عودة الطلبة والطالبات مع بداية الأسبوع بعد عطلة الشتاء، تزامنت مع تعليمة الديوان الوطني للخدمات الجامعية، التي أمرت مديري الإقامات الجامعية بالتدخل ومنع استعمال السخانات وأدوات الطهي، وإن تطلّب الأمر طرد الطلبة نهائيا من الإقامات الجامعية إن خالفوا هذه التعليمة، وهذا بعد أن ارتفعت حوادث الاحتراق وكان آخرها ما حدث قبل نهاية الثلاثي الأول من الموسم الجامعي الحالي في الإقامة الجامعية نحاس نبيل بقسنطينة، حيث نسيت طالبة السخّان مشتعلا، وغادرت غرفتها لتسهر مع زميلاتها في غرفة أخرى، فاحترقت غرفتها بما فيها عن آخرها، وبرغم تدخل العمال الذين خاطروا بحياتهم لأجل إطفاء الحريق إلا أن هلع الطالبات أخرجهن للشارع، وقضين يومين كاملين في الاحتجاج، وهو ما دفع الديوان الوطني للخدمات الجامعية للمسارعة في تطبيق التعليمة، رغم تزامنها مع شهر جانفي، وتزامن ذلك مع وجود تيار بارد، إذ نزلت درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، وتهاطل الثلج على المرتفعات التي تبلغ 700 متر بالرغم من أن بعض الإقامات الجامعية في مدينة باتنة مثلا ما زالت من دون مسخنات. وكانت كل الإقامات من دون استثناء، قد علقت في مداخلها وفي النوادي التعليمة التي تمنع استعمال الأجهزة الكهربائية، وطبعا قارورات الغاز الصغيرة، وقضى طوال الأسبوع الحالي عمال مختلف الإقامات، الليل في التجوال بين الأروقة وقرب الغرف الطلابية، لمنع الطلبة من التعدي على التعليمة، ورغم أن الأمر لم يصل في 300 إقامة في الوطن درجة طرد أي طالب، إلا أن حجز الآلاف من السخانات هو ما ميّز بداية الثلاثي الثاني، كما منعت إقامات جامعية استعمال الكهرباء إلا إذا كان عبارة عن تلفزيون أو أجهزة الإعلام الآلي أو الثلاجات الصغيرة ومنعت استعمال المكواة ومجففات الشعر، رغم أن غالبية الطالبات لا يمكنهن مغادرة غرفهن إلا بعد تسريح شعورهن بالمجففات. مدمنو الشاي والقهوة يطالبون بحلول الارتفاع القياسي لعدد الطلبة في الجزائر الذي قارب مليون ونصف مليون طالب، وبلغ في الجزائر العاصمة فقط 120 ألف طالب جامعي وهي بذلك تعني تفوق العاصمة الجزائرية بعدد طلبتها على عدد سكان دولة إيسلندا في شمال القارة الأوروبية، دفع الطلبة للتساؤل عن مصيرهم إذا لم يعجبهم الأكل المقدم في الوجبات، خاصة في وجبة العشاء بالنسبة لطلبة الطب مثلا، الذين يقضون الكثير من الليالي البيضاء وكثير منهم يتعاطون القهوة والشاي ولا يمكنهم أن يشربوها باردة، وأكد الكثير من الطلبة والطالبات ممن اتصلت بهم الشروق أنهم يستعملون المسخنات في الخفاء، ويقول آخرون أن بعض عمال الإقامات هم أيضا يستعملون المسخنات في أماكن تواجدهم، وفي مراكز الحراسة بالنسبة للفريق الأمني، ويغضون الطرف عن بعض الطلبة دون البقية، وهو ما يوحي باحتجاج ضد التعليمة في أقرب الآجال خاصة في أيام الثلج، حيث يصبح الغسل بالماء الساخن والأكل الساخن من الضروريات، وباشرت الكثير من التنظيمات الطلابية في الضغط على مختلف الإقامات لأجل تحسين الوجبات الغذائية، خاصة وجبات العشاء كمّا ونوعا، وهدّدت بنسف التعليمة إذا حدث خلل في التسخين الغازي، أو تواصل الإطعام على رداءته الحالية، واقترحت بعض التنظيمات الطلابية فتح المطاعم، وتسهيل عملية استعمالات آلات الطهي الخاصة بالإقامة لصالح الطلبة والطالبات، تحت أعين العمال، وهو الاقتراح الذي يستحيل تحقيقه، بسبب كثرة الطلبة واستحالة أن يبقى العمال في المطاعم طوال الليل، بينما اقترح الطلبة تقديم الإطعام على مرحلتين إحداهما مع غروب الشمس بتوقيت صلاة المغرب، والثانية في منتصف الليل بما يشبه وقت السحور، سيكون إقبال كبير عليه بالنسبة للطلبة الذين يدرسون العلوم الطبية والتكنولوجية الذين يدرسون طوال الليل، ولحد الآن ما زال منع استعمال المسخنات وآلات الطهي سواء التي تستعمل غاز البوتان أوالكهرباء ممنوعة دون أي بديل، ماعدا وعود بتحسين الوجبات، وتوفير المرشات والماء الساخن على الدوام في الإقامات الجامعية، وكانت الموسم الماضي قد انفجرت فضيحة في إقامة جامعية بأم البواقي اتضح أن طالبات حوّلن فيها غرفة إلى محشاشة باستعمال الشيشة بالمخدرات، كما أوقفت جامعة منتوري في قسنطينة مهزلة عندما استعمرت بعض الطالبات مرحاضا، وحرمن الطالبات منه وحوّلنه إلى حانة ومحشاشة، وهي الأجواء التي منحت الطالبات حرية السهر المبالغ فيه، ومن المطاعم إلى أمور أخرى تجعلهن يفقدن وعيهن وينسين السخانات وآلات الطهي، وقد يتسبب ذلك في حرائق وأحداث خطيرة تطول الطالبات والطلبة، ويبقى المشكل الأساسي هو سخانات التدفئة في المدن الداخلية مثل الأغواط والجلفة وتيارت، حيث سيعرف الشهر الحالي جانفي بلوغ درجة الحرارة حدود السبع درجات تحت الصفر، وقد لا تكفي السخانات التي وفّرتها الإقامة بالنسبة للغرف الكبيرة التي يتواجد فيها عدد كبير من الطلبة والطالبات، وهو ما قد يدفع الطلبة لتجاوز التعليمة مكرهين. نهاية غرف المطابخ وغرف الحلاقات رغم أن شهر رمضان في السنتين الأخيرتين وحتى في السنتين القادمتين، سيتزامن مع العطلة الصيفية إلا أن استعمال الطلبة لآلات الطهي تضاعف بشكل مثير فصار في كل غرفة آلة طهي ومحفظة، وحسب مصدر من المؤسسة الوطنية للكهرباء والغاز بقسنطينة فإن الكهرباء التي تستهلكها الهياكل الجامعية هو ربع الكهرباء التي تستهلكها ولاية قسنطينة التي يقارب تعداد سكانها المليون نسمة، وكان المشهد الطلابي في مختلف الإقامات في السنوات الأخيرة وفي الثلاثي الأول قد حوّل بعض الغرف الجامعية إلى مطابخ حقيقية رغم صغرها ونقص التهوية فيها، ولا تجد بعض الطالبات أي حرج في تقديم خدماتهن أمام الملأ، حيث تعلقن في نادي الإقامة إعلانات عن بيع وطهي مختلف الأطعمة مثل الكسكسي والشاي والحليب تنافس بهن محلات النوادي التي لا تبيع الساندويتشات، وبلغت إحدى الإقامات درجة أن وضعت طالبة طاولة في رواق أحد الأجنحة وباعت ساندويتشات وبوراك للطالبات دون أن تحرك الإقامة الجامعية ساكنا، أما الطالبات الموهوبات في فن الحلاقة، فقد كسبن الكثير من المال، ومنهن من فضلن إعادة السنة على النجاح، حتى يحققن مزيدا من الأرباح المادية، وكانت بعض الطالبات لا تجدن حرجا في كتابة مطبخ على باب غرفتهن، أما عن الغرف التي صارت قاعات حلاقة فحدّث ولا حرج، وهو ما يجعل تطبيق التعليمة في حاجة إلى صرامة أو صبر لأجل تجسيدها، وعادت "التارموسات" للظهور بقوة بالنسبة للطلبة والطالبات من مدمني القهوة والشاي، بينما طالب أصحاب المحلات داخل نوادي الإقامات الجامعية بتوسيع خدماتهم للطلبة، من طهي الساندوتشات أو البوراك والشوارمة وأن تبقى نوادي القهوة والحليب مفتوحة إلى ما بعد منتصف الليل، في الوقت الذي بدأت الجامعة في التفكير في تحقيق وسائل النقل خاصة مع اقتراب تسليم الطريق السيّار لأجل نقل الطلبة إلى مدنهم وقراهم يوميا، وتفادي هذه الإحراجات التي جعلت الطالب أشبه بالجهاز الهضمي الذي دفع العام الماضي ثمنا غاليا في تلمسان في المطعم، وغالبية احتجاجاته على المطعم، والتعليمة التي شغلت الطالب الآن، مست أيضا جهازه الهضمي، في الوقت الذي لا أحد يطرح ضرورة وجود مكتبات في الإقامات الجامعية أو قاعات لممارسة مختلف الرياضات الفردية والجماعية. السؤال المحرج عن فرص النجاح في منع المسخنات وآلات الطهي عن الاستعمال داخل الغرف الجامعية حوّلناه إلى عمال الإقامات، فأكدوا أن مهمتهم ليست سهلة إطلاقا، ومن المستحيل أن يفتشوا بشكل دائم حقائب الطالبات بالخصوص، وقال حارس إقامة مكلف بالأمن، أنه لا يجرؤ على طلب تفتيش حقيبة طالبة منقبة أو محجبة مثلا، وهناك من الطالبات من يصلن إلى الإقامة رفقة أوليائهن، وستكون مخاطرة غير محسوبة الخواطر المطالبة بتفتيش الحقيبة التي تكون فيها ألبسة داخلية وعلب ماكياج وربما أيضا آلات تسخين وطهي صغيرة جدا، والمهمة أصعب في مراقبة غرف الطالبات ومحاولة اقتحامها، وقد يتحول العمل المطلوب إلى اتهام بالتحرش أو ما شابه ذلك، كما أكد بعض العمال أن الطالبات يدخلن بعض السخانات كقطع غيار في المحفظة، أما عن منع المجففات الخاصة بالشعر، فأجمعوا على أنه من المستحيلات، لأن بعض الطالبات قد تقبلن الذهاب إلى الجامعة من دون محفظة، ولكن أن تفرطن في مجففات الشعر فذلك من المستحيلات، ورغم مرور أسبوع واحد فقط عن بداية تطبيق التعليمة إلا أن مختلف الإدارات والطلبة والمنظمات الطلابية تحاول إيجاد حلول وسطية خاصة أن الجامعة قدمت نماذج مأساوية حدثت في السنوات الأخيرة بسبب استعمال الطلبة ومنهم الكثير من القصّر والقاصرات دون سن 18 مختلف الآلات الكهربائية دون أخذ احتياطات، وأحيانا دون وقاية، إذ هلك طالب في وهران وُجد محترقا في غرفته بعد إصابته بتيار كهربائي، كما أصيبت طالبتان بإعاقة في قسنطينة، واحترق ثلاثة طلبة من الجنوب في إقامة عاصمية بسبب الاستعمال السيء للآلات الكهربائية.