أثارت الاعتداءات الإرهابية التي نفدها ما يعرف بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي خلال الأشهر الماضية تساؤلات الخبراء لاسيما فيما يخص طبيعة التحول الذي طرأ على نمط قتال الجماعات المسلحة في الجزائر. ويرى الخبراء المختصون في شؤون الوطن الإسلامي أن التنظيم المسلح في الجزائر أصبح منقسما بين عناصر تعتبر نفسها منضوية تحت لواء "الجهاد العالمي ضد الكفر و ذيوله" و بين عناصر "تقاتل من أجل الاطاحة بالحكم في الجزائر." ويقول جيف بورتر الخبير لدى "أورازيا غروب" المكتب الأمريكي للدراسات حول الوطن العربي و الإسلامي الكائن بنيويورك في تصريح نقلته أمس وكالة اسوشياتد بريس انه " بعد تخلي الإسلاميين الجزائريين عن العمل المسلح او عقب دخلوا في هدنه طويلة المدى مع السلطة ظهرت جماعة جهادية متشددة و أكثر دموية من سابقتها". وأشار الخبير بان الجماعات التي تبنت "الجهاد العالمي" اتبعت منهجا تستبيح فيه المدنيين في عملياتها في الجزائر و هو ما اتضح من خلال الاعتداءات الدموية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي منذ 11 افريل الماضي و نوعية الخطب و الأشرطة التي ينشرها عبد المالك درودكال المدعو أبو مصعب عبد الودود، في حين كانت جماعة حسان حطاب تستثني المدنيين العزل و تواجه القوات النظامية مباشرة مما يبن -كما قال- أن المنهج السائد حاليا لدى الخلايا المسلحة في الجزائر هو "منهج دخيل". وأضاف السيد بورتر في تحليله لنوعية قتال الفرقتين بأنه لم يتضح بعد أي التيارين هو المسيطر على تنظيم القاعدة حيث قال "من الصعب التمييز حاليا بين الفريقين و التعرف عن الفرقة التي ترسم خطط القتال في الجزائر من خلال العمليات التي كانت تنفذها الجماعة السلفية للدعوة و القتال في السابق و تلك التي أصبحت تقوم بها حاليا القاعدة. و قال أيضا : " مع أن الأعمال الدموية كالتفجيرات الانتحارية تذكر بالعشرية السوداء التي عانت منها الجزائر في التسعينات لكنها لا تتشابه في طريقتها تلك التي كانت تتبناها الجماعات المسلحة مهما كانت انتماءاتها، رغم أن العديد من الملاحظين يعتبرون أن العنف في الجزائر ليس كما كان في التسعينات". وفي تفسيرهم لما يحدث في الجزائر اعتبر بعض الملاحظين أن ذلك راجع أساسا لعدم قدرة السلطة على حل المشاكل الاجتماعية للجزائريين رغم الأموال الطائلة التي تتدفق في خزينة الدولة و كذا بعث الاقتصاد الوطني وفضلا عن عجزها في محاربة الفساد و الرشوة. و في هذا السياق قال هيوغ روبرت الخبير المستقل المختص في شؤون الجزائر بان مساعي رئيس الجمهورية للإحلال السلم و المصالحة تصطدم بواقعين اجتماعي و اقتصادي يغذي العنف و يؤجج الفتن . كما قال نفس الخبير الذي يشغل بالقاهرة منصب و مدير فرع "شمال إفريقيا" لدى منظمة "انترناشيونال كرايزيس" ( مجموعة دراسة الأزمات الدولية) بان الجزائر بحاجة إلى سياسة اقتصادية و اجتماعية تقضي على أسباب تزويد تنظيم أبو مصعب عبد الودود بفيالق الانتحاريين و توازي حجم طموح الجزائريين إلى السلم. . و أكد الخبير أن القاعدة لن تستطيع تحقيق أهدافها الفكرية كنها تحاول زعزعة المناخ السياسي في الجزائر. و كان مكتب اورازيا قد اصدر تقريرا عقب الهجمات التي استهدفت خلال الشهور الماضية الأجانب لاسيما عمال شركة سترويتراس غاز أكد فيه أن الظروف الأمنية الراهنة في الجزائر لا تشكل مصدر قلق للشركات الأجنبية لا سيما الناشطة في قطاع المحروقات و لا حتى على الاستثمارات الأجنبية على المدى القصير. و يقوم المكتب بنشر تقارير شهرية حول الوضع في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا تعد مرجعا بالنسبة للعديد من المؤسسات الرسمية و غير الرسمية بما فيها الأوساط المالية . كمال منصاري