لا يزال المواطن البسيط في اغلب أسواق الوطن على يمر على طاولات البطاطا مرور الكرام بالرغم من "الإجراءات" التي اتخذتها الحكومة بإغراق السوق من خلال استيراد كميات كبيرة من البطاطا من كندا بدرجة اخص وتركيا. أسعار هذه المادة لم تشهد أي انخفاض خلال هذه المدة، فعبر مختلف الأسواق خاصة في العاصمة فإن الأسعار لا تزال تتراوح ما بين ستين الى ثمانين دينار للكيلوغرام. اما البطاطا المستوردة من كندا، فالإقبال عليها ضعيف جدا بالرغم من ان ثمن الكيلوغرام منها لا يزيد عن الأربعين دينار. اجمع تجار التجزئة الذين التقيناهم باسواق باش جراح وعلي ملاح بأول ماي، ان السبب الرئيسي الذي يجعلهم يبتعدون عن اشتراء "البطاطا الكندية" وعرضها بدورهم للبيع، هو عزوف المواطنين عليها. تفسيرات التجار لهذا السلوك تعددت لكن اغلبها تلتقي في نفس المصب " اغلب الناس رغم فقرهم لاياكلون بطاطا لونها اسود" زيادة على ذلك، فان ثمنها باهض مقارنة بالبطاطا المحلية حيث يصل في سوق التجزئة الى 45 دينار". حسب احد التجار بسوق باش جراح فان هذه النوعية "تثير اشمئزاز الزبائن بسبب لونها الداكن، بالإضافة إلى ذلك فإنهم يفضلون إضافة بعض الدنانير لشراء كليوغرام بطاطا حقيقية". تفسيرات تجار التجزئة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد اعتبر بعضهم عرض هذه النوعية في المحلات بمثابة اهانة للزبائن، فحسب احد تجار سوق علي ملاح بساحة اول ماي فالسبب الذي دفعه لعدم المتاجرة في البطاطا الكندية هو نوعيتها الرديئة "من غير اللائق عرض بطاطا سوداء اللون، بالاضافة الى ذلك فقد ذبلت بسبب دون مدة الرحلة من شمال امريكا الى الجزائر زيادة على مدة التكديس. فلو ذهبتهم الى سوق الجملة بالكاليتوس او الرافيقو فستجدون اهراما من البطاطا الكندية، لا احد يريد شراءها" وحسب ذات التجار، فان النوعية المستوردة من تركيا، هي اقل ضررا "لونها فاتح مقارنة بالاخرى وسعرها يتراوح بين 47 و50 دينار، لكن النوعية المحلية هي الافضل". في ذات السياق جاءت تبريرات الزبائن الذين التقيناهم في الاسواق، السبب الرئيسي هو النوعية الرديئة والثمن الباهض. "افضل اضافة 15 دينار وشراء كليغرام بطاطا ناصعة اللون حتى ولو كانت من محصول العام المنصرم المخزن في غرف التبريد" يقول احدهم، في حين برر آخر عدم إقباله على هذه النوعية بكونها "موجهة في بلدها كندا كعلف للخنازير". الاسعار القياسية التي وصلت لها البطاطا خلال المدة الاخيرة، انعكست بشكل سلبي على التجار، فاقبال المواطنين عليها اصبح جد محدودن وكل الكمية التي يتم اشتراؤها من أسواق الجملة تبقى مكدسة فوق الطاولات لمدة ايام، " اصبحنا نبيع سلعتنا بالكيلوغرام وبالرطل..فمن النادر جدا سماع احد الزبائن يقول اعطني خمسة كيلوغرامات" بينما آخرون مثلما هو عليه الحال في سوق علي ملاح، تراجعت حركية العمل بشكل رهيب الى درجة ان منهم من أصبح يبحث عن الفرصة لتغيير المهنة "منذ قرابة ثلاثة أشهر أصبحنا نتبضع من سوق الجملة مرة في الأسبوع، بينما في وقت سابق كنا نقصد سوق الجملة على الأقل مرتين". بين شكاوي الزبائن و تبريرات التجار، سؤال يفرض نفسه، كيف وصلت الاسعار الى هذا المستوى. تجار التجزئة يلقون المسؤولية كاملة على تجار الجملة و الجهات التي تقف وراءهم. "الجميع يلقي المسؤولية على عاتقنا بينما نحن ناتي في المرتبة الاخيرة من السلسلة قبل الوصول الى المستهلك، المسؤولون هم تجار الجملة وكذلك اصحاب الاموال الذين يسيطرون على السوق عن طريق الاحتكار، فالبطاطا مكدسة في غرف التبريد لكنهم يخرجونها الى السوق بالقطرة من اجل الحفاظ على الاسعار عالية، فهذا يعود عليهم بالمال الوفير" يقول تجار بسوق باش جراح. لكن هم هؤلاء الذين يحرصون على بقاء الاسعار مرتفعة؟ الجميع في الأسواق يعطي تفسيرات تهدف الى تفادي الاجابة على السؤال، او بالاحرى اعطاء اسماء "بارونات البطاطا". حمزة بحري