عادوا إليها، بعد ترقب وانتظار، دام أشهرا عديدة.. دخلوها، في مشهد مهيب وجلل، بشوق كبير، باكين خاشعين متضرعين لله بألا يغلق أبواب بيوته في وجوههم… ارتدوا الكمامات، والتزموا تدابير الوقاية من فيروس كورونا، خوفا من الطرد.. مصلون هرعوا إلى المساجد قبل فتحها، لتنظيفها وتعقيمها وتحضيرها لاستقبال العائدين إليها، بعد فراق أشهر عديدة، جعلهم يستذكرون مكانتها في حياتهم وقلوبهم، ويلمسون طعم الراحة النفسية والطمأنينة التي كانوا يجدونها فيها… عودة الجزائريين إلى بيوت الله بعد فتحها، كانت مميزة جدا بشوق كبير ولهفة ومشاعر اختلجت وامتزجت بين الحنين والبكاء والدموع، لحظات فارقة في تاريخ المصلين، الذين حرموا عبادة الله في بيوته لأول مرة في حياتهم، فكانت القطيعة فرصة لتجديد إيمانهم ورفع درجاته وعزيمتهم في جهاد أنفسهم. صور المصلين في المساجد تغزو مواقع التواصل الاجتماعي تداول العديد من المصلين صورهم في مواقع التواصل الاجتماعي، وهم داخل المساجد، حيث شابه أول يوم لعودة المصلين يوم العيد، كما علق على ذلك البعض، وانتشرت التهليلات والتكبيرات والحمد والشكر، بأن منّ الله على عباده بفضله. وأرفق هؤلاء صورهم بتعليقات صغيرة، تعبر عن عظمة المشهد، وتوافد المصلين على غير العادة. وأكد كمال تواتي، إمام مسجد الإرشاد بالمدنية، بأن عودة المصلين إلى بيوت الله، بعد غلق دام عدة أشهر، بسبب وباء كورونا، كانت استثنائية، حيث إن المصلين باتوا أكثر حرصا على تأدية صلواتهم في المسجد، أكثر من ذي قبل، فضلا عن حرصهم على اتباع إجراءات الوقاية والحماية من فروس كورونا، وتطبيق البروتوكول الصحي، المحدد من قبل الجهات المختصة، خشية غلقها في حال عدم الالتزام. جباه لأول مرة تلامس سجاجيد المساجد كشف بعض المواطنين أن وباء كورونا كان بمثابة الصفعة التي جعلتهم يستفيقون من تقصيرهم في حق الخالق.. فمنهم من كان من تاركي الصلاة، ونذر لله أنه سيلتزم بصلاة الأوقات الخمس في المساجد، ما استطاع إلى ذلك سبيلا. ومنهم من كان من المصلين، لكن في البيت، دون التنقل إلى المسجد، غير أنه تراجع عن تهاونه في التنقل إلى المسجد. وأوضح كمال تواتي أن عدد المصلين الجدد ممن لم تلامس جباههم سجاجيد المساجد قبل وباء كورونا، باتوا الآن في تزايد بعد إعادة الفتح، وأنّ منهم من صارحه بأنهم لم يصلوا يوما في حياتهم في المسجد قبل كورونا، وأنهم شعروا بقساوة غلقها بعد فقدان هذه النعمة الروحانية، وأنهم ندموا كثيرا على ما فرطوا وضيعوا.. ودعا الإمام هؤلاء وكل الجزائريين الذين أبدوا ارتباطا قويا بالمساجد، إلى الاستمرار على نفس النهج والقوة الإيمانية. ذلك أن غالبية الجزائريين يملكون عاطفة إيمانية قوية غير موضوعية، وموسمية لا تعمر طويلا. لذا، فإن جهاد النفس على الاستمرار في نفس المستوى التعبدي بات أمرا مطلوبا. ودعا تواتي الأئمة إلى الترحيب بالمصلين وحسن استقبالهم، وعدم لومهم وتأنيبهم على ما فات وعدم تخويفهم بأن كورونا وغلق المساجد عقاب من الله. مصلون: في المساجد طمأنينتنا وجنّتنا عبر الجزائريون الذين تعودوا على ارتياد المساجد عن فرحتهم وابتهاجهم بالعودة إلى الصلاة في بيوت الرحمان من جديد. وأكدوا أن حرمانهم منها جعلهم يفقدونها ويفقدون معها الراحة النفسية والطمأنينة التي لم يجدوها في أي مكان، رغم حرصهم على تأدية الصلاة الجماعية مع أسرهم. ولعل أكثر من فقد هذه النعمة هم الأشخاص المسنون، الذين كانوا على موعد مبكر للظفر بالصفوف الأولى في الصلاة، أمام كثرة الوافدين الذين قدموا من المناطق والأحياء المجاورة لتأدية الصلاة في مساجد تزيد طاقتها عن الألف مصلّ، وفق ما تنص عليه شروط الاستئناف.. وأفاد أحد المسنين من العاصمة بأن الصلاة المسجدية جنته وراحته الدنيوية التي تغنيه عن كل الملذات، وأن فيها فرصة الدعاء والتضرع لله بأن يرفع عنا الوباء والأمراض وأن يلطف بنا. متطوعون يغزون المساجد للتنظيف ومراقبة تطبيق البروتوكول الصحي وكشف تواتي كمال، إمام مسجد الإرشاد بالمدنية، عن تهاطل التبرعات والمساعدات من قبل كافة فئات المجتمع، للمساهمة في تنظيف المساجد وتقديم يد المساعدة للترتيب والتعقيم، فيما تبرع آخرون بمختلف منتجات التنظيف والتعقيم، وتجندت فئة أخرى للسهر على مراقبة وتطبيق البروتوكول الصحي للوقاية من فيروس كورونا، خاصة ما تعلق بارتداء الكمامات والتزام مسافة الأمان والتباعد الجسدي بين المصلين. قلوب النساء تخفق للعودة إلى بيوت الله من جديد لا تزال قلوب العديد من النساء معلقة وتخفق للعودة إلى المساجد من جديد، سواء لتأدية صلاة الجمعة أم حضور الحلقات الإرشادية أم الأقسام التعليمية للقرآن وحفظه، وعبرت هؤلاء النسوة عن حنينهن الكبير، وكم يتمنين الالتقاء في الأقسام المسجدية، لتدارس الذكر وعلوم القرآن والسنة النبوية. وتدعو بعض مرتادات المساجد إلى إعادة فتح الأقسام التعليمية الخاصة بالكبار التي لا يكثر فيها العدد ويحافظ فيها على الإجراءات الوقائية.