تحت شعار “حوار غير بناء كمن يحفر في الماء”، جدد أوفياء الحراك الشعبي السلمي بالجزائر العاصمة وباقي ولايات الوطن خروجهم للجمعة ال26على التوالي، مؤكدين استمرارهم وثباتهم في الخروج، إلى غاية سقوط كامل بقايا النظام السابق، وتكريس سيادة الشعب ضمانا لاستقرار الوطن في ظل الصراعات السياسية القائمة، مع إكمال مسيرة محاكمة ومحاسبة كل المتورطين في ملفات الفساد. وسط انتشار أمني مكثف وعشرات المركبات والسيارات التابعة للأمن الوطني المركونة على رصيف كل من شارع عبد الكريم الخطابي ومحمد خميستي وديدوش مراد، وصولا إلى محيط ساحة البريد المركزي، وتحت أشعة الشمس الحارقة التي رافقتها رطوبة جد عالية، انطلقت مسيرة الجمعة ال26، حيث خرج المتظاهرون من ساحات وشوارع وصولا إلى ساحة البريد المركزي، رفعت خلالها شعارات “الشعب يريد الاستقلال” علاوة على رفع العلم الوطني وشعارات تطالب برحيل رموز النظام وتنتقد تماطل السلطة في الاستجابة لمطالب الشعب وتحقيقها، كما عكست اللافتات التي حملها المحتجون “الرفض القاطع” لأي حوار يتم مع أشخاص محسوبين على النظام السابق الموسوم بالفساد ونهب المال العام، مشددين على أن مسار الحوار يتعين أن يجري “بعيدا عن كل من له علاقة بالفساد والفاسدين”. وعلى مرمى حجر من ساحة البريد المركزي، هتف المتظاهرون منذ الساعات الأولى من صبيحة الجمعة: “ياحنا يانتوما ماراناش حابسين”، في رسالة إصرار من المتظاهرين بعد محاولات إنهاء الحراك الشعبي قبل تحقيق مطالبه كاملة، كما طالبوا السلطات بالإفراج عن الشباب من الناشطين، الذين اعتقلوا في التظاهرات السابقة وهتفوا: “لا حوار وأبناؤنا معتقلون” و”أطلقوا سراح أبنائنا”. وكالعادة ومباشرة بعد صلاة الجمعة، تدفق المتظاهرون إلى الشوارع وساحات “الحراك”، رافعين الشعارات المطالبة بما وصفوه ب”عدم التحرش بالحراك”، معتبرين التعامل مع المسيرات السلمية ب”حشود رجال الشرطة وتطويق الشوارع الرئيسية بالأمن تعديا على الحريات”، ورددوا بصوت واحد مطالبهم الداعية إلى رحيل الوجوه المحسوبة على النظام السابق وضرورة إرساء أسس دولة ديمقراطية تعود فيها الكلمة للشعب واتخاذ أسلوب الحوار دون إشراك الوجوه القديمة للنظام.. كما رفعت الشعارات المألوفة المنادية بتكريس سيادة الشعب “الجيش الشعب.. خاوة خاوة ” “السيادة للشعب وحده”. كما جدد الحراكيون عبر هتافات وصياح الحناجر مطالب الشعب بتغيير النظام سلميا من خلال رفع عديد الشعارات منها شعار “تفعيل المادتين 7 و8 من الدستور”، اللتين تعيدان السلطة للشعب، مشددين على الحل الدستوري المتمثل في هاتين المادتين حسب شعارات رفعوها بهذا الشأن، مشددين في هتافاتهم على مواصلة الحراك حتى استئصال كامل عناصر العصابة ووجوهها السياسية وطنيا ومحليا وتحقيق مطلب تغيير النظام سلميا، تحت الشعار المألوف “أين الضمير، الشعب يريد التغيير”. وبالمقابل، شكلت مسألة الحوار والدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، أهم المواضيع التي تضمنتها الشعارات التي رفعها هؤلاء، فمن خلال لافتات حملت “لا حوار شكلي ولا انتخابات شكلية” و”معا من أجل تغيير جذري”، وكذا “لا تشاور لا حوار مع عصابة الأشرار”، كما دعوا في شعاراتهم إلى التحرك نحو حوار جاد بين السلطة والشعب لإيجاد مخرج للأزمة السياسية” حوار جاد يتطلع لإرادة الشعب، وليس حوارا على المقاس ودون جدوى تحت شعار “حوار غير بناء كمن يحفر في الماء”، “مع والدعوة إلى فتح المجال أمام الطاقات الوطنية الحية التي تتمتع بالنزاهة والكفاءة لحمل المشعل”. رحلة الشتاء والصيف تستمر ورغم دخول عمر الحراك شهره السابع وأسبوعه السادس والعشرين على التوالي، ورغم تماطل السلطة في الاستجابة لجميع المطالب، إلا أن الجزائريين رفضوا الاستسلام والتخلي عن الشارع على حد تعبير عدد من المتظاهرين في حديثهم ل “الشروق” عندما قالوا “رحلة الشتاء والصيف تستمر.. والحراك لن ينطفئ وأبدا لن نستسلم” ، فيما رفع أحد المحتجين بشارع عسلة حسين لافتة تهكمية كتب عليها “من 22 فيفري إلى 16 أوت وليت نلبس 48 في رجلي وأنتوما ما حبيتوش تروحو قاع”، في إشارة إلى مشاركته في المسيرة وقطعه مسافات طويلة للالتحاق بساحات وشوارع الحراك، عاقدا العزم على مواصلة خروجه مهما كلفه الأمر، مؤكدا على أن “الحراك حراكنا والقضية قضيتنا”. مكافحة الفساد مشروع وطني يجب أن يستمر ومثل الجمعات الفارطة، رفع المحتجون شعارات حملت المطالب التي تتكرر منذ أول مسيرة، وأخرى جديدة تتناسب والمستجدات الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية في الأيام الأخيرة، والتي تصب كلها في خانة محاربة الفساد وأهله، حيث شدد المتظاهرون في مسيرة أمس على ضرورة مواصلة جهاز العدالة بمحاسبة الفاسدين الذين عاثوا بأموال الشعب طولا وعرضا، رافعين لافتة كبيرة كتب عليها “مكافحة الفساد مشروع وطني يجب أن يستمر”، كما رددوا الهتافات المألوفة على غرار تلك الهتافات التي رددت مطولا والقائلة: “يا قضاة الجمهورية شعبكم هو الشرعية”، و”نزل الحراش يرحب بكم” وكذا “سراقين سراقين.. ولأموال الشعب ملهوفين”، فيما طالب المتظاهرون برؤوس من خانوا الأمانة، وعاثوا في الأرض فسادا، مرددين بهتاف موحد “الجزائر أمانة بعتوها يا الخونة”، في إشارة واضحة إلى المتسببين في الفساد المالي والاقتصادي وحتى السياسي. العنابيون يريدون محاسبة من أجبروا أبناءهم على الحرقة؟ ارتاح مع الجمعة 26 أهل بونة من أيام الاصطياف، رغم عودة السياح بشكل كبير بعد انقضاء عيد الأضحى المبارك، وبدت عنابة منتعشة في الصبيحة، وبعد الزوال وصلاة الجمعة، تواصلت المسيرات بكثير من الإصرار على محاكمة رموز الفساد ليس في العاصمة فقط، وإنما في منطقة عنابة التي عاث فيها الفاسدون وتمنوا أن يصل المنجل بسرعة إلى مدينة عنابة لكشف الذين امتصوا عرق الناس واستفادوا من امتيازات كثيرة ومنها على وجه الخصوص القطع الأرضية من مزارع وغابات طالتها العصابات وجعلت شباب المدينة يهاجرون بالمغامرة في قوارب الموت، المئات من العنابيين والعنابيات الذي ساروا في وسط مدينة عنابة باركوا توقيف أفراد من العصابة، واعتبروا الخطوة غير كافية إلا بالزج بكل الفاسدين وفي كل الولايات جميعا في السجون، كما ردّدوا ذات الشعارات التي تدعو إلى الوحدة ونبذ الفتن والفرقة من أجل جزائر واحدة ومتماسكة وقوية كما يتمناها كل الجزائريين منذ بداية الحراك. سكان ميلة يرددون: لا انتخابات بإشراف العصابات واصل سكان ولاية ميلة، الجمعة، مسيراتهم الرافضة لبقاء بقايا النظام البوتفليقي على غرار الباءات المتبقية، حيث خرج مئات المواطنين عبر البلديات والدوائر الكبرى، ليتجمع مئات الشباب المتظاهرين عقب صلاة الجمعة في ساحة عين الصياح وسط بلدية ميلة، قادمين من عدة بلديات، حاملين الرايات الوطنية، ومرددين الشعارات المعهودة مثل “الشعب يريد تغيير النظام”، “الجيش الشعب خاوة خاوة”. كما جدد المشاركون في المسيرة رقم 26، مطلب التعجيل برحيل الباءات المتبقية وفسح المجال لحل حقيقي من دون بقايا النظام البوتفليقي، مؤكدين على رفض تنظيم انتخابات رئاسية بإشراف أفراد النظام السابق، ويبقى أبرز ما ردده المتظاهرون في الجمعة ال26 بميلة “نطالب بحوار وطني شامل”، “لا انتخابات بإشراف العصابات”، المتظاهرون جابوا الشارع الرئيسي لعاصمة الولاية باتجاه محول بوالصوف ثم العودة إلى ساحة عين الصياح. القسنطنيون يتظاهرون ضد لجنة الحوار جدد سكان ولاية قسنطينة، خروجهم إلى الشارع للجمعة السادسة والعشرين على التوالي، رافعين عدّة شعارات رافضة للانتخابات الرئاسية في ظلّ وجود رموز النظام السابق، كما رفع المتظاهرون شعارات رافضة للجنة الحوار التي يرأسها كريم يونس، وطالبوا بضرورة إجراء حوار وطني شامل لإيجاد الحلول اللازمة لحل الأزمة الحالية دون إقصاء ولا تهميش. المتظاهرون الذين لم تمنعهم حرارة الجو المرتفعة من التجمع والسير عبر شوارع المدينة رافعين الأعلام الوطنية، وهتفوا “جيش شعب .. خاوة خاوة” وغيرها من الشعارات التي تدعو للوحدة الوطنية. ولم يتوقف المتظاهرون عن التأكيد على مطلب توسيع دائرة التحقيقات ومحاسبة كل رؤوس الفساد محليا واسترجاع القطع الأرضية والأموال التي تم الاستيلاء عليها بطرق غير شرعية من طرف بعض الأشخاص والنافذين السياسيين في وقت سابق، مؤكدين على مواصلة المسيرات إلى حين الاستجابة إلى كل المطالب المرفوعة منذ بداية الحراك الشعبي. السكيكديون يستعجلون رحيل نفايات فرنسا طالب السكيكديون المشاركون في الحراك الشعبي برحيل نفايات فرنسا، وهذا لخصه الشعار الرئيسي الذي رفعوه على مستوى الشارع الرئيسي الذي امتلأ عن آخره بداية من أمام ملعب 20 أوت 1955، إلى غاية النزل البلدي بعاصمة الولاية سكيكدة، حيث جاء فيه “الشعب يريد ذهاب نفايات فرنسا، فرنسا البشرية السامة التي خلفت وراءها جراثيم آدمية قاتلة تريدنا بلا هوية، كما انتقدوا، الشخصيات الوطنية المدعوة لقيادة الحوار الوطني الشامل، وقالوا إن الحراك الشعبي لم يخترهم، وطالبوا بضرورة مواصلة الحراك الشعبي والتوسع في المطالب المشروعة حسبهم، وهذا ما لخصه الشعار الذي رفعوه “مواصلة الحراك واجب وطني، الالتفاف حول المطالب الأساسية واجب وطني”، كما أصروا خلال المسيرة السلمية رقم 26 والتي شهدت حضورا قويا للمشاركين فيه والقادمين من مختلف بلديات الولاية البالغ عددهم 38 بلدية، رغم حرارة الطقس على التوسع في المطالب المرفوعة . البجاويون: رحيل بقايا نظام بوتفليقة هو بداية حل الأزمة خرج البجاويون، نساء ورجالا، شبابا وشيوخا، جنبا إلى جنب في مسيرة الجمعة ال26، انطلقت من محيط دار الثقافة “الطاوس عمروش” باتجاه الميناء مرورا بمقر الولاية وساحة حرية التعبير “سعيد مقبل” تحت وقع “أطلقوا سراح معتقلينا”، للتأكيد مرة أخرى على ضرورة رحيل كل رموز نظام بوتفليقة على رأسهم بن صالح وبدوي وحكومة هذا الأخير، حيث أشار في هذا الصدد أحد المواطنين أن “رحيل بقايا النظام الفاسد سيكون حتما بداية لحل الأزمة” قبل أن يضيف “أصلا الحراك لم يولد الأزمة وإنما جاء ليحرر البلاد من عبث العصابة التي دمرت الوطن ومستقبل الأجيال”، قبل أن يتساءل مواطن آخر “كيف سنقبل بحكومة جاء بها زعيم العصابة؟”، في إشارة منه إلى السعيد بوتفليقة الذي يقبع حاليا في السجن، فيما أشارت مواطنة أن “مطالب الشعب واضحة وليست تعجيزية.. فنحن نطالب ببناء دولة الحق والقانون وبتطهير البلاد من الفاسدين والمفسدين” قبل أن تتساءل “أليس هذا هو المنطق؟” وقد جدد المشاركون في مسيرة بجاية رفضهم المطلق لأي حوار يشارك فيه أتباع نظام بوتفليقة بشعار “لا حوار مع العصابات”. حراكيو سعيدة يتمسكون بالتغيير الجذري كان حراكيو سعيدة على موعد مع مواصلة الاحتجاج، للخروج في مظاهرة بعد صلاة الجمعة، في مسيرة أقل حشدا من سابقتها نظرا لحرارة الطقس وصفت “بجمعة الإصرار والتغيير الجذري لضمان انتخابات رئاسية شفافة”، في مقدمتها رحيل حكومة بدوي ومواصلة محاسبة الرؤوس المتسببة في الوضع السياسي البائس للبلاد. كما أجمع البعض على الدور الذي تقوم به القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي وجهاز القضاء في الكشف عن ملفات الفساد وزج العصابة في السجن التي أوصلت البلاد والعباد للوضع البائس في كل المجالات واسترجاع الأموال المسروقة من العصابة وحاشيتها حق الشعب. وعبر آخرون خلال هذه المسيرة الشعبية التي أطلقت كالعادة من ساحة الأمير عبد القادر وسط مدينة سعيدة، مرددين النشيد الوطني قسما ترى وهاتفات تغيرت لهجتها هذه المرة لا يعرف مقصدها. كما وجهوا خلال مسيرتهم تحت درجة حر شديدة رسائل سياسية… للأطراف التي تريد إطالة الأزمة التي تعيشها البلاد سياسيا واقتصاديا وماليا واجتماعيا، محددين خلال مسيرتهم …الجماعة التي انزلقت في الوقت بدل الضائع على ظهر الحراك ورفضهم المطلق الالتفاف والقفز على أهداف مطالب الشعب المشروعة، معتبرين حسب الشعارات المرفوعة بأن الشعب هو السيد فلا داعي لتضييع الوقت… نريد وجوها نزيهة محل قبول شعبي تؤسس لجزائر جديدة بنظام جديد ينهي عصابة الفساد لضمان انتخابات رئاسية شفافة.