تزوّجن على أمل تكوين أسرة وإنجاب أطفال، فيفاجأن بأزواج عاجزين عن ممارسة وظائفهم الزوجية، والمأساوي أن هؤلاء الرجال أخفوا أمر مرضهم الذي يعلمونه عن زوجاتهم، وادّعوا لهن بعد الزواج تعرضهم ل"ربط" أو سِحْرٍ، لتجد الزوجات أنفسهن أمضين أشهرا مع أزواج عاجزين، فيلجأن للمحاكم التي تنصفهن بعد إظهار شهادات عذريتهن، وأخريات فضّلن البقاء مع "نصف زوج" تجنّباً للقب "المطلقة". العجز الجنسي لدى الرجال ظاهرة استفحلت بصورة كبيرة السنوات الأخيرة بالمجتمع الجزائري، وللتأكد من ذلك ما عليكم إلا ولوج قاعة الأحوال الشخصية بالمحاكم للإطلاع على أهم أسباب الطلاق، فستكتشفون حكايات مؤثرة لزوجات تعرضن للخديعة من رجال عاجزين جنسيا، أما أخريات فضحّين بأمومتهن وحتى أنوثتهن مُرغمات، وقررن البقاء مع أزواجهن المرضى على أمل شفائهم يوما، مُخفيات سرّهن حتى عن عائلاتهن. يعاني 60 بالمئة من الرجال الجزائريين من ضعف جنسي مؤقت يزول بزوال أسبابه، وهو ما كشفته مؤخرا عمادة الأطباء الجزائريين، وذهبت إليه الإحصائيات الأولية لدراسة تقوم بها الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، حيث أحصت نسبة 75 بالمئة من الجزائريين الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و60 سنة يعانون ضعفا جنسيا مؤقتا، بسبب بعض الأمراض المزمنة، على غرار السكري، الضغط الدموي والبدانة. لكن رجالا آخرين يعانون من عجز جنسي دائم، والذي تعود أسبابه حسب الدكتور رشيد حميدي، إلى الأخطاء المرتكبة أثناء الختان، انسداد الشريان، بعض الأمراض والأورام التي لها مضاعفات على الجهاز التناسلي للرجل، أورام المسالك البولية، ويضيف "بعض هذه الأمراض تحتاج تدخلا جراحيا حتى يعود الرجل لطبيعته، لكن أخرى ليس لها علاج".
الإدمان والعجز يدقُّ مختصون ناقوس الخطر محذّرين من عواقب الصمت والتعتيم حول هذا المرض، سواء من طرف وزارة الصحة التي يطالبونها بالتوعية حول المرض لتجنب انتشاره بين الشباب، وتأميناً لاستقرارهم النفسي مستقبلا، خاصة وأن التدخين وإدمان المخدرات واستهلاك المقويات الجنسية والعضلية من أهم مسبِّبات الضعف الجنسي، مع عدم جعل المرض "تابو" يُخشى الحديث فيه مع الأطباء، والخطير أن غالبية الرجال المصابين بالعجز الجنسي الدائم لا يتوانون عن الإقبال على الزواج مُخفين مرضهم عن الزوجات. كثيرة هي قصص النساء اللواتي تعرضن للخديعة بعدما اكتشفن عجز أزواجهن في أول أيام الزفاف، فمنهن من تعرضت لانهيار نفسي، وأخرى طلبت الطلاق بعد أشهر من اللهث وراء زوجها لمعرفة سر عجزه. والقصص أخذناها من أروقة محاكم شؤون الأسرة بالعاصمة.
يهربون من زوجاتهم ليلة الزفاف نبدأها بقصة (ف) وهي فتاة تقارب الثلاثين من عمرها، تعرفت بمقر عملها على شاب يكبرها بعشر سنوات، جاء لقضاء مصلحة فأعجب بها وقرر الزواج منها، الفتاة بادئ الأمر استغربت كون الشاب غنيا جدا ويقطن بحي راق بالعاصمة، أما هي فمن عائلة فقيرة هربت سنوات العشرية السوداء من المدية، واستقرت بمنزل قصديري في العاصمة، وهي ليست بفاتنة الجمال التي تبهر الرجال، ومع ذلك أقنعت نفسها بأنه "عندها زْهر"، وفي أقل من شهرين تمت مراسيم زواجهما، وانتقلت للعيش في فيلته الفخمة، لتُفاجأ به في أول يوم زفافهما يخبرها بإرهاقه الشديد، وأنه سيذهب إلى النوم في غرفة أخرى، الفتاة أصيبت بالدهشة، تقول "أمضيتُ قرابة الساعة مصدومة وجالسة فوق السرير بفستاني الأبيض"، مضى الأسبوع الأول على الحال نفسه، وكل مرة يخبرها أنه "مربوط" وهو يقصد الرقاة وسيُشفى قريباً، وفعلا صبرت معه 14 شهرا كاملا، كانت بالنسبة له مجرد خادمة تطبخ وتنظف وكل ينام في غرفة، وبإلحاحها عليه للعلاج، يكرر جملته "كنت متزوجا بإيطالية وكنت رجلا عاديا، لكنني تعرضت للسحر بالجزائر". لتستنتج مع الوقت أن زوجها عاجز جنسي، واختارها هي بالذات لأنها فقيرة، وكان يحسب أنها ستبقى معه إلى الأبد دون فضحه، لكنها أخبرت عائلتها وطلقت بعد إظهار شهادة عذريتها. زوجة ثانية من ولاية شرق الوطن، تعرفت أثناء دراستها الجامعية بالعاصمة على طالب معها تزوَّجا بعد نهاية دراستهما، لتكتشف الزوجة العجز الجنسي الدائم لشريكها، وكان كل مرة يتحجج بحجة ما، إلا أنها أصرَّت عليه مرافقته لرؤية طبيب مختص، وهناك كانت الصدمة، حيث اكتشفت معاناة شريكها من عجز دائم، والغريب أن والدته على علم بالموضوع، ولكنها شعرت بالشفقة على ابنها فطلبت منها البقاء إلى جانبه، لكن الأخيرة حملت أمتعتها وعادت إلى ولايتها مطلَّقة. قصَّتنا الثالثة لشابة من البليدة، تعدت الأربعين من عمرها دون زواج، أحضر لها أقارب رجلا في الخمسين من عمره، إطار في مؤسسة عمومية لم يسبق له الزواج، مبرِّراً الأمر بكثرة انشغالاته ورحلاته إلى الخارج لغرض الدراسة والتدريس، لتكتشف بعد زواجها أنه عاجز جنسي وأخفى عنها الأمر، لتعود مطلقة بعد شهر واحد متحسِّرة "ليتني بقيت عانسا بدل أن أطلق بعد شهر"، خاصة وأن الزوج إدّعى لعائلته ومقرَّبيه أن زوجته امرأة غير صالحة. قصة أخرى لشابة في ال25 من عمرها من العاصمة، تعرَّفت على شاب في 35 من عمره من ولاية وهران، كان مغتربا بكندا وعاد ليستقر بالجزائر، وإجراءات زواجهما تمّت بسرعة كبيرة، وبعدما اكتشفت عجزه الجنسي برر الأمر بتعرضه لسحر، وبعد مُضيِّ أشهر ادّعى إصابته بمرض في البروستات، مؤكدا شفاءه بعد انتهاء العلاج، والعلاج حسبه كان عبارة عن حقن يأخذها بنفسه، ومرة أخذت زوجته علبة الدواء إلى صيدلي لتعرف نوعيتها، فاكتشفت أن زوجها مدمن مخدرات، وإدمانه الشديد سبب له ضعفا جنسيا.
متزوّجات وعذارى أما نساء أخريات فلا يزلن على عصمة رجال عاجزين، منهن واحدة قررت البقاء معه رغم عجزه، لتجد نفسها بعد مضيِّ سنة ونصف سنة مُهانة من عائلته التي تعايرها ب"العقم"، وتحرِّض ابنها على تطليقها والزواج بأخرى، أما هي وتحت توسّل زوجها الأناني الذي يطلب منها التستر على سره إلى حين شفائه، وجدت نفسها مرغمة على تحمل الاهانات اليومية. زوجة أخرى من العاصمة تزوجت في ولاية عين تيموشنت، ومنذ أول يوم زواجهما والعريس يتهرب منها، مرة بحجة تعبه، وأخرى بداعي إصابته بالزكام، ومرة أخبرها أن فتاة كانت تلاحقه قبل زواجه وضعت له سحرا، وعندما سئمت الزوجة من أكاذيبه عادت إلى أهلها مطلقة، كما أخبرنا "ع" المنحدر من إحدى ولايات الشرق الجزائري، أنه يعرف شابا من عائلة ثرية بالولاية، ومعروف في محيطه الضيق بإصابته بعجز جنسي دائم، ومع ذلك لا يتوقف عن الزواج وتطليق نسائه بعد أقل من عام. وحسب عجائز تحدثن معهن، ففي الماضي البعيد، كثير من النساء تطلقن بسبب العجز الجنسي لأزواجهن، ولأن الموضوع يعتبر "عيبا وعارا" أن تتحدث فيه الزوجة، و"مهين" أن يعترف الرجل بعجزه، تتحمّل المرأة مسؤولية طلاقها أمام المجتمع، وتتعرض للاهانة من عائلتها وأقاربها وحتى من عائلة زوجها، وكثيرات بعد طلاقهن يتم قذفهن في شرفهن، ومنهن من بقين دون زواج إلى غاية اللحظة.