بعد السّخرية من أسعار السّردين، هاهم المواطنون يدشنون حملات تنكيت ومقاطعة بسبب غلاء أسعار الدجاج والزيت. إلى درجة لا تخلو أي صفحة على منصات التواصل الاجتماعي، من دعوات للمقاطعة، ومن فيديوهات مفبركة وصور طريفة لهاذين المنتجين، بعدما وصلت أسعارهما مستويات "جنونية". أضحت السّخرية والتهكم من الواقع المعيش، أسلوب تعبيري يلجأ إليه الجزائريون مؤخرا، بهدف التسلية والإضحاك في معناه الظاهر، فيما هم يخفون جزءا كبيرا من التذمر والسخط على واقعهم المرير. وهو ما لاحظناه من خلال السّخرية الكبيرة على أسعار الدّجاج والزيت مؤخرا. وتزامنت موجة السخرية، مع دعوات لتدشين حملات مقاطعة شراء الدجاج وحتى الزيت عبر كافة القطر الوطني، لمدة ثلاثة أيام متواصلة، تحت شعار "3 أيام ما نشريش خليه يربي الريش". وتوحد المواطنون في سابقة هي الأولى من نوعها، داعين لمقاطعة شراء الدجاج لمدة ثلاثة أيام، ابتداء من يوم أمس. فالمتصفح لمنصات التواصل الاجتماعي، يشاهد الكم الكبير من دعوات المقاطعة. والجديد في الموضوع، أن دعوات المقاطعة توجه لكل حيّ. فحسب المناشير التي اطلعنا عليها ب "فايسبوك"، فمثلا أبناء حي المدنية بالجزائر العاصمة، مدعوون للتضامن ومقاطعة شراء الدجاج، حتى تنخفض أسعاره. ومثلهم باقي أحياء الوطن. ومن نتائج الحملة، حسب ما استقته "الشروق" من بعض محلاّت بيع الدّجاج، أن عملية شراء الدجاج عرفت انخفاضا طفيفا خلال اليومين المنصرمين، في حين بقيت الأسعار مرتفعة جدا. ومن جهة أخرى، أضحت السخرية المتنفس الوحيد للمواطنين، لإخراج مكبوتاتهم الدفينة. ونال منتج الزيت نصيبا واسعا من السّخرية والتنكيت، بعد النّدرة المسجلة فيه… ومن الصور المضحكة، أنْ جعل البعض من صفيحة الزيت 5 لترات، شرطا أساسيّا في "مهيبة" العروسة، حيث نشروا صورا كثيرة لقارورات الزيت، وهي موضوعة بين الأغراض التي يحضرها الشاب لعروسه يوم عقد القران. فنافست بذلك صفيحة الزيت، خاتم الخطوبة. وفي فيديو طريف، اتهم رجل من طرف عائلته بأنه "ناقص رجولة"، فخرج مسرعا وعاد بصفيحة زيت 5 لترات، وبمجرد دخوله المنزل، حمل الصفيحة عاليا، لتنطلق الزغاريد وتتعالى أصوات الموسيقى، والجميع يهلل له ويقولون: "دك برك وليت راجل…!!". وحتى طبق البطاطا المقلية، صار من الأطباق الفاخرة، فإذا سألنا أحدا ماذا أكلنا، فسنجيب بكل فخر واعتزاز: "بطاطا مقلية". كما نال الدجاج نصيبا وافرا من السخرية، لدرجة قال البعض إن طائر الدجاج سينقرض قريبا من الجزائر، ووضعوا صورا لدجاجة وجهها مغطى، موجهين سؤالا: "من يعرف هذا الحيوان المنقرض؟؟". ووضع آخرون صورا لدجاجة بقرون، كناية عن قرب وصول سعرها لمستوى الكباش. وفي صورة أخرى، تم وضع ملصقة طبية على دجاجة وأمامها وصفة طبية، يقول كاتبها: "عليكم بتناولها 3 مرات شهريا". دون الحديث عن فيديوهات لدجاج وهو يرقص ويغني ويعزف فرحا بغلاء أسعاره. السردين والدجاج والزيت باتت من الممنوعات !! إلى ذلك، تأسف المختص في علم النفس التربوي والتنمية البشرية، أحمد قوراية، لما اعتبره "حالة مزرية" يعيشها المواطن. فمن ندرة وغلاء أكياس الحليب، إلى وصول السردين لأسعار جنونية، ليلتحق الدجاج والزيت بركب المنتجات التي زادت أسعارها مؤخرا، التي تحولت عند الكثير من المواطنين من الممنوعات. وخرج قوراية عن صمته، مؤكدا أن المواطنين يعانون، لدرجة صار مبلغ 5 ملايين سنتيم، لا يكفي لشراء جميع الاحتياجات الرئيسية للعائلة. وقال المتحدث: "بتنا نتأسف لما يعانيه أرباب الأسر، داخل الأسواق، فنراهم يشترون القليل فقط من احتياجاتهم اليومية، لعدم كفاية أموالهم. والبعض لا يجد ما يأكله، في ظل أزمة كورونا، بسبب الغلق والغلاء الذي أحرق جيوبهم.. ثم نمنحهم مع اقتراب رمضان قفة العار، التي تنتهي في يومين". وأضاف: "نحن نعيش في بلد الخيرات، لدينا أراض خصبة وثروة حيوانية ومياه جوفية، ومناخ متنوع، وثروة شبابية، فلماذا هذا الغلاء والندرة؟؟". ودعا قوراية، السلطة ومن خلفها وزير التجارة، لإيجاد حلول مستعجلة لهذا الغلاء الفاحش.