الدولة في مواجهة المجندين الجدد تلقت مختلف أجهزة الأمن تعليمات من جهات عليا بالبلاد لمعالجة ملفات المجندين حديثا في صفوف الجماعات الإرهابية "بحكمة" وضمان "حق العودة" الى عائلاتهم مع إسقاط المتابعات القضائية والملاحقات الأمنية لهؤلاء بعد تسليم أنفسهم والتكفل بهم لاحقا اجتماعيا. * تراجع التجنيد في صفوف الجماعة السلفية للدعوة والقتال بنسبة 80 بالمائة * * وتأتي هذه الإجراءات لتعزيز تدابير سابقة كانت قد اعتمدتها السلطات الأمنية من خلال عمل جواري مكثف مع العائلات، حيث تشير تحقيقات أمنية الى تراجع كبير في نسبة التجنيد بحوالي 80 بالمائة خلال سنة 2008 مقارنة بالسنتين الماضيتين مما يفسر لجوء قيادة درودكال إلى عرض إغراءات مالية ضخمة على الشباب للالتحاق بصفوفها كما سبق أن أشارت إليه "الشروق اليومي" في عدد سابق. * قالت مصادر مؤكدة ل"الشروق اليومي"، أن مختلف أجهزة الأمن تلقت مؤخرا تعليمات صارمة بضرورة "معالجة وضعية الإرهابيين المجندين حديثا بصفة مميزة وخاصة" عند تسليم أنفسهم على خلفية أنهم في الواقع شباب مغرر بهم وتم استغلال حماسهم وظروفهم النفسية والاجتماعية، وتقرر أيضا حسب ما توفر من معلومات لدى "الشروق اليومي" إسقاط المتابعات القضائية ضد هؤلاء وكذلك ملاحقتهم أمنيا بعد أن طرح العديد من أولياء هؤلاء الراغبين في تسليم أنفسهم للسلطات مخاوف من إيداعهم السجن وهي الورقة التي وظفها دروكال لإقناعهم بالعدول عن القرار. * وتأتي هذه الإجراءات الجديدة لتعزيز تدابير تم اعتمادها سابقا أهمها مواصلة العمل بميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وكان رئيس الجمهورية قد أعلن عن ذلك رسميا في خطاب ألقاه أمام كبار مسؤولي قيادة الجيش بمناسبة عيدي الشباب والاستقلال، واللافت أن الرئيس ركز في كلمته على فئة الشباب المجندين حديثا ودعاهم للعودة الى المجتمع وأن "يد الدولة ممدودة"، وهو ما يتجسد ميدانيا من خلال هذه الإجراءات الجديدة، خاصة وأن الحملة التحسيسية التي قادتها مختلف أجهزة الأمن باتجاه عائلات الإرهابيين أثمرت ميدانيا بتسليم عدد من أبنائها أنفسهم لأجهزة الأمن، ويكون عددهم تجاوز 21 عنصرا حسب معلومات متوفرة لدى "الشروق اليومي" أغلبهم بولايتي بومرداس وتيزي وزو التي تعد أهم معاقل الجماعة السلفية للدعوة والقتال إضافة الى نشطاء في جماعة حماة الدعوة السلفية آخرهم شاب التحق نهاية سنة 2007 بالتنظيم في تلمسان سلم نفسه لفرقة الدرك بهنين قبل أسبوع من حلول شهر رمضان الكريم. * * التجنيد تراجع الى حوالي 80 بالمائة وعدد أفراد الكتائب لا يتجاوز 5 * * ويرى مراقبون، أن السلطات تكون قد اتخذت هذه الإجراءات التكميلية بعد تسجيل رغبة عدد من النشطاء في تسليم أنفسهم للسلطات الأمنية نقلا عن إفادات تائبين سلموا أنفسهم في الأشهر الأخيرة، وشددوا أن المجندين الجدد اصطدموا بواقع الجبال، وكان أبرز هؤلاء الشاب زهير أبزار الذي ينحدر من حي المحمدية شرق العاصمة الذي تمكن من الفرار بعد أقل من 6 أشهر من انضمامه للتنظيم، وأفاد في لقاء سابق ب"الشروق اليومي" أنه "لا توجد دولة إسلامية هناك في الجبل، وعندما أصبحت أستفسر عن أمور الشرع، تحولت الى شخص مشبوه..."، كان زهير قد التحق بتنظيم درودكال تحت غطاء الانخراط في صفوف المقاومة العراقية مثل العديد من الشباب الذين تم "تحويلهم" أبرزهم نبيل بلقاسمي (أبو مصعب الزرقاوي العاصمي) انتحاري ثكنة حراس السواحل بدلس. * وأشارت تحقيقات أمنية الى تراجع كبير في عدد المجندين بنسبة تعادل 80 بالمائة سنة 2007 التي قاد خلالها تنظيم درودكال دعاية إعلامية خاصة بعد أن أعلن انضمامه الى "القاعدة" وتغيير تسميته الى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، مستغلا حماسة شباب ثائر ضد احتلال العراق، كما قاد حملة تجنيد واسعة في الأحياء الشعبية، استهدفت شبابا حديث الالتزام وينحدر من عائلات معوزة ويعاني البطالة واضطرابات نفسية وتهميشا، منهم الانتحاريين الذين نفذوا اعتداءات وينحدر اغلبهم من أحياء باش جراح بالعاصمة، أحد أفقر أحياء العاصمة، لكن واقع الجبل والطعن في شرعية الاعتداءات الانتحارية ووعي الأولياء الذين مارسوا رقابة لصيقة على أبنائهم أدى الى تراجع التجنيد، حيث تقلص عدد نشطاء الكتائب من 60 فردا الى حوالي 10 أفراد موزعين على جماعات صغيرة، ويواجه تنظيم الجماعة السلفية اليوم موازاة مع ذلك قلة الأفراد في ظل التردد في تنفيذ عمليات انتحارية.