بإعطاء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مهلة شهر للمجلس الاقتصادي الاجتماعي لتقييم مدى تطبيق قرارات ندوة الإنعاش الوطني، ولعب دور الوسيط، تقرر رسميا إخراج هذا المجلس من حالة الجمود التي كان يشهدها لمدة ربع قرن، وتحويله إلى خلية يقظة لتقييم السياسات الاقتصادية ودق ناقوس الخطر في الحالات الحرجة ومراقبة دور الهيئات العمومية ونقل انشغالات المواطنين لأعلى هرم في السلطة. ووفقا لمصادر من "الكناس"، فإن المجلس الاقتصادي الاجتماعي ينتظر صدور الوثيقة المنظمة لنشاطه وهيكلته قريبا والتي تتواجد حاليا محل دراسة لدى رئيس المجلس رضا تير ونوابه، في انتظار انتخاب أعضائه والمقدر عددهم ب180 خبير ومختص في الاقتصاد، منهم المعينون من طرف رئيس الجمهورية والوزير الأول وآخرون منتخبون من الجمعيات المدنية والنقابات والأساتذة الجامعيون وأرباب العمل، كما سيتحول اسم "الكناس" إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وفقا لمسودة الدستور الجديد. وحسب ذات المصادر، فإن "الكناس" سيسهر على مراقبة تنفيذ قرارات ندوة الإنعاش الاقتصادي، منها ما يتجسد على المدى القصير على غرار إلزامية الرقمنة والشباك الوحيد ومنها على المدى المتوسط إلى غاية نهاية سنة 2021، وأخرى إلى غاية سنة 2024 على غرار قرار خلق مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة، ورفع تقرير لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وفقا لطلبه خلال شهر. ويؤكد العضو السابق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي عبد الرحمن مبتول في تصريح ل"الشروق" أن تجديد هياكل الكناس بعد تنصيب رئيس جديد له من طرف رئيس الجمهورية بات أكثر من ضروري، خاصة أن معظم الأعضاء أمضوا 20 سنة اليوم بالمجلس، حيث يتوجب عقد جمعية عامة لانتخاب الأعضاء، إضافة إلى أولئك الذين ينصبهم رئيس الجمهورية والوزير الأول، معتبرا أن معظم الأعضاء الحاليين تم انتخابهم سنتي 1995 أو 2005. وشدد الخبير على أن بروز جمعيات وخبراء جدد يفرض تجديد المجلس الذي بقي مجمدا منذ سنوات ولم يلعب الدور المخول له. وأضاف الخبير أن الكناس يجب ألا يكون ناطقا باسم الحكومة أو مجرد مكتب دراسات، وإنما يجب أن يتحول إلى وسيط بين المجتمع المدني والجمعيات وأرباب العمل والحكومة ويشتغل بشكل مستقل ويكون له دور في اتخاذ القرارات أو إلغائها، مشيرا إلى أن "الضبابية والغموض اليوم يلفان دور الكناس الذي يبقى مجرد هيئة لا تسمن ولا تغني من جوع". وطالب مبتول باسترجاع دور "الكناس" الذي برز في عهد الرئيس الأسبق اليمين زروال، حينما كان يترأسه محمد الصالح منتوري، حيث دق آنذاك ناقوس الخطر عدة مرات بشأن سياسات البنك المركزي ووزارة المالية والصناعة والحكومة ككل، وكان وراء قرارات أنقذت الجزائريين، ليدخل بعدها المجلس الاقتصادي الاجتماعي الثلاجة ويتم تجميده بشكل رسمي، في حقبة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. ويطالب مبتول اليوم "الكناس" بالخروج من عباءة الحكومة والتزام مبدأ الاستقلالية في قراراته وتوجيهاته ويلعب دور الوسيط مثلما طالب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وهو الدور الحقيقي لهذا المجلس الذي يتجاوز عمره اليوم ربع قرن. من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي وأستاذ الحوكمة الاقتصادية عبد القادر بريش أن الكناس هيئة استشارية في مجال تحديد أولويات السياسات العمومية من جهة، ومن جهة ثانية آلية حوكمة وتقويم لهذه السياسات، مضيفا "في السابق كان الكناس يتكون من نحو 200 مستشار وخبير يتم تعيينهم من مختلف الدوائر الوزارية وممثلي النقابات وأرباب العمل والجمعيات"، وأردف، قائلا "ننتظر الدستور الجديد ليتم ترسيم المجلس كهيئة استشارية دستورية ويصبح اسمه كما هو مقترح في الدستور الجديد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي".