خضير بوقايلة [email protected] هل نقول للشباب الجزائري مبروك عليك وأبشر بمستقبل زاهر واعد أم نقول للحكومة صح النوم ونوليها ظهورنا لأن الأغنية التي حملتها إلينا قديمة ولا نكهة فيها؟ الحكومة اجتمعت بولاتها وإطاراتها لوضع السياسة الوطنية للشباب وصاحب الفخامة توّج العرس بخطاب مجلجل اعترف فيه بتقصير الحكومة في التكفل بمشاكل وانشغالات الشباب ثم عاد ليقول إن الجزائر لم تقصّر في حق الشباب وعملت ما لم تعمله حكومات كثيرة من أجل رفاهية وازدهار شباب الجزائر ورفع هامته عالية أمام الأمم الأخرى. إذن، هل قصرت الحكومة في حق شبابها أم أنها عملت الواجب وزيادة؟ لا أملك جوابا، لكنني أقترح على تلفزيون الحكومة أن ينزل إلى الشارع ويطرح السؤال على الشباب وعليه أن يسألهم قبل ذلك هذا السؤال: هل تابعتم خطاب فخامته أو بالأحرى هل انتهى إلى علمكم أن ولاة الجمهورية اجتمعوا في العاصمة من أجلكم؟ أتوقّع أن تكون الإجابات باعثة على التفاؤل! عادت اليوم قضية الشباب إلى واجهة الأحداث وأتوقع أن يكون التلفزيون وكل الإذاعات الوطنية والجهوية والمحلية (وهي، لمن لا يعلم، كلها تحت إمرة الحكومة الموقرة) على القدر الذي تعودناه منها من الذكاء والحس المهني. حدسي يخبرني أن هذه الوسائل الإعلامية ستتجند من أجل نقل اهتمام وانشغال الحكومة الموقرة بانشغالات الشباب وأقترح في خضمّ هذه الحملة المتوقعة أن يخرج ممثلو الحركة الجمعوية الشبانية لتهنئة فخامته على هذا النصر المبين وتقديم واجب الشكر والثناء على الاهتمام الصادق الذي ما فتئ هو وأعضاء حكومته الموقرين يولونه للشباب رغم الجحود واللامبالاة الصادرين عن هذه الفئة. وأتوقّع أيضا أن يسارع الولاة إلى ولاياتهم ويشرعوا في تجسيد الوعود وفي تنفيذ توصيات الاجتماع السنوي، وأملي أن يجدوا ما يكفي من الشباب في انتظارهم. والحق أن الذي استمع مثلي لخطاب فخامته يدرك كم كانت السلطات العمومية والحكومة الموقرة واعية ومهتمة بهموم الشباب وانشغالاتهم، كيف لا وفخامته يؤكد بنفسه أن (الدولة بذلت جهودا مضنية من أجل إيجاد مناخ موات لازدهار الشبيبة ولإدماجها اجتماعيا ومهنيا)، وأنه (تم إنجاز مئات بل آلاف المشاريع في القطاعات الأخرى ذات الصلة بالشبيبة وهناك مشاريع أخرى قيد الإنجاز)، ويضيف أن (من ثمار هذه الجهود المباركة أنّ نسبة النجاح في شهادة البكالوريا تجاوزت لأول مرة 50% في حين قارب تعداد الطلبة المليون طالب واستقبلت مراكز التكوين المهني اليوم أكثر من 500 ألف شاب)، ناهيك عن الأعداد الأخرى التي تعجّ بهم السجون وأولئط الذين ينتظرون دورهم لإطعام حوت البحر الأبيض المتوسط وأولئك الذين تغص بهم شوارع وأحياء ومقاهي المدن والقرى وفي ذهنهم هدف واحد ووحيد وهي كيف يمكنهم أن يردوا الجميل للدولة التي احتضنتهم ورعتهم وبذلت من أجلهم الجهود المضنية ووفرت لهم المناخ المواتي لازدهارهم وتحقيق أحلامهم. أعترف أنني لم أحظ بشرف متابعة أشغال اجتماع حضرات الولاة السنوي وأتأسف لأن التلفزيون لم يكلف نفسه عناء بث وقائع جلسات ومناقشات هذا الاجتماع الهام على المباشر، إلا أنني أستغل هذه الفرصة لأساهم ببعض الاقتراحات التي أرى أنها ستعود بالنفع العميم على أعزائنا الشباب. وأبدأ بدعوة صاحبة المعالي وزيرة الثقافة ومعالي وزير التلفزيون حتى يستمرا في بسط رعاية فخامته السامية على المشروع الحضاري الكبير، مشروع ألحان وشباب الذي يشهد الجميع أنه كان من أهم مشاريع العناية والاهتمام بفشة الشباب، وهنا لا يسعني إلا أن ألوم مستشاري فخامته الذي لم يذكّروه بضرورة تضمين الخطاب القيم كلمات ثناء وشكر وتشجيع للوزيرة والوزير على هذا المشروع الذي أنسى الشباب همومه وطرد عنه وساوس الانتحار والهروب من البلد على قوارب الموت. بفضل هذا المشروع الحضاري صار الشباب الجزائري منقسما بين مشارك في البرنامج وبين متابع له. (ألحان وشباب) جعل حياة الشباب جميلة ولم يدع لهم وقتا للتفكير في أمور تافهة عديمة الفائدة. أملي أن يستمر هذا البرنامج عمرا مديدا حتى يستفيد وينهل منه كل الشباب الناشئ، كما أرجو أن يجند التلفزيون مراسله الناشط في مرسيليا ليجوب العالم بحافلة ألحان وشباب بحثا عن الشباب الذي خانه الحظ وخرج من البلد فيكون البرنامج فرصة له للمشاركة والعودة إلى أحضان الوطن الحبيب. كما أقترح على أصحاب السعادة الولاة أن يضاعفوا جهودهم من أجل ترقية واحد من أهم المشاريع التي ينعم بها شبابنا في مدن وقرى الجزائر، ويتعلق الأمر بمشروع (الباركينغ) الذي يعترف المرء أنه فتح آفاقا واسعة وساهم في إسعاد آلاف العائلات وبسط الأمن والأمان في الشوارع والمدن. فهل يحق لنا أن نحلم بتخصيص ندوة وطنية أو أيام دراسية لترقية وتحسين مشروع (الباركينغ) الذي صار ينافس الجامعات والمدارس في استيعاب الشباب المفعم بالحيوية والنشاط؟ صاحب الفخامة ختم خطابه بكلمات خارج النص أكد فيها أن الدولة ضحت بالنفس والنفيس من أجل شبابنا، وقال من موقع العارف إنه لا يعرف دولا كثيرة بذلت من التضحيات مثل ما ضحت به الجزائر في ميدان التعليم والتكوين المهني والصحة والرياضة والثقافة ورعاية الشباب. تضحيات لا يعرفها إلا هو والراسخون في الحكم، ومع ذلك فهو يعترف أن الأزمة مستفحلة واتخذت صبغة مأساوية. وما دام الأمر كذلك، فإنني أضيف اقتراحاً أخيرا وهو أن تبادر الدولة الموقرة إلى وقف فوري لكل هذه التضحيات وتفعل مثل ما تفعله كثير من الدول في العالم لعل شبابنا يسعفهم الحظ ويصبحون مثل باقي شباب هذا العالم. ما رأيكم؟!