عين الكثير من السياسيين وقادة الأحزاب والمناضلين، على مرحلة ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية في 12 ديسمبر القادم، وهؤلاء ينتظرون التشريعيات والمحليات المقبلة، سواء كانت مبكّرة، وهذا هو المرجّح والمطلوب، أو في آجالها المحدّدة، وهذا مستبعد، في ظل مطالب الحراك، وكذا أوراق الرئيس المنتخب الذي سيعمل على تقريب وجهات النظر والشروع في “التغيير”! المترشحون “الخمسة”، جهروا جميعهم بتنظيم انتخابات تشريعية ومحلية، واعتبروا المجالس الحالية “غير ممثلة”، ومنهم من وصفها ب”غير الشرعية”، ومع أن التغيير يبدأ من هذه المجالس “المخلية” والمغضوب عليها، فإن هذا المسعى يكشف الزاوية المظلمة في مداومات المتسابقين على كرسي الرئيس، مركزيا ومحليا، حيث يتهافت صغار الانتهازيين ويتزاحمون في الطابور استعدادا لما بعد الرئاسيات! التغيير الذي تطالب به الأغلبية من الجزائريين، ويعد به الخمسة، جهارا نهارا، ينبغي أن لا يعطي فرصة للوصوليين ولا لعودة “الغمّاسين” و”الشحّامين” ممّن أهلكوا الحرث والنسل خلال السنوات الماضية، وكانت لهم اليد الطويلة في “تكريه” المواطنين في الانتخابات، وشوّهت المجالس المنتخبة، وجعلت من المنتخب “بزناسيا” حتى وإن كان بريئا! هذا النوع من الكائنات الطائرة والزاحفة والحلزونية والحربائية، كان لها كذلك سببا في التراكمات التي انتهت بحراك 22 فيفري، وإن كان قد لقيت الرعاية واستغلت ظروفا معيّنة عنوانه الولاء والطاعة خلال العشرين سنة الماضية، وعليه، من المفيد أن لا تعود هذه الوجوه المنبوذة، ولا تجد لها مكانا في قوائم الأحزاب وحتى الأحرار لاحقا! صحيح أنه من حقّ كلّ جزائري الترشح، لكن، هؤلاء أفاضوا الكأس بالبرلمان والمجالس البلدية والولائية، وطبعا فإنهم كانوا ينتشرون وينتقلون ويصولون ويتجوّلون في كلّ الفصول والأشهر الهجرية والميلادية، عبر مختلف التشكيلات السياسية، الجديدة والقديمة، في الموالاة والمعارضة، وهو ما ضرب نسبة المشاركة في الاستحقاقات السابقة! هذه الوضعية الحرجة والمزعجة، التي طبعات الانتخابات خلال الفترات المنصرمة، تسبّبت كذلك في نفور واختفاء واختباء الكفاءات والمقبولين والمرغوب فيهم والمطلوبين شعبيا، على مستوى الولايات والبلديات والقرى والمداشر، بحجة أنهم لن ينخرطوا في تلك الأحزاب، ولن يقبلوا باستعمال أسمائهم لتزويق قوائم المترشحين لعضوية البرلمان والمجالس المحلية، لكن هذه الاستقالة والانسحاب، أغرق الهيئات النيابية بالنطيحة والمتردية! مثلما لا تنفع سياسة الكرسي الشاغر، والعدمية الأبدية، كذلك لا فائدة من استمرار الطبقة السياسية مستقبلا في الاستعانة بخدمات “وجوه الشرّ” ممّن إذا صادفهم أيّا كان، “خلات عليه” وتحوّلوا إلى نذير شؤم لا يأتي معهم لا خير ولا خمير!