة “تكون شفافة لأول مرة، خاصة وأنني ومنذ 2014 أنادي بإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات بعيدة عن الإدارة” على حد تعبيرها، مضيفة “نحن متطوعون، ولا مصلحة لنا، لا نمثل السلطة، وجئنا لوضع جسور لرفع مطالب الشعب فقط”. وبخصوص المنادين باختيار شخصيات سياسية لتسيير الحوار، ردت بن عبو “الشخصيات السياسية لديها توجهات وطموح، وانتماء حزبي، ولن تكون حيادية ومستقلة، أما نحن فلا مصلحة لنا سوى إخراج البلاد من الوضع الراهن”. وعن حيثيات لقائهم مع رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، أكدت الخبيرة الدستورية، أنهم باشرو تحركاتهم منذ بداية الأسبوع المنصرم بعد اختيار الشخصيات من طرف فعاليات المجتمع المدني، ودشنوا عملهم بزيارة أولى لرئيس الدولة. واستمر لقاءهم مع بن صالح من ال 10 صباحا حتى ال 5 مساء “ارتشفنا خلالها كوب قهوة فقط، بسبب كثرة الملفات التي تحدثنا عنها”. وأضافت “دعونا رئيس الدولة لتقديم ضمانات لتهدئة الجو السياسي، من خلال إخراج معتقلي الحراك ورفع الحصار عن العاصمة، مع ضمان حرية التعبير والصحافة” ورد بن صالح حسب محدثتنا “كان ايجابيا جدا، ومطمئنا”. وعن التحركات المقبلة للجنة تسيير الحوار، أكدت بن عبو، أنهم في إطار تنظيم أنفسهم وإيجاد مقر مناسب يجتمعون فيه طيلة الصيف، وبعدها يتفرغون لزيارات ولقاءات مع جميع أطياف المجتمع، فيما ينتظر أن تعقد المجموعة الأحد أول اجتماع رسمي لها. في الموضوع، تباينت ردود أفعال الطبقة السياسية وفعاليات المجتمع المدني، بشأن قائمة الشخصيات ال 6 المكلفة رسميا بإدارة وتسير الحوار الوطني، فبينما وجدها البعض قائمة متوازنة تضم شخصيات وطنية ونقابية غير مُتحزّبة، استنكرها البعض الآخر ورأى فيها “تمييعا” لمطالب الحراك الشعبي، خاصة أن غالبية أعضاء القائمة غير معروفون على الساحة السياسية والبعض كانت له مواقف و”مناشير فايسبوكية ” مناهضة للسلطة السياسية. واختلفت أراء الطبقة السياسية والمجتمع المدني بشأن الشخصيات المقترحة لتسيير الحوار الوطني. عرعار: نرحب بالشخصيات المقترحة ونثمن شجاعتهم في هذا الصدد، أكد رئيس المنتدى المدني للتغيير، عبد الرحمان عرعار في اتصال مع ” الشروق”، أن المنتدى يساند الشخصيات المقترحة ويرحب بها، معتبرا بأن اختيارهم “يعد خطوة ايجابية، لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة”. ويرى محدثنا، أن الشخصيات ال 6 تتمتع بمصداقية، وتمتلك مبدأ الدفاع عن مطالب الشعب والحراك، والدليل “أنهم وخلال جلستهم الأولى مع بن صالح، دافعوا وبكل شجاعة على مطالب الحراك، ومنها إطلاق سراح الشباب المسجون، ورفع القيود عن المتظاهرين في العاصمة” على حد تعبيره، وهذه الخطوات اعتبرها عرعار “جد ايجابية نحو الانفراج، وتعيد الثقة المفقودة بين السلطة والشعب”. وبالنسبة للمتخوفين من هيئة تسيير الحوار، قال عرعار “السلطة بكل مكوناتها ليست طرفا في هذا الحوار، بل ستقع على عاتقها مسؤولية كبيرة، وهي الالتزام بتنفيذ قرارات الحوار”. ومعتقدا بأن الهيئة ستتدعم لاحقا بشخصيات أخرى أو خبراء. “الحرية والعدالة”: نفضل التريث قال حزب الحرية والعدالة إنه يأخذ علما بتعهدات رئاسة الدولة الواردة في بيان الإعلان عن تكليف مجموعة من الشخصيات الوطنية بإدارة الحوار الوطني من أجل تنظيم الانتخابات الرئاسية، ويدعو إلى التعجيل بتنفيذ هذه الالتزامات. وقال حزب محمد السعيد في بيان له، “ونظرا للقطيعة القائمة بين السلطة والشعب، والتي تولدت عنها أزمة ثقة تفاقمت منذ 22 فيفري، يفضل التريث للتأكد من صدق الإرادة السياسية لهذه السلطة قبل اتخاذ موقف نهائي من التعامل مع لجنة الحوار بتركيبتها النهائية”. وذكّر الحزب بأن مطالب الحراك الشعبي في “التغيير الجذري كلّ لا يتجزأ، وأن تلبيتها كاملة بالحوار الجاد والمسؤول تشكّل السبيل الوحيد لبناء الدولة القوية العادلة في كنف السلم والتضامن”. عمراوي: متفائلون.. لكن الشخصيات ليست في مستوى الحراك على النقيض، استغرب النائب بالمجلس الشعبي الوطني عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، مسعود عمراوي للشخصيات المختارة، حيث قال في اتصال مع “الشروق” “كنا ننتظر أن تكون هنالك شخصيات لامعة يكون لها وزن وثقل كبيرين، وتنال رضا الشعب”، مضيفا أن الشرط الأساسي لاختيار شخصيات تسيير الحوار “هو أن تكون في مستوى هذا الحراك الشعبي، وعلى الأقل تكون شخصيات سياسية أو وطنية غير متحزبة، ولكن من الوزن الثقيل”. ويعيب المتحدث على قائمة الشخصيات ال 6 بأنها لا تمتلك خبرة في المجال السياسي، وغالبيتهم غير معروفين في المجتمع، ولا يمثلون جميع الحساسيات الموجودة بالساحة. متسائلا عما قدمته هذه الشخصيات من “اقتراحات ونظريات أو تصور لحل الأزمة منذ انطلاق الحراك الشعبي؟، لكنه أبدى تفاؤلا بنجاح الحوار الوطني المرتقب. خبابة: مستبشرون.. لكن القائمة لا تتناسب مع ضخامة الحدث وبدوره، وصف الناشط السياسي والمحامي، عمار خبابة قائمة الشخصيات ال6 ب “المخيبة للآمال، والتي لا تتناسب مع ضخامة الحدث ومطالب الحراك”، متخوفا من رفض الحراك لهذه الشخصيات “لأن غالبيتهم غير معروف على الساحة الوطنية، حيث كنا نريد أشخصا تحظى شعبيا بقبول كبير”. ومع ذلك، يتمنى المحامي أن يهدأ الحراك ويتعاطى مع الشخصيات إيجابيا “لأنه من السابق لأوانه الحكم على هذه الشخصيات”. واستبشر المتحدث خيرا، بعد تطرق الشخصيات ال 6 أثناء لقائها مع رئيس الدولة بن صالح، إلى مواضيع إطلاق سراح معتقلي الحراك، وحرية التظاهر والتنقل، فتح الإعلام، وذهاب حكومة بدوي. داعيا لتطبيق هذه الإجراءات في الميدان، مع توسيع هذه اللجنة لتدارك الخلل.