حوّل كثيرون الأنترنت والهواتف الذكية عن هدفها المنشود، وجعلوها أداة لتهديد الغير وابتزازه؛ فبعد ترصّد صور النساء أو فبركتها ثم نشرها، هاهم مجرمو الانترنت يحوّلون إجرامهم نحو رجال المال والأعمال والتجار، فيبتزونهم لسلب الملايين منهم، بعد التقاط صور لهم مع صديقاتهم أو في أماكن مشبوهة. وجدت الجرائم الإلكترونية مُؤخرا مكانا لها في المجتمع الجزائري وتنوّعت طرقها؛ فمن سرقة أموال الأشخاص، بعد قرصنة حساباتهم البنكية عن طريق عمليات احتيالية عبر الإنترنت، وسرقة مواطنين عاديين عن طريق "ايمايلات" وهمية تطلب المساعدة. وبعد ظاهرة تهديد الصديقات والعشيقات وحتى الزوجات السابقات بصور حقيقية وأخرى مفبركة. وجد كثيرٌ من التجار ورجال الأعمال أنفسهم ضحايا الإنترنت، وأصبح موقع اليوتيوب هاجسا مرعبا لهم، بعدما يهددهم مجهولون بنشر صورهم الفاضحة عبره. وفي إحصائيات للمديرية العامة للأمن الوطني، فإنها عالجت أكثر من 380 قضية تتعلق بالجريمة الالكترونية خلال السداسي الأول من سنة 2013 . وجد بعض الشبان في التجار ورجال الأعمال، مصدرا للحصول على مدخول سريع، فصاروا يتعقبون خطواتهم ويبحثون عن زلاتهم، ويسألون المقربين منهم عن أدق أسرارهم، وعند ظفرهم بما يرغبون يُشغّلون هواتفهم الذكية، التي حوّلوها من وسيلة لمعرفة آخر تطورات العالم في جميع المجالات، إلى أداة لاصطياد زلات الغير؛ فيلتقطون لهم صورا ويصورون فيديوهات، بعدها يتصلون بالضحية ويرسلون له نسخا مما يملكون، طالبين أموالا، وإلا سينشرون ما يملكون عبر موقع اليوتيوب. وكثير من التجار وخاصة بالمناطق الداخلية والمحافِظة، يترددون في إيداع شكاوى خوفا من الفضيحة، فيلبون طلبات مبتزيهم. وفي هذا السياق أرسل مواطنٌ من ولاية المسيلة، منذ أيام رسالة مطولة إلى الجريدة، يسرد فيها ما يقع بإحدى بلديات هذه الولاية، حيث استغل بعض شبانها الإنترنت، وصاروا يهددون التجار بالفضيحة لغرض ابتزازهم، إلى درجة صار الجميعُ يضع يده على قلبه مخافة وصول دوره. وفي قصة أخبرنا بها (ك) عامل بأحد فنادق المنطقة الغربية الساحلية للعاصمة يقصده خاصة الأزواج غير الشرعيين وحتى المتزوجون عرفيا أو سريا، يقول إن عامليْن معه بالفندق، أحدهما مكلف بتنظيف ومراقبة الغرف، والثاني عامل بالاستقبال، كانا يترصدان التجار والأثرياء الذين يقصدون الفندق، حيث يُثبّتون هاتفا نقالا في غرفة معينة لتصوير ما يحدث، وبطريقةٍ ما يتحصل الفاعلان على عنوان ضحيتهما أو رقم هاتفه ويتصلون به لابتزازه، بعد تهديده بنشر صوره على الأنترنت. وقد كُشف أمرُهما بعدما أودع تاجرٌ شكوى ضدهما. وحسب مُجريات قضايا التهديد والابتزاز المعروضة على محاكم العاصمة، يرتب المتهمون مواعيد غرامية لتاجر معين، حيث يمنحون رقم هاتفه لفتاة من عِصابتهم، تقوم باستدراجه إلى مكان معين، ثم تصوره دون علمه أو تسجل أحاديثهما، وتتولى بعدها العصابة عملية تهديده. متهمون آخرون يفبركون صوراً وهمية عن طريق تقنية الفوتوشوب لاستعمالها في التهديد. وبعض التجّار رفضوا الخضوع لمساومات المُبتزين، حيث انتفض السنة المنصرمة العشرات من رجال الأعمال بولاية عنابة، وأودعوا شكوى للقضاء، إثر نشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع إباحية، وصور تم التلاعب فيها وتدوين أسفلها عبارات غير أخلاقية. وقد كشفت أحصائيات أخيرة لوزارة العدل، أن المؤسسات ذات الطباع الصناعي والتجاري ومسيريها، يشكلون نسبة 60 بالمئة من ضحايا التهديد والقذف عبر الإنترنت. ويحسب المتورطون في هذه الجرائم، أن بإمكانهم الإفلات من العقاب عن طريق إخفاء هوياتهم الحقيقية، لكن السلطات الأمنية الجزائرية شرعت في محاربة الجريمة الإلكترونية منذ بدء انتشارها، حيث تتولى التحقيق مصلحة متخصصة في استغلال الأدلة المعلوماتية، تم إنشاؤها ضمن المديرية الفرعية للشرطة العلمية والتقنية شهر أفريل 2009، وتتكفل المصلحة بإعداد الخِبْرات في المجال المعلوماتي والهواتف النقالة ومعالجة الصور الفوتوغرافية وأشرطة الفيديو، لصالح القُضاة. والمصلحة تقوم باسترجاع المعطيات الخاصة بأيّ دعامة رقمية، وأرقام الدخول السرية، والملفات الملغاة، فضلا عن تحليل وتحديد المعطيات المتعلقة بأي قضية (البريد الالكتروني والوثائق واستعمال شبكة الانترنت والفيديو والصورة). أما فرع استغلال الهواتف النقالة، فيتكفل باستغلال جميع أنواع الهواتف النقالة وشرائحها، ورُقاقات الذاكرة واستخراج المعطيات الظاهرة أو الملغاة وتحليل قائمة الاتصالات والرسائل النصية.