كشفت مصادر أمنية تشتغل على ملف "الإرهابيين الأجانب" في تنظيم ما يسمى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، أن عدد هؤلاء يتجاوز حاليا حوالي 70 نشطا، تنقل أغلبهم إلى معسكرات "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" (سابقا) للتدريب بهدف الانتقال لاحقا إلى العراق للالتحاق بصفوف المقاومة العراقية، لكنهم وجدوا أنفسهم مثل العديد من الشباب الجزائريين المجندين تحت هذا الغطاء "مجرد جنود"، يتم استغلالهم لتعزيز صفوف التنظيم الارهابي، خاصة في ظل تراجع التجنيد. وأشارت نفس المصادر إلى أن استقطاب الإرهابيين الأجانب وتدريبهم يندرج في سياق غطاء "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي"، التي تعطي لنشاط التنظيم بعدا يتعدى الإطار المحلي، ويعتقد أن العناصر الأجنبية في صفوف التنظيم الإرهابي بالجزائر تعد بالعشرات وينحدرون من ست دول هي المغرب وتونس وليبيا وموريتانيا ومالي والنيجر، لكن الغالبية هم من موريتانيا بتعداد يتجاوز 22 إرهابيا حسب ما توفر لدى "الشروق" من معطيات، أغلبهم ينتمون للسلفية الجهادية، وتم توزيعهم على معاقل التنظيم في المنطقة السادسة (شرق البلاد)، المنطقة التاسعة (الجنوب)، حيث تم القضاء مؤخرا على 4 ليبيين بولاية ورقلة والمنطقة الثانية (الوسط)، حيث ظهر مغاربة في التسجيل الصوتي الذي كشف عن التحاق نجل علي بن الحاج بصفوف التنظيم.ويتم مؤخرا إخضاع المغاربة والموريتانيين والليبيين إلى دورات تدريب على الأسلحة والعمليات الإنتحارية واستعمال المتفجرات، مما يعكس نوع المخططات الإرهابية التي سيقومون بتنفيذها لاحقا في بلدانهم، فيما يتم تجنيد الماليين والنيجريين في شبكات الدعم والإسناد.ويرى متتبعون للشأن الأمني، أن قيادة "درودكال" سعت لتحويل هؤلاء المجندين الأجانب إلى معاقلها، خاصة بالمنطقة الثانية، في محاولة لتوسيع نشاطها من تنظيم محلي إلى تنظيم إقليمي، حيث ظهر في التسجيل الصوتي الصادر عن اللجنة الإعلامية بعنوان (جحيم المرتدين 2)، أن بعض الأجانب يحتلون مناصب قيادية منهم تونسيين وموريتانيين كذلك، إضافة إلى متطوعين أجانب، منهم تحديدا موريتانيين، ماليين ونيجريين، وهو ما لم يكن موجودا في الأشرطة التي بثها التنظيم منها (جحيم المرتدين1)، إضافة إلى اعتقال جماعة من تونسيين قصدوا الجزائر بنية التدرب فيها والعودة إلى تونس من أجل تأسيس جماعة هناك، وقبلها توقيف 3 ليبيين عند القضاء على سفيان فصيلة، أمير المنطقة الثانية الذي كان مسؤول تجنيد الأجانب في التنظيم.وأدى إعلان انضمام "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" نهاية عام 2006 لتنظيم "القاعدة" وأخذها تسمية "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، إلى تجنيد العديد من الأجانب الذين التحقوا بمعسكرات "القاعدة" كمحطة للتدرب على السلاح واستعمال المتفجرات تسللوا إلى الجزائر عبر الحدود.وبخصوص الأجانب الموجودين في معاقل "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، كان بن مسعود عبد القادر، المكنى مصعب أبو داود، أمير المنطقة التاسعة الذي سلم نفسه العام الماضي، قد كشف في تصريح سابق، أن سبعة مسلحين أجانب منهم عناصر من مالي والنيجر وموريتانيا، كانوا ينشطون ضمن "كتيبة طارق بن زياد" التابعة للمنطقة التاسعة في تنظيم "الجماعة السلفية" (سابقا)، وقال إن هؤلاء فروا إلى خارج الجزائر بسبب "تردي الأحوال داخل التنظيم، خاصة تقلص حجم الدعم والتموين".ويشكل هؤلاء الارهابيون اليوم، قواعد خلفية للتنظيم، عند التحاقهم مجددا ببلدانهم، حيث كان من بين المعتقلين في قضية اغتيال السياح الفرنسيين بآلاك بموريتانيا، من تدربوا في معسكرات تابعة لتنظيم "درودكال" في الجزائر (لنا عودة إلى الموضوع بتفاصيله) وهو ما تهدف إليه "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، للتأكيد على أنها تنظيم اقليمي، خاصة بالنسبة للقاعدة الأم، سيما بعد دعوة أيمن الظواهري في تسجيلات صوتية إلى تفعيل النشاط في منطقة المغرب العربي، وهو ما قد يفسر عدم تكليف المجندين الأجانب بعمليات انتحارية واقتصار نشاطهم على مواجهة قوات الجيش والأمن.