قدم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تيون، الثلاثاء، ضمانات وتطمينات لرجال الأعمال ومسؤولي الشركات العمومية والخاصة، قصد خلق المناخ المناسب للاستثمار والوصول بالاقتصاد الوطني إلى اقتصاد حقيقي متحرر كليا من الريع، مؤكدا أن إجراءات قانونية وتخصيصات مالية جاهزة لتطبيق خطة الإنعاش الاقتصادي، مدعومة بإرادة سياسية كبيرة تغلق مجال المزايدة بالوطنية لأن وقت الاستفاقة قد حان. بعنوان الصراحة وصفاء القلوب، افتتح، الثلاثاء، رئيس الجمهورية الندوة الوطنية الاقتصادية للإنعاش الاقتصادي، وفي خطاب خرج في غالبية محطاته عن النص وضع الرئيس النقاط على الحروف وبلغة الأرقام شخّص الوضعية المالية والاقتصادية، وبجاذبية المخصصات المالية تحدث الرئيس إلى المسؤولين عن تحريك العجلة الاقتصادية من رجال أعمال ومسؤولي مؤسسات عمومية وخاصة، الاستراتيجية منها والصغيرة والمتوسطة التي أكد أنها الرهان للوصول إلى اقتصاد متحرر من الريع، الذي أكد أنه بقي شعارا يردد من قبل القائمين على تسيير شؤون البلاد دون أن يتحقق. التنازل عن جزء من العملة الصعبة للمصدرين أول نقطة أثارها الرئيس في خطابه أمام المشاركين في الندوة الوطنية للإنعاش الاقتصادي والاجتماعي تخص ضرورة رفع قيمة الصادرات خارج المحروقات السنة القادمة إلى 5 ملايير دولار، عوض الملياري دولار من العائدات في الوقت خارج المحروقات في الوقت الراهن، مؤكدا وجود العديد من الطاقات خارج المحروقات يمكن استغلالها، كما شكلت مهمة استعادة الثقة بين المواطن والدولة، نقطة محورية في حديثه، وقدم الرئيس جميع الضمانات المطلوبة للراغبين في الاستثمار وتشجيع التصدير، يتقدمها استعداد الدولة للتنازل عن جزء من العملة الصعبة للمصدرين ومساعدتهم، على استيراد مصانع من الدولة المتعثرة اقتصاديتها جراء الأزمة الصحية ودراسة وضعياتهم المالية والجبائية، من منطلق أنهم يشكلون موردا من موارد العملة الصعبة للدولة. فتح الملاحة الجوية أمام الخواص وفي سياق تشخيص الوضع، انتقد الرئيس المنظومة البنكية واستغرب الحديث عن تصدير دون وجود لامتدادات الشبكات البنكية الجزائرية بالخارج بما فيها دول إفريقية، مؤكدا إمكانية اقتحام الخواص هذا المجال وإنشاء بنوك بالشراكة مع القطاع العمومي أو حتى بنوك أجنبية من أجل تحصيل وتحويل العملة الصعبة. قرار الفتح وإنهاء عهد الانغلاق الذي يعد أحد مثبطات الوصول إلى اقتصاد حقيقي لم يتوقف عند البنوك بل تعداه لدى الرئيس للملاحة الجوية والبحرية اللذين أعلنهما مفتوحين أمام الخواص، منتقدا كلفة استيراد الخدمات التي تصل 12.5 مليار دولار منها أزيد من 3 ملايير دولار تكاليف للنقل فقط، داعيا إلى التوجه نحو الدبلوماسية الاقتصادية والمساعدة على التصدير نحو الخارج، خاصة البلدان التي لديها قابلية. 190 ألف مليار جاهزة لتمويل الاستثمار رئيس الجمهورية، الذي دافع عن خيار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعات التحويلية لتخطي اقتصاد الريع، وتحقيق اقتصاد حقيقي، أكد جاهزية البنوك بمحفظة مقدارها 1900 مليار دينار أي 190 ألف مليار سنتيم كقروض موجهة للاستثمار، يضاف لها نحو 12 مليار دولار من العملة الصعبة، مؤكدا أن كل الأبواب مفتوحة أمام المستثمرين، وبتسهيلات وامتيازات شريطة أن لا تذهب عائدات القروض البنكية التي مولت الاستثمار لشراء عقارات ببرشلونة ومدريد، في إشارة ضمنية إلى مرحلة حكم بوتفليقة. وذكر الرئيس بأن المؤسسات الوطنية التي تساهم في خلق مناصب العمل ستحظى بإعفاءات ضريبية، مطالبا بضرورة اعتماد الرقمنة في قطاعات البنوك والضرائب والجمارك، وشكك الرئيس في نوايا بعض القطاعات وقال إن هدفها الاستمرار في الضبابية المفتعلة والابتعاد عن الشفافية. الجزائر مستهدفة ولا مجال للمزايدات بالوطنية وفي سياق خروجه عن النص دائما، أعاب الرئيس على مشاريع "أونساج" الصبغة الاجتماعية، مؤكدا على ضرورة عودتها إلى طابعها الاقتصادي من أجل الإنتاج وخلق الثروة، مؤكدا أنه لا حاجة لاستثمار لا يخلق مناصب شغل وقيمة مضافة وتقليص الاستيراد، وحتمية تقليص فواتير الاستيراد الذي لم يكن سوى غطاء لتضخيم الفواتير واستنزاف العملة الصعبة. وتابع الرئيس، مشددا أنه لدينا وطن واحد والوطن مستهدف خاصة وأن الأزمة التي دخلنها لسنا من تسبب فيها ولو كان لدينا اقتصادنا لم تتعطل مصالح البلاد، مضيفا أنه يجب الاستفادة من الربح المشروع وليس السهل على حساب السيادة الوطنية والوطن. عهد الضرب تحت الحزام انتهى في سياق التطمينات التي أطلقها الرئيس وأثارت تفاعلا إيجابيا لدى المسيرين داخل القاعة، إعلانه عن تعليمة سيسديها إلى قطاع العدالة بخصوص الرسائل المجهولة، وذلك لوقف العمل بها، مؤكدا "عهد الضرب تحت الحزام انتهى"، وأضاف من أراد التبليغ عن الفساد فعليه التوجه لوسائل الإعلام وأضاف فهناك 180 جريدة يومية، ومن لديه الشجاعة يتفضل، ولدينا إمكانيات للتحريات، والجميع بريء إلى غاية ثبوت العكس. الوضع المالي صعب… وليس قاتلا وقال الرئيس تبون، إن الوضع المالي للبلاد صعب لكن ليس قاتلا مثلما تحاول بعض الأطراف تصويره، موضحا أن الدولة تستطيع التحكم في الوضع حاليا في انتظار إمدادات واستثمارات الفاعلين لإنعاش الاقتصاد الوطني، مجددا أن البلاد لديها 57 مليار دولار، وهي كافية للدفع بالاستثمار، تضاف إليها 1900 مليار لتمويل الاستثمارات، شريطة توفر الإرادة وتنظيم الاستثمار الاقتصادي. وجدد الرئيس رفضه الاستدانة الخارجية، وقال "لن نتذلل عند أبواب المؤسسات المالية العالمية، سواء كان صندوق النقد الدولي أو البنك العالمي، ولا حتى الدول الصديقة"، مؤكدا أنه لولا ستر الله سبحانه لكنا اليوم في هذه الوضعية، مشيرا إلى أن الجزائر التي بلغت احتياطاتها المصرفية 300 مليار دولار منذ 7 سنوات فقط اليوم تآكلت وأصبحت عند 57 مليار دولار، ومع ذلك أبدى الرئيس تفاؤلا بغد أحسن وبوضعية مالية أريح مشيرا إلى إمكانية غلق السنة المالية بعائدات عند 24 مليار دولار من المحروقات وإنتاج فلاحي داخلي عند 25 مليار دولار.