مع اقتراب موعد الجمعية العامة لنقابة ناشري الكتب الجزائريين، التي سيكون موعدها شهر أفريل القادم، بدأ الجدل يرتفع بين الراغبين في الترشح لرئاسة النقابة للعهدة القادمة، وهو الجدل الذي أخذ العديد من الاتجاهات وتناول بعض القضايا المصيرية، يري المتتبعون أنها ليست أحاديث ومزايدات انتخابية بل توجها جديدا، فرض نفسه على المنضوين تحت لواء النقابة. بعد الحديث الذي فرض في أيام الصالون الوطني للكتاب في طبعته السابعة بالمكتبة الوطنية والذي نظم على عجل وطبعته فوضى بلغت مستويات قياسية، وجاء تنظيمه ردا على معرض باريس الدولي للكتاب الذي استضاف إسرائيل ضيف شرف، وهو الحديث الذي يكون قد ورّط الناشرين الجزائريين في جدلية علاقة الإعلام بالفعل الثقافي، وهو الحديث الذي ألقى بظلاله على نقابة الناشرين ومنح الراغبين في الترشح لرئاستها فرصة لتقديم مشاريعهم الانتخابية والتلويح بأوراقهم التي يعتقدون أنها رابحة، والتي -حسبهم- تجلب لهم مؤيدين أثناء انعقاد الجمعية العامة وبالذات يوم الانتخاب.وفي هذا السياق، يروّج بعض المرشحين لمشروع تحويل نقابة الناشرين لمؤسسة فاعلة ثقافيا من خلال تجاوزها للنمط التقليدي، ذات طابع تجمعي فقط، وحسبهم، يجب أن تنتقل إلى صناعة الفعل الثقافي والمساهمة في إثراء المشهد الثقافي الجزائري من خلال اكتساب مجموعة من الآليات والتقاليد الميدانية، والمشاركة في المسيرة العامة للمجتمع المدني كونها في النهاية تنظيم يخضع لقانون الجمعيات أكثر منه الانتماء إلى العمل النقابي.من جهة أخرى، يرافع البعض عن إمكانية تواصل النقابة مع المحيط الاجتماعي، ورفع مستوى المقروئية في المجتمع، وبالذات في أوساط الأجيال الجديدة وبالتالي إقحام نقابة الناشرين في مجال التربية وإيجاد آليات تعاون وعمل مشترك مع وزارة التربية، لرفع مستوى المقروئية وتحفيزها من خلال مغريات في أوساط التلاميذ، خاصة وأن وزارة التربية بدأت تتفتح على مثل هكذا مبادرات، واستغلال فترات العطل للترويج للمقروئية، وحسب هؤلاء فلا بأس بالاستفادة من بعض التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال.كما يفتح آخرون مشاريع تذهب إلى حد إشراك وسائل الإعلام المختلفة للترويج وتحبيب المجتمع في الكتاب، وترغيب المواطنين في القراءة، وذلك باقتراح حصص تلفزيونية وإذاعية ومساحات معتبرة في الصحافة المكتوبة تخصص للكتاب والقراءة، كما يمكن أن تفتح مجالات المسابقات، وأن تكون الجوائز ذات مكانة وقيمة معتبرة، ولكنها تكون دائما ذات هدف توعوي في مجال القراءة وتقريب الكتاب من المواطن.ويذهب آخرون إلى الترويج لمشاريع أخرى يرونها أكثر فعالية من خلال تقريب الكتاب من المواطن والمراهنة على المناطق المعزولة، وذلك بتنظيم معارض موسمية كبرى في كل من الشرق والغرب والجنوب، وألّا يقتصر نشاط نقابة الناشرين على المعرض الدولي للكتاب أو الصالون الوطني مرة في السنة، بل يجب المراهنة على المواعيد الموسمية، والدخول بقوة إلى الجامعات من خلال إيجاد صيغ فعالة للتعاون مع النقابات الطلابية والوصول إلى أكبر قدر من الطلبة الجامعيين، إضافة إلى جمعيات المجتمع المدني في الأحياء، ويرى هؤلاء أن الفرصة مناسبة جدا للاستثمار في مشروع وزارة الداخلية ووزارة الثقافة من خلال مكتبة في كل بلدية، وهو المشروع الذي يمكن أن تكون جمعيات الأحياء العمود الفقري في إنجاحه. وحسب المتتبعين لملفات النقابة، فإن تورّط الناشرين في كذا نقاش جاء بناء على التغييرات التي فرضت على المجتمع عموما وما يحدث في العالم من تداعيات العولمة وتغير أنماط الحياة ومكانة مثل هذه المؤسسات في المجتمعات، ولكن الخوف أن يكون مجرد جدل انتخابي ومزايدات هدفها الوصول إلى رئاسة النقابة، وليس الصعود إلى مستوى التحديات الثقافية التي تواجه المجتمع الجزائري.