يتوجه الليبيون إلى مراكز الاقتراع الخميس لانتخاب لجنة لصياغة دستور جديد في خطوة نحو الانتقال السياسي في البلاد بعد الإطاحة بنظام "معمر القذافي" عام 2011. وتأمل القوى الغربية في أن يساعد إجراء انتخابات سلمية على دفع ليبيا قليلاً نحو الديمقراطية لكنها تأتي في وقت تتصاعد فيه التوترات السياسية. وتلاقي حكومة رئيس الوزراء "علي زيدان" صعوبات خلال سعيها لفرض سلطتها وكبح جماح الميليشيات التي ساعدت في الإطاحة بالقذافي لكنها احتفظت بأسلحتها لتلعب دوراً سياسياً. وهددت اثنتان من الميليشيات القوية يوم الثلاثاء بحل المؤتمر الوطني العام الذي يتهمونه مثل كثير من الليبيين بإصابة البلاد بالشلل بسبب صراع لا ينتهي. وسحبت ميليشيات قواتها بعد أن نشرتها في وسط طرابلس يوم الأربعاء في استعراض للقوة وذلك بعد أن دعت الأممالمتحدة إلى ضبط النفس لكن الحادث يذكر بهشاشة الوضع السياسي في البلاد. وليبيا بحاجة ماسة إلى حكومة فاعلة ونظام حكم لتتمكن من التركيز على إعادة الاعمار ومعالجة الانقسامات التي حدثت بعد حرب 2011 التي أطاحت بالقذافي. وتعب كثير من الليبيين من الميليشيات ولا توجد لديهم ثقة تذكر في المؤسسات السياسية بعد أربعة عقود من الحكم الفردي. وكان تسجيل الناخبين ضعيفاً إذ سجل ما يربو على مليون شخص لكن هذا أقل بكثير عن ثلاثة ملايين سجلوا للتصويت في الانتخابات البرلمانية في 2012. وسيتعين على لجنة صياغة الدستور التي تضم 60 عضواً الانتهاء من وضع مسودته خلال 120 يوماً. وسيقسم أعضاء اللجنة بالتساوي على مناطق ليبيا الثلاث وهي طرابلس في الغرب وبرقة في الشرق وفزان في الجنوب. ويشبه هذا النموذج اللجنة التي صاغت دستور ليبيا قبل القذافي عندما نالت البلاد استقلالها عام 1951، ويتعين على أعضاء لجنة صياغة الدستور أن يأخذوا في الاعتبار الخصومات السياسية والقبلية ودعوات الحكم الذاتي في شرق البلاد عند اتخاذ قرار بشأن نظام الحكم في ليبيا. وستطرح مسودة الدستور للاستفتاء. وفي الشرق سيطر محتجون مسلحون على موانئ نفطية رئيسية منذ الصيف للمطالبة بحصة أكبر من الثروة والاستقلال السياسي مما أدى إلى تراجع صادرات النفط الحيوية، ورفضت المجموعة التي تسيطر على موانئ النفط في الشرق عملية انتخاب لجنة صياغة الدستور وقالت إنها زائفة. وتقاطع الانتخابات أيضاً الأقلية الأمازيغية التي تعيش في الغرب بالقرب من المنشآت النفطية، ورفض زعيمهم "إبراهيم مخلوف" الانتخابات لأن الأمازيغ يريدون دوراً أكبر في اللجنة وضمانات بأن لغتهم ستصبح من اللغات الرسمية في البلاد. وتأخرت محاولات كتابة دستور جديد مراراً بسبب الصراع السياسي داخل المؤتمر الوطني العام الذي انتخب لفترة 18 شهراً في جويلية الماضي في أول انتخابات حرة في ليبيا منذ نحو 50 عاماً.