فرغت الحكومة مؤخرا، من إعداد مشروع المرسوم التنفيذي المتضمن إعادة النظر في عمل المجلس الوطني الاستشاري لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك في خطوة جديدة نحو إعادة النظر في هذا التنظيم. وفرض نوع من الرقابة عليه وعلى تلك الأموال الموجهة لتصب في إطار إنعاش المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتفعيل أدائها وتمكينها من لعب أدوارها، إذ تقرر، حسب مشروع المرسوم التنفيذي، الذي تحصلت "الشروق اليومي" على نسخة منه، أن تحدد كيفيات استعمال الإيرادات غير تلك الممنوحة من الدولة بموجب قرار وزاري مشترك للوزير المكلف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والوزير المكلف بالمالية، في حين يقوم الأمين العام للمجلس، بصفته الآمر الرئيسي بصرف الميزانية الموضوعة تحت تصرف المجلس، بضبط النفقات والإذن بصرفها طبقا لقواعد المحاسبة العمومية.وإن أقر المرسوم التنفيذي بوضوح مصدر إيرادات المجلس، والتي تعتبر إعانات التجهيز والتسيير التي تمنحها الدولة، فإن نفقات المجلس تم تقسيمها الى شطرين جزء منها يوجه لنفقات التسيير، وجزء آخر يوجه لنفقات التجهيز، كما هو عليه الأمر بالنسبة لمؤسسات الدولة وهيئاتها.وتفاديا لأي تلاعبات في الحسابات المالية للمجلس وميزانيته، فقد تم تفويض الأمين العام دون غيره بمهمة إعداد ميزانية المجلس والمصادقة عليها من المكتب، وفي خطوة لاحقة ترفع لتعرض على الوزير المكلف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والوزير المكلف بالمالية، للموافقة والتأشير عليها طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما، وتوجه هذه الحسابات الإدارية وتقرير النشاطات للسنة المنقضية، والمصادق عليها من طرف المكتب الى الوزير المكلف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والوزير المكلف بالمالية، بالإضافة الى مجلس المحاسبة، وذلك لضمان رقابة صارمة على هذه الأموال.مراجعة المرسوم التنفيذي رقم 03-80 المؤرخ في 24 ذي الحجة عام 1423 الموافق ل 25 فبراير سنة 2003، والمتضمن إنشاء المجلس الوطني الاستشاري لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تأتي لتصحيح بعض النقائص التي تعتري تسيير المجلس في الوقت الراهن، إذ أنه بموجب النص الجديد سيتم إعادة النظر في إدارة الأمانة الإدارية والتقنية للمجلس، وذلك عبر قرار يقضي بتفويض الأمين العام الذي يساعده 4 رؤساء دراسات، مهمة التسيير ويتم تعيين الأمين ورؤساء الدراسات بموجب قرار الوزير المكلف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالتشاور مع رئيس المجلس الوطني الاستشاري لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتنهي مهامهم بنفس الأشكال. وتمثل وظيفتا الأمين العام ورئيس الدراسات على التوالي، الوظائف العليا لمدير ونائب مدير في الإدارة المركزية في الوزارة. وفي السياق ذاته، فإنه يحدد تنظيم الأمانة الإدارية والتقنية وسيرها بقرار وزاري مشترك بين الوزير المكلف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ووزير المالية والسلطة المكلفة بالوظيفة العمومية.وتأتي هذه الإجراءات التنظيمية الجديدة، التي ستعرض قريبا على مجلس الحكومة للمصادقة عليها، وذلك بغية ترشيد النفقات، وضمان تسيير شفاف للأموال الموجهة لدعم المؤسسات الصغيرة، تزامنا مع إجراءات عملية ستقوم الحكومة بتجسيدها في إطار دعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في ظل قناعة الحكومة بخصوص ضرورة التفكير في مرحلة ما بعد النفط، خاصة بعد أن أثبت عدد من التجارب الدولية نجاعة قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة كقطاع بديل لقطاع المحروقات. ومن بين الإجراءات العملية المقدمة عليها الحكومة في هذا السياق، إعداد خريطة تمركز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية بغرض جرد الفرص المحلية للاستثمارات التي تقترح على أصحاب المشاريع الوطنيين والأجانب. وسيعتمد لهذه القطاعات مسعى جاد لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، ويتعلق الأمر كذلك بتحسين محيط المؤسسة عن طريق خلق مراكز للتسهيل وإنشاء مشاتل لمؤسسات صغيرة ومتوسطة مبدعة، وترقية المناولة، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج وطني لتأمين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ذات القدرة التصديرية، وكذا إعادة الاعتبار للتراث الحرفي والمحافظة عليه من خلال عمليات التكوين وتدابير دعم ذات طابع جبائي وجمركي، ويستند كل ذلك إلى أدوات مالية جديدة أكثر ملاءمة لخصوصية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصناعة التقليدية. ومن حيث الآفاق المستقبلية، من الضروري وضع استراتيجية وطنية لتنمية مستديمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والصناعة التقليدية بمساهمة جميع المؤسسات والشركاء المعنيين.