توفي في حدود الساعة الحادية عشرة وخمسون دقيقة من ليلة الاثنين إلى الثلاثاء اللواء سماعيل العماري المعروف بإسم "الحاج إسماعيل" بالمستشفى العسكري عين النعجة عن عمر يناهز إثر نوبة قلبية وذلك بعد ساعات فقط من تنقله إلى مستشفى زميرلي بالحراش لزيارة مصطفى كرطالي. ويعد اسماعيل العماري الرجل الأول في مصلحة الأمن والبحث التابعة لجهاز الاستعلام والأمن "المخابرات العسكرية" ويصنف ضمن "أصحاب القرار "في الجزائر ، لكنه يعرف أكثر بأنه مهندس الهدنة مع قيادة الجيش الإسلامي للإنقاذ "الآئياس" المحل وهو الذي قاد مفاوضات مع أمراء هذا التنظيم في الجبال منتصف التسعينات. وولد "الحاج اسماعيل" في الفاتح جوان سنة 1941 ببني سليمان بولاية المدية كانت عائلته تقيم بضواحي الحراش بالعاصمة وقد التحق بصفوف جيش التحرير الوطني في 5 سبتمبر 1958 بالولاية التاريخية الرابعة (ناحية العاصمة) ثم بالقوات البحرية عام 1961 بعد فترة قصيرة قضاها في سلك الشرطة، وتابع عام 1973 تكوينا خاصا للحصول على رتبة ملازم أول و ترقى و تدرج في الخدمة العملياتية و تقلد العديد من المناصب بمختلف هياكل الجيش الشعبي الوطني وخلال عام 1989 قرر العربي بلخير مدير ديوان الرئيس الشاذلي بن جديد آنذاك بعد خلاف مع الجنرال محمد بتشين تعيينه مفتشا عاما بمديرية الأمن بالجيش الشعبي الوطني تحت إشراف اللواء محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق لتتم ترقيته إلى رتبة لواء وهي في 5 جويلية عام 1999 وهي أعلى رتيبة في الجيش آنذاك. وبعد رحيل بتشين ، عين سماعيل العماري رئيسا لمصلحة مكافحة التجسس و هو المنصب الذي شغله إلى وكان ساعات قبل وفاته قد قام بزيارة مصطفى كرطالي أمير كتيبة " الرحمن " التي إلتحقت بالآئياس بعد إعلان الهدنة و ذلك بغرفته بمصلحة جراحة العظام بمستشفى الإستعجالات الطبية و الجراحية سليم زميرلي بالحراش و سبق أن إطمأن في إتصال هاتفي على حالته الصحية مباشرة بعد الإعتداء الإجرامي الذي تعرض له كرطالي و تحدث معه ومع رفقائه عن المصالحة الوطنية "و حثهم على الإستمرار في تجسيد المصالحة". و قال "إلياس" مساعد كرطالي في إتصال ب"الشروق اليومي" مباشرة بعد ورود الخبر" صحيح أنه كان يمثل الدولة الجزائرية و المؤسسة العسكرية في المفاوضات مع الآئياس لكنه كان أكثر الشخصيات جرأة و شجاعة في إتخاذ القرارات "و أضاف "إنه مهندس الهدنة و هذا ما لا ينكره عنه أحدا". نائلة.ب هكذا يرى أمراء " الآئياس" المحل الجنرال سماعيل و كان اللواء سماعيل العماري يرأس منذ عام 1992 مصلحة مكافحة التجسس و"هو مختص في إدارة الصراع مع الإسلاميين وفي عمليات مكافحة التجسس". أهم عمل قام به علي الإطلاق يتمثل في إبرام اتفاق الهدنة مع مدني مزراق التي انتهت إلي حل تنظيم الجيش الإسلامي للإنقاذ وهو "يعد رجلا يجمع بين صفتي الاستخبارات والعمليات في الآن نفسه" . كما تولي إسماعيل العماري ملفات الجماعة الإسلامية المسلحة و قاد منذ سنة 1997 مفاوضات مباشرة وسرية مع مدني مزراق و الإسلاميين المنفيين في أوروبا و إلتقى شخصيا رابح كبير رئيس الهيئة التنفيذية للفيس في الخارج. و بذلك إستطاع أن يفرض نفسه كمفاوض أساسي للإسلاميين خاصة المسلحين . و في هذا السياق ، يعترف أمراء الجيش الإسلامي للإنقاذ (الآئياس) المحل بالمفاوضات السرية التي قادها إسماعيل العماري شخصيا معهم أبرزهم مدني مزراق أمير التنظيم و الأمراء الجهويين حيث " اجتمع شخصيا معنا مقنع الوجه" و أثمر ذلك لاحقا بصدور عفو شامل على المهادنين و يقال أن الرجل "قام بعمل كبير بشأن قانون الوئام المدني ". مصطفى كبير الأمير الجهوي للشرق في "الآئياس " المحل ل"الشروق": الجنرال عماري كان من المغامرين من أجل المصالحة الوطنية وعرفناه قبل الهدنة سألته:نائلة.ب تعرفون كقياديين في تنظيم الجيش الإسلامي للإنقاذ المحل جيدا الجنرال سماعيل العماري ،كيف كانت بداية الإتصالات بينكم ؟ *العلاقة بدأت قبل الإعلان عن الهدنة سنة 1997 و هذا الرجل عملنا معه كثيرا كأمراء في الجماعة مع إخواننا و ذلك منذ بداية التفكير في الهدنة ، و نحن نعتبره أحد المهندسين الكبار للهدنة بدرجة أولى من جهة المؤسسة العسكرية و درجة ثانية من ناحية السلطة و نحن عرفناه قبل الهدنة و إستمرت علاقتنا به بعد افعلان عن الهدنة و إلى غاية أول أمس عندما قام بزيارة الشيخ كرطالي رغم المرض و هذه خطوة جبارة . كيف تقيمون مسيرة الجنرال الراحل معكم ؟ *نحن نرى أن الرجل كان صادقا في مسعاه و نشهد له أنه عمل ليلا نهار لتوقيف النزيف الدموي و لم يدخر جهدا لقد كان يتصل بنا و يبحث معنا في قضايانا في سبيل تحقيق الأمن و السلم كان من المغامرين من أجل تحقيق المصالحة الوطنية و بذل جهده و نفسه في عمليات تحقيق ذلك . و لا يخلو مؤمن من السيئات لذا ندعو الله له بالمغفرة و الثواب . كيف تتصورون اليوم مستقبل إتفاق الهدنة بعد رحيل أحد مهندسيها كما تقولون خاصة وأنه لم يتم تطبيق إلا بعض بنوده؟ *نسأل الله إكمال مسيرته نحو الإصلاح و أن يكون مثالا لغيره في إتمام مسيرته و نضاله و أهدافه ، ميزة هذا الرجل أنه كان يعمل في خفاء و سكوت بعيدا عن الأضواء أو التشهير ..لقد عمل كثيرا لصالح الأمة و الشعب و نعتقد بوجود إخوة في المؤسسة العسكرية حريصين على مصلحة و أمن البلاد والعباد.