أكدت مصادر قريبة من التحقيق في قضية اختطاف الصغير بوشلوح ياسين، أن محققي الشرطة "في طريق القبض على الجاني"، غير مستبعدة أن يكون المتورط أكثر من واحد. وأشارت مصادرنا ، إلى أن مصالح الأمن كانت قد باشرت تحقيقا دقيقا منذ اليوم الأول من اختفاء الطفل لكنها حرصت على السرية وعدم تسريب أية معلومات لعدم التشويش على التحقيق، ومما تسرب إلينا، فإن المحققين اشتغلوا منذ البداية على فرضية الإختطاف، وكانوا يتحركون بالزي المدني، وتنقلوا إلى بعض الولايات في إطار التحقيق في قضية الصغير بوشلوح ياسين. ومن المقرر أن يتم عرض تفاصيل القضية في ندوة صحفية تنشطها خلية الإتصال بأمن ولاية الجزائر، بعد توقيف الجناة "وذلك سيكون قريبا" حسب مصادرنا التي كشفت أن المحققين اشتغلوا على السيارة التي نفى أهل الطفل في البداية أن تكون قد "اختطفت" ياسين لتمسكهم ب"الإختفاء الغامض"، لكن المعلومات المتوفرة لدينا تفيد أن شاهدا أبلغ الشرطة بتواجد سيارة على متنها 3 شبان، سوداء اللون من نوع ميڤان وزجاج النوافذ داكن اللون ومزينة، تزامن مرورها بالحي مع وجود ياسين بعين المكان، واختفى الطفل والسيارة في وقت واحد، وقال الشاهد الذي تمسك بأقواله، إن الشبان يكونون من خارج العاصمة لمؤشرات تم التحفظ عن ذكرها لنا للحفاظ على سير التحقيق، وأن أحدهم كان يتردد على الحي واختفى مباشرة بعد اختفاء ياسين. المعلومات المتوفرة لدى "الشروق" تفيد أن الحي الذي يقيم فيه ياسين عرف حالة "بيدوفيليا" (انتهاك عرض قاصر) في وقت سابق، مما لا يستبعد أن يكون الصغير ضحية أخرى لذلك، وعلمنا أن والده تعرف عليه من خلال علامة خصوصية على صدره وأن جثته كانت في حال تحلل. الكلب "بيف" حدد أماكن وجود ياسين أمام البيت ثم الكوخ والبئر بعد اختفائه ساعتان من البحث بواسطة الكلب "بيف" كانتا كافيتين لوضع حد لمعاناة عمرها 50 يوما من البحث والتنقل والإنتظار وترقب أخبار عن مصير الصغير ياسين بوشلوح الذي تمسكت عائلته إلى آخر يوم بأمل العثور عليه حيا، التقت "الشروق" بأحد مقربي الوالد يوسف بوشلوح، وهو منتخب بالمجلس الشعبي البلدي لبلدية واد قريش الذي رافقه في أول يوم من المأساة، وهو صاحب فكرة البحث بواسطة كلب مدرب، إضافة إلى صاحب الكلب الذي اكتشف جثة ياسين الذي روى ل"الشروق" تفاصيل العثور عليه "إتصل بي السيد رشيد بن صابري وهو عضو في المجلس ببلدية واد قريش، وطلب مني خدمات الكلب "بيف" الذي ساهم في انتشال الجثث في فيضانات باب الواد، وافقت متطوعا بعد استكمال الإجراءات، لأنني موظف بشركة أوراسكوم التي رخصت لي البحث عن ياسين"، يوم الثلاثاء يتنقل إلى مسكن عائلة بوشلوح، يعرض حذاءه ومحفظته التي كان يذهب بها للدراسة بالمسجد، وبذلة جديدة جربها فقط ولم يكن يدرك أنه لن يرتديها أبدا، على الكلب "بيف" ليشمها ويتلقى توجيهات معلمه لينطلق في البحث، وكانت أول محطة له المكان الذي اختفى منه ياسين على بُعد أمتار من مدخل العمارة التي يقيم بها، يقف الكلب هناك لحظات ليشير لمعلمه أنه كان هنا، يقوم بدورة على العمارة والحي ويعود ثانية إلى نفس المكان (هذا مايؤكد أن ياسين كان هنا قبل اختفائه)"، ويقرر عبد الرحمن الذي كان مرفوقا بالمنتخب بن صابري، يوسف والد ياسين وأفراد الشرطة يتقدمهم الضابط صحراوي رئيس خلية حماية الأحداث بالمقاطعة الشرقية للشرطة القضائية لأمن ولاية الجزائر "كانوا بالزي المدني لعدم إثارة الشكوك"، البحث وسط الأحراش، يسأل يوسف والجيران عن وجود بئر في المنطقة، لكنه يتلقى إجابة بالنفي "لا أحد كان على علم بوجود بئر في الناحية وقيل لنا إن الآبار تم ردمها عند انطلاق أشغال إنجاز الطريق السريع"، يقطع الجميع المسلك الترابي المؤدي إلى المزرعة القريبة مرفوقين بالكلب الذي كان يدل معلمه على مرور قطط وكلاب وحيوانات بهذا الطريق، يجتاز الطريق المعبد ويركض باتجاه كوخ، بدا لنا خلال زيارتنا للمكان أول مرة أنه مهجور تنبعث منه رائحة الخمر وبقايا الأكل إضافة إلى صندوق به أكياس حليب ومعطف ممزق ورث، يدخل الكلب إلى الداخل، يبقى بضع لحظات ثم يخرج ويقود الجميع باتجاه موقع البئر الواقع خلفه والوصول إليه يكون عبر منعرج ترابي، يقف الكلب "بيف" ولا يتحرك، وهنا يدرك معلمه انه عثر على شيء ما، يقترب الجميع من البئر الذي يكتشفون وجوده لأول مرة، والواقع أن رمي الجثث في الآبار بعد تنفيذ الجرائم هو من بصمات "الجيا" خلال سنوات الإرهاب، وتتجه عادة التحقيقات الأمنية في جرائم القتل وإخفاء الجثة والإختطافات إلى البحث في الآبار، وتدخل بن صابري ليبلغ يوسف والد الصغير أنه ربما كلب أو كبش سقط في الداخل "لكني سعيت ليتقبل الفاجعة وأخبرته ماذا لو كان ياسين ربي يعوضك عنه، لكنه أكد لي أنه شجاع ومؤمن بالله"، ويقول عبد الرحمن صاحب الكلب "بيف" إنه في ظل عدم اكتشاف شيء محدد، إتصلت مصالح الشرطة بمصالح الحماية المدنية التي أوفدت فرقة من الغطاسين الذين تنقلوا في حدود الثانية ونصف بعد الزوال إلى البئر، وتمكنوا من تأكيد وجود جثة بعد أن عاينوا المكان بواسطة مصباح، ونزل الغطاسون لينتشلوا الجثة التي كانت تنبعث منها رائحة كريهة جدا نتيجة التحلل، ورفض كلاهما نقل تفاصيل عنها "خليها في ستر الله"، خاصة وأن المعلومات المتوفرة لدى "الشروق اليومي" تفيد أنها كانت متعفنة وتآكل وجه الصغير وتعرف عليه والده من خلال علامة خصوصية "وحم" على صدره، لكن "بيف" يتجه مجددا نحو أحد أفراد الشرطة العلمية الذين إلتحقوا بمسرح الجريمة، ويشم يده التي رفعت بصمات الجثة ويعود مرة أخرى إلى الكوخ المشؤوم ويجلس كأنه يبلغ معلمه "أن ياسين مر من هنا"، ليتجه إلى مسكن قصديري لا يبعد عن البئر إلا بحوالي 70 مترا، كان به عديد الأطفال ليعود أدراجه أمام الجثة "حاول أن يبلغني أن المبحوث عنه هو صاحب الجثة". التحقيق شمل السيارة السوداء المشبوهة التي اختفت مباشرة بعد اختفاء ياسين. عملية البحث بواسطة كلب مدرب في البحث عن الجثث والأشخاص، كانت من اقتراح السيد بن صابري رشيد عضو في المجلس الشعبي البلدي بواد قريش، منذ أكثر من 20 يوما، وهو في الواقع زميل يوسف في العمل "كنا نشعر أن ياسين ابننا ومن هذا الباب انخرطنا في البحث عنه وأنشأنا خلية أزمة" ليكشف أنه قام رفقة رياضيين من البلدية وبمبادرة شخصية بطبع 2500 صورة من الحجم الكبير للبحث عن ياسين وهي تلك التي تم تعليقها في كل مكان، ووصلت إلى مسجد لندن ببريطانيا وحتى في تونس "كنا نبحث عنه في كل مكان ولم نستبعد أي شيء"، وأضاف أنه بعد أن طال الوضع دون ورود أخبار، عرض على يوسف والد الصغير المفقود البحث عنه بواسطة كلب مدرب خاصة وأنه على علاقة بعبد الرحمن صاحب الكلب "بيف"، وبعد مرور 10 أيام أعلن يوسف موافقته لتنطلق الإتصالات وكان يجب توجيه أكثر من 6 مراسلات إلى إدارة شركة "أوراسكوم" التي يعمل لديها عبد الرحمن بصفته رئيس فرقة الأنياب بالمؤسسة، التي رخصت له بذلك "والواقع أننا تلقينا تسهيلات وتعاونا من مسؤولي الشركة وكذا مصالح الشرطة التي رافقتنا وسهلت المهمة وأطرتها وهؤلاء الذين ساندونا في الظروف الصعبة مشكورون". كان من المتوقع أن تستغرق العملية أياما على خلفية أن إتصالات سابقة أفادت أنه شوهد في ضواحي حي الباخرة المحطمة وقرب محطة نقل المسافرين بتافورة و...لكن الواقع أن الصغير كان مرميا غير بعيد عن بيته، داخل بئر عمقه 23 مترا بسعة 2.5 متر من الماء، مما حال دون تسرب رائحة تعفن الجثة وهذا ما قد كان يدركه المختطف (أو المختطفون) الذين إن توصلت التحقيقات أنهم أنفسهم الذين كانوا على متن السيارة المشبوهة، يكونون قد إتجهوا إلى هذا المكان من الجهة الأخرى مرورا بالورشة ولم يكن بالإمكان أن يكتشف أحدهم أمرهم لخلو المكان من المارة في ساعة القيلولة إضافة إلى تفادي عديد الناس حسب تصريحات متطابقة المرور بهذا المكان غير الآمن خوفا من الإعتداء. يومايت عبد الرحمن صاحب الكلب "بيف" روى المشاكل التي تواجهه التي سنعود إليها في وقت لاحق، لكنه شدد على أن ما قام به كان عملا إنسانيا "لله في سبيل الله"، واعتبر من قام بهذا العمل الشنيع في حق طفل بريء "شيطان ونتمنى توقيفه كما توصلنا إلى ضحيته". أما بن صابري فدعا السلطات لتشديد العقوبات على المتورطين في مثل هذه القضايا لحماية الطفل، "أطفالنا معرضون اليوم إلى الخطر، واجب الدولة حمايتهم"، وهناك إشارة ضمنية إلى أن ياسين كان ضحية اختطاف متبوع باعتداء جنسي والقتل، ولذلك لم يتصل مختطفوه لطلب فدية وتخلصوا منه بهذه الطريقة البشعة لإسكاته للأبد. نائلة.ب