فتحت القرارات الأخيرة التي أقدم عليها رئيس الجمهورية، على مستوى الجهاز التنفيذي والمؤسسة العسكرية، الباب مشرعا للتساؤل حول هوية التعديل الدستوري الذي ينتظر أن يرى النور في الأسابيع القليلة المقبلة. وأكد محللون ومتابعون للشأن السياسي، أن معرفة التعديلات التي يمكن أن تدخل على الدستور، ستضع الكثير من الحروف على نقاط المرحلة المقبلة، وما إذا كان الرئيس بوتفليقة، سيقرر خوض الاستحقاق الرئاسي لعهدة رابعة، أو سيكتفي بخيار تمديد العهدة الحالية بسنتين إثنتين، وفق ما تداولته مصادر إعلامية وسياسية في وقت سابق. يقول الدكتور بوحنية قوي، أستاذ العلوم السياسية: "يمكن القول إن السيناريو المستقبلي يتحدد في ضوء هوية الدستور المعدل، والذي سيضمن بالضرورة استمرارية في طبيعة النظام السياسي القائم"، ،الذي يوصف بأنه نظام رئاسي هجين . وتحاشى المتحدث، في اتصال مع "الشروق" الخوض في كيفية تعاطي الرئيس بوتفليقة، مع الاستحقاق الرئاسي المقبل، وهو يجيب عن سؤال يتعلق بالسناريوهات المحتملة، وقال: "التعديل الدستوري المرتقب سيعزز مكانة السلطة الرئاسية، بحيث لا يحدث أي شرخ في استمرارية عمل النظام السياسي الحالي ووظيفته، بغض النظر عن الوجوه السياسية التي ستستكمل المهمة، خصوصا في ظل التحديات التي تواجهها الجزائر أمنيا واقتصاديا وسياسيا". واعتبر المحلل السياسي ما حمله التعديل الحكومي من مفاجآت "عملية يراد من خلالها إعادة ترتيب بعض الأوراق بخصوص الخارطة الحزبية والسياسية، تمهيدا لعبورآمن يضمن استمرار عمل النظام السياسي بشكل يحدد الخارطة السياسية المستقبلية، ويضع ملامح للنظام السياسي المقبل بعد الرئاسيات، والذي سيستمد كثيرا سماته من النظام الرئاسي وشبه الرئاسي". ولاحظ بوحنية، أن القرارات التي أطلقها رئيس الجمهورية مؤخرا على اختلافها، ستجد أثرا لها في الدستور المقبل، وأوضح: "النقاط التي سيمسها التعديل الدستوري القادم، والذي سيتوافق مع التعديل في منظومة الوظيفة العامة، وما يصاحبها من مجالات حساسة كالعدل والأمن والقطاعات ذات الصلة الوثيقة بحياة المواطن"، مشيرا إلى أن التعديل الوزاري جاء ليرافق "ما تعرفه الساحة الحزبية من حراك يرتبط بإعادة انتخاب رؤساء وأمناء الأحزاب"، وهو ما يجعل هذا التعديل حسب المتحدث "يُقرأ قراءة سياسية لدى الشارع السياسي والنخبة". من جهته، يعتقد ماجد نعمة، مدير مجلة "أفريك آزي" (إفريقيا آسيا)، الصادرة بفرنسا، أن الرئيس بوتفليقة، يملك من الأوراق ما تمكّنه من خوض الاستحقاق الرئاسي المقبل في راحة من أمره، إن لم تخنه ظروفه الصحية. يقول ماجد نعمة، أمس، في اتصال مع "الشروق" وهو أحد المتابعين للشأن السياسي في الجزائر: "ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لعهدة رابعة مرتبط بالرئيس نفسه. بمعنى هو من يقرر، إذا كان يريد الترشح أم لا، علما أن ذلك يبقى مرتبطا بوضعه الصحي". وأضاف: "إذا كانت صحته تسمح بالترشح، فأعتقد أن ذلك سيمهد له الطريق، طالما أن هناك إجماعا شعبيا حول نجاح الفترة التي قضاها على رأس الدولة، وإنجازاته مثل إخراج الجزائر من دائرة الدول المدانة، بل إنها أصبحت تقرض المؤسسات الدولية، كما أنه أعاد الأمن إلى ربوع البلاد من خلال القرارات التي اتخذها".