تقدم صافي بوتلة إلى المنصة أول أمس في غياب والده الذي فقده منذ أسبوع تقريبا، ليهديه ثلاثين سنة من العطاء، من صرح الهواء الطلق لمركب الهادي فليسي، انتقى منها لحظات تؤرخ لمنجزه الفني الذي حوصله في مقاطع موسيقية لأعمال استعراضية ، سينمائية، و أغاني ، استعرضها الى جانبه فنانون وقعوا مرحلة من تاريخ هذا المسار على رأسهم الكينغ خالد ، جمال علام.. و صوفيا بوتلة نجلة عملاق الموسيقى الجزائرية المعاصرة الذي وقع مرة أخرى إبداعه "زربوط" بلمسة ينفرد بها لوحده، شهادة مجنون يدور على نفسه و على عالم استخلص منه الحس و الإحساس. أجهزة و آلات متطورة، زخرت بها المنصة وسط ديكور متكلف بما فيه الكفاية، قدم فيه و على مدار ساعتين و نصف ، أربعة عشر موسيقيا ، ستة عشر راقصا و خمسة مطربين من أصدقاء صافي بوتلة، هذا الأخير استعرض ثلاثين قطعة موسيقية له، استرجعها أمام جمهوره . قراءة مرتلة لسورة الفاتحة ميزت بداية الحفل ، ثم أعلن صافي انطلاقة " الزربوط" تلك اللعبة الطفولية التي أمتع بها اطفال من القصبة ، قاعدتها البقاء أطول في الدوران، " و اللي يطيح يخسر" ، هكذا يرى صافي نجاحه الذي طوى صفحته أول أمس رغبة في فتح صفحة جديدة، أهدى فيها أجمل المقاطع التي افتتحها على رائعة،""، أتبعها بأداء صوتي أهداها لروح والده المتوفى منذ أيام " صافي يبكي والده على طريقته.." يعلق أحد المعجبين. صافي أهدى جمهوره أجمل الأصوات التي أبدع فيها من " جوهرة" التي كتبها للمخرج مرزاق علواش في فيلم " أهلا بابن العم"، "قدر " لفيلم شجرة المصائر المعلقة ، المخرج رشيد بلحاج ، عرج كذلك نحو الموسيقى الكلاسيكية في مقطوعة أدتها السوبرانو فضيلة شباب ، مثل ساحر يستحضر الجماليات و المفاجئات بضربة عصا، أدرج بوتلة عروضا راقصة اداها 16 راقصا كوريغرافيا بقيادة حبيب طاطا، في لوحات مستخرجة عن عروض" وطني " التي قدمها بمناسية عيد الاستقلال سنة 2004 و لوحتين "المنبع" و "معركة المنبع" من عرض "المنبع" عام 2001 بمناسبة افتتاح المهرجان العالمي الخامس عشر للشبيبة ، لحظات قوية عرفها الركح الذي تناوب عليه ، بين مقطوعة و عرض، فنان سجل مساره باسم صافي بوتلة، من الفنان المغربي عبدي الذى أبدع في أغنية " بلادي"، سلمى كويرات أغنية "و طني" التي كتبها الفنان كمال حمادي، جمال علام في أغنية " اتسا"، و بالطبع كانت اللحظة المنتظرة في لقاء الثنائي الكينغ خالد و صافي بوتلة أقوى بعودة "كوتشي" على المنصة بعد عشرين سنة من اللقاء، خالد أدى عن صافي بوتلة " الشابة" و "لاكامال" التي أثارت حماس الجمهور ، وعلى غرار العرض المتفوق للراقصة الكوريغرافية صوفيا بوتلة "زربوطة" عرفت بدورها مسارا فنيا ناجحا، اختتم على أغنية "جوهرة" التي اجتمع فيها الفنانين لإطفاء الشمعة الثلاثين لمسار متألق، تم طي صفحته لانجاز دورة جديدة بنفس أقوى ، على تأكيد قوة الفنان و حضوره ، صافي بوتلة في هذه الوقفة يؤكد قاعدة الزربوط الذي لن يتوقف على الدوران بل سيحافظ على التوازن ليظل رمزا صامدا في سجل الموسيقى المعاصرة من دون منافس الى يومنا هذا. فاطمة بارودي