كيف شباب "الربيع العربي" رقصة "هارلم شيك" الاسترالية وحولها من رقصة جنون وميوعة إلى رقصة "تمرد" وشعار للمطالبة بالتغيير. انطلقت من مصر وانتشرت في تونس، ثم تطورت في أرض الكنانة لتورط حتى "الإخوانيين ". رقصة تنافس الأسطورة "غانغنام ستايل" في العالم. أما في العالم العربي فهي سلوك دخيل رفضته المجتمعات وطاردته السلفية وتصدت له الشرطة بالغازات المسيلة للدموع. تزدخم مواقع التواصل الاجتماعي واليوتوب بمئات آلاف الفيديوهات لشباب وشابات من مختلف الأعمار والإيديولوجيات في المدارس والثانويات والجامعات وأمام مقرات الأحزاب الإسلامية يؤدون رقصة "هارلم شيك" للتعبير جماعيا عن رفض السياسات المكرسة بعد الثورات. البداية كانت من مصر، أين اعتقلت الشرطة أربعة طلاب أدوا الرقصة بملابسهم الداخلية، ثم ظهرت فيديوهات لشبان يؤدون الرقصة أمام الأهرامات، ثم سرعان ما انتشرت العدوى إلى التيار الإخواني، أين احتفل الناشط احمد المغير رافضا "جبهة الإنقاذ الوطني" مما دفع بالإخوانيين إلى التبرؤ منه. وفي تونس تحولت رقصة "هارلم شيك" من مجرد رقص عشوائي إلى بديل عن المعارضة، وانتشارها دفع بالشرطة التونسية إلى استعمال قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق طلاب مدرسة ثانوية تظاهروا في الشارع، ورشقوا قوات الأمن بالحجارة احتجاجا على مدير المدرسة، الذي منعهم من أداء رقصة "هارلم شيك". واقتحم سلفيون معهد بورقيبة للغات الحية في حي الخضراء في العاصمة تونس الأربعاء الماضي، واشتبكوا مع الطلاب لمنعهم من أداء الرقصة.
سلفيو تونس يضربون طلاب الجامعات وإخواني يرقص عاريا في مصر
للإشارة فإن رقصة "هارلم شيك" اجتاحت العالم في فترة قياسية تقل عن الشهر الواحد، منذ أن ظهرت في مطلع شهر فيفري، وتم تصوير أكثر من 40 ألف نسخة منها حول العالم، حتى الآن ويقترب عدد مشاهداتها الكلية من قهر أسطورة العالم الافتراضي أغنية "غانغنام ستايل" للكوري ساي. واجتاحت هذه الرقصة العالم، متجاوزة حدود الكرة الأرضية لتصل السماء، فاهتزت طائرة على وقع أقدام راقصي "هارلم شيك" وهي ترتفع 30 ألف قدم في إحدى الرحلات الداخلية بالولايات المتحدةالأمريكية. وتسببت رقصة هارلم شيك الجنونية في فصل طلاب من مدارسهم وجامعاتهم، حيث أمرت السلطات التونسية بفتح تحقيق بشأن الرقصة في إحدى المدارس الثانوية في 23 فيفري المنصرم، واقتحم سلفيون، الأربعاء الماضي، جامعة تونسية، واشتبكوا مع الطلاب، لمنعهم من أداء الرقصة. فيما أقدم آخرون على ضرب تلاميذ حاولوا أداءها وتصويرها. وتعود الرقصة لمنطقة "هارلم" في مدينة نيويورك عام 1981، حيث منعت ولاية ديترويت الأمريكية 30 من طلاب الثانوية بالولاية من متابعة حصصهم لمدة 5 أيام بعد أن أدوا الرقصة، وشاعت في اليونان وإسبانيا وقبرص احتجاجا على السياسات الاقتصادية لبلدانهم. أكد القيادي السلفي المصري حسين فاروق في اتصال مع الشروق أن المجتمع المصري رفض هذه الرقصة وعبر عن امتعاضه بطرد الراقصين والحيلولة دون أدائهم لها "للأسف شعوب الربيع العربي لا تعرف كيف تمارس حريتها التي لطالما كانت مقيدة أيام الأنظمة البائدة. وبصفتي أمثل تيارا إسلاميا، أرى أن اللوم يقع بالدرجة الأولى عليه، لأنه فشل في تهذيب وتربية جيل مسلم مقتنع بأفكاره وقيمه الإسلامية. للأسف التيار الإسلامي انشغل بالكلام والخطب والفضائيات وأهمل رسالته الحقيقية في توعية الشباب ومساعدته. والعنف لن يكون الوسيلة الأنجع لمحاربة هذه الظاهرة".