انتقد عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني صاحب العديد من الحقائب الوزارية والمسؤوليات المختلفة في الدولة، بوجمعة هيشور، دعوة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني "المبكرة" لترشيح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، وأكد إضطلاع بوتفليقة بمهمة الرئاسة الكاملة ل"الأفلان"، متحدثا أيضا في هذا الحوار مع "الشروق أون لاين" عن قضايا سياسية متعلقة بالتجاذبات الحاصلة داخل الحزب وعلاقة الرئيس بوتفليقة بالمؤسسة العسكرية، كما تطرق لفترة توليه منصب وزير الاتصال، والظهور الأخير للوزير الأول السابق أحمد أويحيى. أنت من أعضاء اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني الذين عارضوا بقاء الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، إلى غاية تنحيته من المنصب، هل تحقق هدفكم من سحب الثقة من بلخادم، وتزكية عمار سعداني خلفا له. الصراع داخل حزب جبهة التحرير الوطني لم ينته بعد، وجهاز "الأفلان" لا يخلوا من التجاذبات طالما تجاذب الساحة السياسية مستمرا، وعمار سعداني جيئ به على رأس الحزب ولم يزكى ولم ينتخب بمحض إرادة اللجنة المركزية، وستبقى الجبهة تتصادم حتى بعد الانتخابات الرئاسية، كما أن عبد الرحمن بلعياط نصب نفسه منسقا للجنة المركزية دون تزكية من أعضائها.
حدثين مهمين قام بهما عمار سعداني منذ توليه منصب أمين عام "الأفلان" سياسيا إعلانه ترشيح بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة، وتنظيميا تعينه تشكيلة مكتب سياسي جديد للجبهة، ما تعليقك؟ تعيين تشكيلة المكتب السياسي لم يكن خال من الأخطاء السابقة، ومنها تمكين بعضا ممن يوصفون ب"الدخلاء" عن الحزب تبوء مراكز قيادية في أعلى هيئة تنفيذية، وهذه التشكيلة هي في حد ذاتها امتحان لعمار سعداني، المطالب بتصحيح الصورة السيئة التي أحاطت بقدومه على رأس الحزب، وستكشف الأيام القادمة مدى نجاحه في اختيار فريق العمل معه في المكتب السياسي. أما إعلانه عن ترشيح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة ودعوته لأن يكون بوتفليقة مرشح جبهة التحرير الوطني في الانتخابات الرئاسية القادمة، فهذا استباق أحداث وقع فيه عند تحرير البيان السياسي لاجتماع اللجنة المركزية وما كان له أن يقوم بذلك في هذا الظرف وبهذه الطريقة الخارجة عن قوانين الحزب. وقد فعل هذا قبله الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، والقانون الأساسي للحزب واضح في هذه المسألة، فاللجنة المركزية وحدها مخولة باختيار مرشح الحزب للرئاسيات ويكون ذلك في دورة خاصة.
جدل كبير حول وضعية الرئيس بوتفليقة إزاء الجبهة، هناك من القيادات من يصفونه بالرئيس الشرفي للحزب وهناك من يعتبره رئيسا بكامل الصلاحيات، أين أنت من هذا الأمر؟ بوتفليقة هو الرئيس الحقيقي للجبهة وهو من يملك الحزب وليس الأمين العام فلا بلخادم ولا عمار سعداني يملكان القرار بداخله، وحتى مؤتمر الحزب يستدعيه رئيس الحزب الذي هو بوتفليقة بنص المادة 34 من النظام الداخلي.
هل نفهم من كلامك هذا أيضا أن الرئيس بوتفليقة متحكم في زمام السلطة ومضطلع بكامل صلاحياته كرئيس للجمهورية؟ نوضح أولا أن قوى (الباءات الثلاث) التي جاءت بفرحات عباس أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة، هي القوى نفسها التي أبعدت بوتفليقة لعدة سنوات وهي القوى ذاتها التي جاءت به سنة 1999، فبوتفليقة الذي لم "تضحك له الدنيا" بعد وفاة بومدين وإبعاده وهو في منافسة معقولة، عاد إلى الحكم عن طريق القوى التي أبعدته وهي قيادة الجيش. وبعد ذهاب العربي من منصب رئيس ديوان الرئاسة وتوليه منصب سفير الجزائر بالمغرب، تغيرت موازين القوى داخل الدائرة القريبة من مصدر القرار لصالح بوتفليقة، لكن صحته خانته في "فال دوغراس الأولى" سنة 2005.
هناك من يتحدث عن فقدان الرئيس الثقة في كل محيطه الرئاسي واستعانته فقط بمحيطه العائلي، ما مدى صحة هذه الفرضية؟ صحيح، بوتفليقة غير طريقة عمله مباشرة بعد أن اهتزت ثقته في رئيس حكومته السابق علي بن فليس، فقد كان بن فليس بالنسبة للرئيس محل ثقة مطلقة، لكن واقعة الانشقاق عنه، جعلته يفقد ثقته في كل شيئ ولم يعد يؤمن بالعمل إلا مع مسشاريه من العائلة وبالضبط مع شقيقه، وهذا شيئ طبيعي ويعمل به الكثير من الرؤساء في العالم.
كأفلاني وكمسؤول في عدة مناصب في الدولة، هل أنت راض عن الوضع العام في البلاد؟ لا طبعا، الجزائر محتاجة لإعادة النظر في الحكامة، لأنها مرتبطة مباشرة بشأن المواطن، وتحسين ظروف معيشته.
هل تتوقع ذهاب الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة؟ لا أعرف ما ستكون عليه التعديلات المقبلة للدستور، ويمكن الحديث عن عهدة رابعة إذا كان فيه قبول نيابة رئاسة الجمهورية وإعطاء نائب رئيس الجمهورية واسع الصلاحيات، فلننتظر العمل الخاص بلجنة تعديل الدستور.
كيف قرأتم الظهور الأخير للوزير الأول السابق أحمد أويحيى بإشرافه على لجنة الاتحاد الإفريقي المكلفة بمراقبة الانتخابات التشريعية بموريتانيا؟ هل هي عودة للساحة السياسية بعد غياب لم يكن متوقعا؟ أويحيى من رجالات السياسة المشبعين بثقافة الدولة، وأي رجل سياسي لا ينتهي، فأويحيى لم ينته سياسيا.
حدثنا عن فترة توليك منصب وزير الاتصال، كيف وجدت القطاع، وكيف هو الآن؟ ستدعاني الرئيس بوتفليقة في أول حكومة له بعد فوزه بعهدته الثانية في الانتخابات الرئاسية التي جرت سنة 2004، وكلفني بمنصب وزير الاتصال بعدما كانت الوزارة بأكملها غير موجودة. وفور استلام المهمة عقدة لقاء مع العائلة الإعلامية في جويلية 2004 وقدمت تشخيصا للوضع، وقلت حينها بأن القطاع يعرف فوضى ومشاكل جد معقدة بين الصحافيين والناشرين وبين الناشرين والمطابع والوكالة الوطنية للنشر والإشهار، بالإضافة إلى مشاكل عدم وجود القانون العضوي المتعلق بالإعلام، والقانون الأساسي الخاص بالصحفي، وبطاقة الصحفي، ومتابعة وسجن صحفيين، ومسألة فتح السمعي البصري. الخلاصة أن القطاع لم يكن بخير، ولذلك قررنا تنظيم ورشات نقاش وطنية لحصر المشكلات وإيجاد الحلول، لكن مدة بقائنا في المنصب لم تدم طويلا وغادرنا في الفاتح ماي 2005.
ما وقع لك نفس ما وقع لكل الوزراء المتعاقبين على القطاع، ما إن يباشروا خطتهم الإصلاحية حتى يتم فصلهم من المنصب، لماذا؟ منصب وزير الاتصال حساس جدا، فكل كلمة تنطق بها تحسب إما لك أو عليك، ولا يخفى عليكم أن معدل أعمار وزراء الاتصال في المنصب لم يتجاوز ستة أشهر إلى سنتين على أقصى تقدير، فعندما تستدعى للمنصب لا تعرف لماذا وعندما تغادر أيضا لاتعرف، وأنا عندما كنت في المنصب كنت بصلاحيات جد محدودة، فلم تكن لدي أية وصاية على مؤسسة النشر والإشهار، ولا على مؤسسة التلفزيون، ولا على وكالة الأنباء ولا على جرائد القطاع العام التابعة لمجلس مساهمات الدولة، ولا على جرائد القطاع الخاص، فقد كنا فقط نقوم باقتراح مشاريع قوانين وتدبير بعض الشؤون في حدود ضيقة جدا، فهناك مسائل في القطاع لا يقترب منها كل من يعرف قدره، والإشهار هو معضلة الإعلام الكبرى في الجزائر.