سي نور الدين اللواء العماري:"تسلك إن شاء الله..." سؤال بمليون دينار.. من يعرف سي نور الدين؟؟ اخترق الجيش الفرنسي وهو لا يتجاوز الثماني سنوات..قدم معلومات ثمينة للمجاهدين مكنتهم من تنفيذ عمليات في قلب العاصمة وهو في سن ال 17 عاما، الجوسسة تسري في عروقه مجرى الدم..لقد اخترق أخطر الجماعات الإرهابية ونجح حيث فشل الجميع في إقناع مدني مزراق وجماعته بوضع السلاح. فعاد من جبال جيجل حيث كانت المفاوضات, "بعسل حر وكرموس" عربون طي صفحة قديمة وفتح أخرى بيضاء فهل عرفتم الرجل؟. انه المغفور له اللواء إسماعيل العماري قائد جهاز الأمن الداخلي ومصلحة مكافحة التجسس. ومن أجل تسليط الضوء على جوانب غير معروفة من حياة هذا الرجل, اخترقت "الشروق اليومي" محيط عائلة المرحوم و"تجسست" بطريقتها على أصدقائه، وقد يسأل قراء "الشروق اليومي" لماذا هذا المقال؟ جاءت الفكرة عقب إعلان وفاة الراحل فالرجل عاش في الخفاء ولا يعلم عنه غالبية الجزائريين سوى القليل. اقتربنا من أبناءه رجل يوصف عادة "داخل سريا الحكم في الجزائر بأنه يسير عالم الجوسسة والجواسيس بالقبضة الحديدية. ولد في شارع لا يحمل اسما بداية اللواء كانت من حي بلفور بالحراش بشارع لا يحمل اسما على الرغم من أنه عرف استشهاد خمسة مجاهدين إبان الثورة التحريرية "لماذا لا نطلق على هذا الشارع النكرة اسم شارع اسماعيل العماري" يقول لسيد رشيد غبوب 77 سنة عمل موظفا ببلدية الجزائر الوسطى وصديق حميم للمرحوم. ويجمع كل من عرف إسماعيل في الحي الذي ولد فيه حيث انتقلنا هناك ببساطة الرجل وتواضعه "يحب الحديث عن الرياضة ومتابعة فريقه المفضل "الشهاب" الفريق العزيز على قلبه فكان من بين أهم مؤسسيه ومن بين الذين سهروا على أن لا يزول هذا النادي. تفاجأنا كثيرا حينما دخلنا بيت اللواء الذي ولد فيه ذات يوم من تاريخ 1جوان 1941 حيث كنا نتوقع فيلا فاخرة تليق بمرتبة ومكانة العماري إلا أننا وجدناه بيتا بسيطا مهلهلا لم يرمم أبدا حتى بعد زلزال 2003 وهذا البيت توفيت فيه والدته سنة 2002 بعد أن عمرت فيه 110 سنوات كانت أم الراحل إسماعيل العماري تعرف بين الجيران باسمها "خالتي عائشة" تتذكر دائما حادثة تتمثل في زيارة ابنها الشاب عندما كان في الجبل فاستقبلته "بنص نص" (مزيج بين القهوة والحليب) وكسرة خبز لكن لم يتمكن من تذوق تلك اللحظات السعيدة لان "الخاوة" أمروه بمغادرة البيت فورا ومنذ ذلك الحين لم تر عيون خالتي عائشة وجه ابنها إلا بعد الاستقلال" قليل الثرثرة.. على خطى أبيه ويذكر من عرفوه تأثر الرجل بوالده سائق أجرة علمه منذ الصغر "الصرامة في العمل والابتعاد عن الثرثرة والقيل والقال" يقول عبد الله أحد جيران بيت بوعكاز مثلما كان يطلق عليهم في حي الكثبان الذي انتقلوا إليه بعد الاستقلال وبالتحديد المدخل رقم 12 أنهم لم يكونوا مقربين من اللواء بل كانوا أقرب إلى التعامل مع شقيقه الطيب العقيد السابق في الطيران الذي كان في واقع الأمر الواسطة المفضلة بيننا وبين اللواء فعندما نريد شيئا أو خدمة أو مساعدة "لله في سبيل الله" نتوجه إلى الطيب أو حميد أصغر الإخوة. فعيون إسماعيل الثاقبة ورزانته تفرض حتى على من لا يعرفه انه لواء الاحترام والابتعاد عن "الدسارة" أو "المخالطة غير المجدية" فللرجل هيبته لذلك كان محيطه يفضل الحديث إلى أشقائه ويذكر عبد الله حادثتين أو ثلاثة فقط لا غير منها طلب أبناء الحي من إسماعيل أن يمرر لهم كرة قدم عندما يمر عليهم وهو في طريقه إلى المنزل. ويتذكر الجيران تقوى الرجل ومداومته على الصلاة حيث كان كثير التردد على مسجد حسان بادي ببلفور قبل مطلع التسعينات حيث أجبرته بعدها الأحداث الدامية التي عرفتها البلاد من مغادرة حي بلفور للانتقال إلى حي ليس بعيد وهو حي الكثبان في الحراش حيث أصبح من المرتادين على المسجد هناك، قبل أن يغادر نهائيا الحي الذي عشقه إلى حد النخاع نهائيا متوجها نحو بيته الجديد ببن عكنون. يقول عمي رابح، وهو أحد جيران المرحوم، الذي تحدث إلينا قرب مقهى الشهاب في بلفور "كان يعمل المستحيل لمساعدة الفريق" بالإضافة إلى ولعه بالرياضة كان كثير الاعتناء بالنباتات والورود فمن يدخل بيته في بن عكنون يدرك أن الرجل فنان فيما يخص الاعتناء بالبساتين"انظري إلى هذه الحديقة الصغيرة.. اللون الأخضر يتناسق مع بقية الألوان فكان بعد دخوله مباشرة البيت يتحول اللواء إلى بستاني يعتني بالنبات والأزهار. تقول إحدى بناته في لقاء مع "الشروق اليومي" أنه كان أيضا "فنان" عندما يتعلق الأمر ب "تدبير الشؤون المنزلية". ويذكر أحد أصدقائه في بلفور أن اللواء كان في مرحلة الصغر كهربائي ناجح وعمل في إحدى الورشات في البليدة وما يستوقفك عندما تدخل بيت اللواء التركيز على اللون الأخضر، الضوء، بعض التحف القيمة المعلقة على الجدران مثل سيوف ثمينة بنادق قديمة وألواح زيتية ترمز إلى الشخص الجزائري ثقافته وتقاليده. وعندما تدخل هذا البيت ينتابك شعور بالسكينة والراحة.. "عشرات العائلات والشباب يطرقون بابه يوميا طلبا في وظيفة أو وساطة أو مساعدة طبية تسلم الملفات ولسير الذاتية إلى زوجته التي بدورها كانت تسلمها إلى زوجها قبل أن يغادر باكرا إلى عمله وكان في كل مرة يصرخ في وجهها بضرورة التوقف عن جمع الملفات ولكنه في كل مرة يضعها في حقيبته ويبذل المستحيل لمساعدة الآخرين. تقول شقيقة زوجته التي عرفها ذات يوم سنة 1966 وأحبها أيما حب فالوفاء عند "الحاج إسماعيل" مسألة جوهرية لا يمكن العبث بها وكان يردد دائما في بيته "أحب الكسكس ولكن شتان بين كسكس فطومة وغيرها من النسوة" وقد عزز ذلك أبوته لخمسة بنات وطفل وهو أيضا جد لسبعة أحفاد. ممرض وبستاني في بيته يستيقظ على الساعة السادسة يصلي يتناول"نص نص" مزيج من القهوة والحليب وقطعة صغيرة من الخبز ليكون في مكتبه على الساعة السابعة تماما صيفا وشتاءا يقول أقربائه، وقد أصبح منذ سنتين بعد أن تحسنت الأوضاع في البلد يتناول العشاء في البيت وهو من يعطي إشارة انطلاق الأكل وهو من يوزع الطعام على أفراد عائلته "فالقائد في الثكنة هو كذلك القائد في بيته" ويخطئ من يعتقد أن للواء أو لعائلته معارف كثيرة فلا يحب السهر خارج البيت ولا يغادره إلا لضرورة وكذلك الأمر بالنسبة لزوجته التي لا تخرج إلا لاقتناء بعض الحاجيات "اذكر أيضا أنه كان يحب أولاده حبا جما بالخصوص ابنته ذات القصور العقلي التي أحاطها بكثير من الحب فكان يقضي أوقاتا طويلة عندما يكون في البيت معها، يسهر على إعطاءها الدواء في الوقت المحدد، كان بالفعل أبا مثاليا هكذا تقول إحدى قريبات زوجته التي وصفته بالأب الحنون لها لأنه هو من رباها وسط بناته الخمسة فثقته في بناته كبيرة وكان يصفهن "باللآلئ" العماري.. لا يحب الترابنديست أما عن الأشياء التي لا يحبها اللواء إسماعيل العماري وعلى رأس القائمة البزناسية أو "الترابنديست" مصطلح كان يردده كثيرا ويستعمله للإشارة إلى من ينهبون خيرات البلد وما أكثرهم... وكان قد حذر أكثر من مرة إحدى بناته من الابتعاد من الولوج في بحر الأعمال التي تكثر فيه اسماك القرش ومحترفي الاصطياد في المياه العكرة "رفض رفضا قاطعا أن تطأ قدمه عتبة مصنع الدواء بأولاد فايت، ومن لا يعرف القصة فان الجد من الأم صاحب مخبزة بباب الوادي هو الذي ساعد على الاستثمار ولم يشارك اللواء ولو بفلس واحدا في هذا المشروع الذي يوظف عشرات الجزائريين خاصة من شباب بلدية أولاد فايت غرب العاصمة حسب ما ذكرت إحدى بنات المرحوم التي تتأثر كثيرا حينما تقرأ على شبكات الإنترنيت موضوعا بعنوان "مافيا الجنرالات" جاء فيه "بهتان وزور" حيث تقول بنت اللواء أن هذا الكلام "غير صحيح انظروا إلى تفاصيل حياة إسماعيل العماري" وتقسم بأغلظ الأيمان أن والدها بعيد بعد السماء عن الأرض عن عالم "الترابنديست" الذي كان يمقته فلا يدخل هذا العالم الذي حذر الجميع منه بداية بأقرب أقربائه ومثلا فقط فالفيلا التي اشتراها ببلفور رفض بيعها أو كراءها بعد مغادرته لها في بداية التسعينات بعد تردي الأوضاع الأمنية في الجزائر. وعن قصة هذه الفيلا فقد تم ذلك بعد أن باع قطعة أرض و"فلوكة" (قارب صيد) كان يملكه. وتذكر ابنة اللواء أن الراحل ينفق علينا من راتبه وهو ليس رجل ريع أسوة بأبيه وجده الذي قدم إلى العاصمة من عين بسام "كان يوصيني بالحرص كل الحرص على احترام القوانين والعمل في الشفافية لأنه ينطلق من مبدأ أن "اللي ما في كرشو التبن ما يخافش من النار". اخترق الجيش الفرنسي وهو لا يتجاوز ال 15 سنة الرجل الذي رضع من حليب الوطنية منذ نعومة أظفاره اخترق الجيش الفرنسي عندما كان عضوا في الكشافة وهو ابن السابعة استطاع ان يربط علاقة مع أبناء ضباط فرنسيين يزودونه بمعلومات قيمة تهم "الخاوة" عبارة كان يستعملها عندما يتحدث عن المجاهدين، استطاع أيضا أن يفوز بثقة ضابط فرنسي برتبة عقيد زوده بمعلومات دقيقة لم يتردد الشاب العماري من تبليغها إلى من يهمه الأمر من "الخاوة" وبعد أن انكشف أمره وهو لا يتجاوز ال 15 سنة من أنه حاول التخطيط لعملية "إرهابية" كما كانت تسميهم سلطات الاحتلال الفرنسي نصحه "الخاوة" بالالتحاق بصفوف جيش التحرير ومن كشف أمره هو ذلك العقيد الفرنسي الذي اقسم بالانتقام منه. "لا يتحدث أبدا عن عمله ولا يتطرق إلى السياسية ولكن عندما يتعلق الأمر بالثورة التحريرية فلا يسكت وتجده يسرد تفاصيل التفاصيل ولا يتردد حتى"تحلى القعدة" من تحضير الشاي بنفسه وركز في تربيته لنا على الثورة كقاعدة يجب أن ينطلق منها جيلنا لبناء الجزائر". وتضيف إحدى قريباته أن القليل القليل هم من يعرفون الاسم الحربي للواء إسماعيل العماري "عندما صعد إلى الجبل، بعد عامين على محاولة تنفيذ عملية فدائية ضد الجيش الفرنسي، ومنذ ذلك التاريخ أطلق عليه "الخاوة" اسم"نور الدين" وتحول بعد ذلك اسماعيل العماري الى "سي نور الدين" وهي التسمية التي عرف بها لاحقا في الجبل. الكرموس والعسل بعد هدنة 1997 قصة سي نور الدين مع اختراق صفوف العدو طويلة فبعد احتراق صفوف الجيش الفرنسي تمكن أيضا من اختراق صفوف "الجيا" أو الجماعة الإسلامية المسلحة في التسعينات المجموعة التي كانت وراء قتل آلاف الأبرياء في سنوات الدم والنار ومكن هذا الاختراق من إضعاف "الجيا" أولا قبل أن تزول تماما في سنة 2003. وأدرك الرجل قبل غيره أن اختيار المصالحة هو السبيل الأوحد لإنهاء الأزمة وإطفاء نار الفتنة ففي سنة 1997 عقد العزم وتوجه دون حراسة الى منطقة تكسانة بجيجل للتفاوض مع مدني مزراق قائد ما كان يعرف بالجيش الإسلامي للإنقاذ واندهش هذا الأخير عندما شهد اللواء يصعد إليه دون حراسة ودون سيارات مصفحة ودون جيش فسأله "أين السيارات وبلا تردد جاء الجواب :" "ما راناش في عرس". واستطاع مهندس الهدنة أن يقنع قيادة الجيش الإسلامي للإنقاذ من وضع السلاح وبهذا فتح اللواء اسماعيل العماري الباب على مصراعيه للمصالحة الوطنية التي انتهجها الرئيس بوتفليقة منذ توليه مقاليد الحكم في سنة 1999 وقبله الرئيس اليامين زروال الذي اقتنع بضرورة سياسية الرحمة لطي صفحة العنف. "كانت مرحلة صعبة فعلا كان يغيب فيها اللواء عن بيته أسابيع طويلة لا نعرف عنه شيئا وسمعنا كبقية المواطنين عن اتفاق تم مع جماعة الأيياس بجيجل ولم نكن نعرف حينها أن سي نور الدين وراء هذا النجاح تقول إحدى قريباته إلا أنه في إحدى الأيام دخل علينا بعد طول غياب بالعسل والكرموس وقال بدل أن تقلقن "تذوقوا الكرموس والعسل الجيجيلي بابتسامة عريضة" وأخذ حماما ساخنا حلق ذقنه غير ثيابه ثم "وغير الساعات التي عاشها في الجبل بساعات المدينة للتكيف مع الحياة في المكتب" وعاد يتفقد بستانه ونبتاته وكأن شيئا لم يكن "فهو لا يتحدث أبدا عن عمله واذكر إننا عندما نلح لمعرفة ما وراء سطور فيما يخص أوضاع البلد يرفض الحديث ويفضل العودة الى أيام الثورة منها حادثة رسخت بذهنه عندما لم يتمكن من اقتفاء اثر كتيبة كان يسير لفها وضيع الطريق فوجد نفسه وجها لوجه مع حيوان مفترس ... ويذكر ضابط متقاعد في المخابرات العسكرية الجزائرية أن الحاج اسماعيل هو في واقع الأمر "أستاذ في فن الجوسسة " وقد تخرج على يده عشرات الكفاءات في جهاز الاستخبارات العسكرية الجزائرية مشيرا إلى أن "السر عند العماري مقدس" الى درجة أن العائلة رفضت إعطاءنا صورة عن المرحوم لوضعها في المقال "انه لا يحب الظهور" واحتراما لإرادته نفضل عدم إعطائكم أية صورة واحتراما لإرادة أفراد عائلة المرحوم أبينا أن لا ننشر أسماءهم في المقال. "شهادة لله كان الرجل متواضعا بسيطا لا يحقر أحد لا جندي ولا ضابط ولكنه صارم جدا عندما يتعلق الأمر بالعمل" الكل يحترمه ويقدر حق قدره ما قدم لبلده , ويعترف أن مهمة اللواء اسماعيل لم تكن سهلة فالبلد في بداية التسعينات كان على شفى حفرة من النار وتكالبت الأطماع الأجنبية الكل يحاول المساهمة في إضعاف وتفكيك الجزائر للظفر بخيراتها أن تكون مسؤولا على جهاز المن الداخلي ومكافحة التجسس في بلد مستقر ليس بالأمر السهل فما بالك أن تكون كذلك في بلد كادت الأحداث أن تمحيه من الجغرافيا وتخرجه من التاريخ وكلما حاول أقربائه او اصدقائه من الحي معرفة الى "اين تسير الجزائر" يصمت قليلا يبتسم ثم يقول :"تسلك انشاء الله". عزوز سعاد جوانب خفية من حياة اللواء - عكس ما تم تداوله في بعض الصحف لم يزر المرحوم طوال مسيرته المهنية إلى مصر مثلما أوردته بعض المواقع في شبكة الإنترنيت بالنسبة لسيرته الذاتية. - اعتاد اللواء كلما دخل مكان معينا أن يصفر (وهي خصلة خاصة ومميزة في قدماء سكان حي الحراش بالعاصمة) ولا شك أن هذا رد فعل بقي لاصقا في الرجل حتى في حياته اليومية حيث يروي أفراد عائلته أنه يصفر دائما قبل دخول بيته قبل أن ينادي باسم زوجته فطومة. - استغربت إحدى قريبات المرحوم وهي تتحدث إلى امرأة جاءت تعزي العائلة على فقدان اللواء والأغرب أن هذه المرأة لم تكن يظهر عليها أنها من قريبات كبار المسؤولين بل كانت امرأة تظهر عليها علامات البؤس والفقر فلجأت ابنة المرحوم أن هذه "المخلوقة" تبكي اللواء بطريقة شديدة فسألتها من تكوني فردت عليها هذه المرأة الغريبة "عرفت المرحوم في مستشفى عين النعجة كنت اسهر على أمي المريضة هناك فكان الحاج يطمئن يوميا علينا عندما كان يجري فحوصاته هناك وذهب في مرات عديدة إلى التكفل بمصاريف الدواء والتنقل اليوم تقول المرأة "انظري بعت أقراطي بأربعة ألاف دينار لكراء سيارة لنقل أمي ولو بقي الحاج على قيد الحياة لأبقيت على اقراطي.. - يروي الأصدقاء أن أجمل اللحظات التي كان يقضيها إسماعيل هي على الرصيف المحاذي لقهوة الشهاب بحي بلفور فكان كل مساء بعد العمل ينزع بذلته العسكرية ليستبدلها بأخرى رياضية لكن سرعان ما توقفت تلك اللحظات عندما كبرت مثلما يقول أصدقائه مسؤوليات الرجل وأصبحت حياته في خطر. - تروي عائلة الفقيد أن 80 في المائة من المعزين الذي قدموا الى بيت المرحوم لا نعرفهم لا لشيئ الا أن هذا الأخير لا يتحدث أبدا عن علاقاته وهوية أصدقائه سواء في العمل او خارجه. *كان الفقيد كلما يحن الى تناول شواء الحراش (بروشات) يلجأ إلى دعوة المقربين إليه وهم أولاده لتذوق أيام مثلما كان يقول "يامات العز في بلفور" حيث كانت نكهة المحلات الحراشية ذات خاصية مميزة. - نادرا ما كان اللواء يذهب إلى البيت الذي ولد فيه للظروف الأمنية الصعبة التي كانت محيطة به ما عدا في المناسبات الأليمة مثل وفاة شقيقه الطيب أو والدته سنة 2002 ومع ذلك كانت هذه اللحظات بالنسبة له جميلة لأنه كان يلتقي فيها مع "أولاد الحومة" الذين يذكرونه بأيام فريق الشهاب. - كان اللواء مثلما يروي جيرانه وأصدقائه قليل الثرثرة ويفضل الانطواء إلا أنه كان لا عبا ماهرا في كرة القدم وغير مبالي لكل ما يرمز للمظاهر من ألبسة وتسريحة الشعر. - درس إسماعيل العماري في المدرسة الابتدائية حسان بادي بالحراش وقد كان لامعا في اللغة الفرنسية *تميز الراحل بتواضع شديد ونادر فعلى الرغم من أنه كان يشعر بتعب شديد مثلما أسر لزوجته التي نصحته بالبقاء في البيت والاعتذار إلا أنه رد لها قائلا "نحشم علي أن أقوم بالواجب وأعود في الحين لأن من دعاني شخص عزيز علي". *تقول السيدة فريدة رموش مسؤولة الرحلات للخطوط الجوية الجزائرية بمطار هواري بومدين "أنها تحتفظ بهذا الرجل الذي كان يرفض الإجراءات الاستثنائية لركوبه في الطائرة باعتباره مسؤولا مهما ومشاهد تشجيعه وتهنئته لها قائلا لها متى ستكفي عن العمل". ع س