أوقفت قناة الجزيرة استطلاعا الكترونيا مثيرا كانت قد نشرته على موقعها على الأنترنت غداة التفجيرين الانتحاريين الأخيرين اللذين نفدهما تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي بالجزائر العاصمة. وكان مضمون سبر الآراء الغريب يسأل المشاركين في التصويت " هل تؤيد هجمات القاعدة في الجزائر؟ " وقال أحمد الشيخ رئيس تحرير القناة وموقعها الالكتروني ( الجزيرة نت) في تصريح للشروق أمس أنه بصفته المسؤول المباشر عن محتوى الموقع الالكتروني أنه كان غائبا عند نشره على الموقع وإلا لما سمح بذلك . وأضاف أن الجزيرة "تعترف بأنها ارتكبت خطأ جسيما وقامت بسحب الاستفتاء من موقعها الالكتروني وألغت نتائجه ، ثم عاقبت المشرفين على الاستفتاء ، وأوقفت المسؤول عن هدا الخطأ الكبير وقال الشيخ " لا أحد يوافق على هذه الأعمال البربرية ، لكن يبدو أن جماعات موالية للقاعدة أو أطرافا لها مصلحة ما اتصلت ببعضها البعض من اجل التصويت المكثف لتوجيه النتائج لصالحها وتزكية أعمالها " وهو ما جعل نتيجة التصويت غريبة . حيث قال أكثر من 54 في المائة من المصوتين أنهم مع العمليات الارهابية ، فيما رفضها أقل من 46 في المائة . وكان عدد المصوتين على الاستبيان قد وصل خلال ثلاثة أيام قبل توقيفه إلى 30 ألف مشارك أجاب أكثر من نصفهم ( 54 بالمائة ) أنهم يؤيدون الهجمات الانتحارية التي ضربت مؤخرا مقر المجلس الدستوري ومكتب الأممالمتحدةبالجزائر العاصمة، مخلفة 41 قتيلا وعشرات الجرحى وسط الأعوان الإداريين والمارة الذين ساقتهم الأقدار في تلك اللحظة إلى مكان الانفجار، وهو ما استغله تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي (الجماعة السلفية للدعوة القتال سابقا) للدعاية لعملياته بإعادة نشر نتائج التصويت في صدارة الصفحة الأولى من موقعه على الانترنت لتضفي نوعا من الشرعية على ما قامت به وتزكية الاعتداءين الإرهابيين ، خاصة انه صدر على موقع إحدى اكبر القنوات العربية مشاهدة في الجزائر والعالم العربي . وكان التلفزيون الجزائري قد انتقد بلهجة حادة قيام الجزيرة بإعداد ونشر استطلاع الكتروني من هذا النوع ، واعتبره استهانة بدماء الجزائريين بما لا يقبله الضمير المهني والأخلاقي لأي ممارسة إعلامية. وهو نفس الموقف والشعور الذي ساد قاعات التحرير في قنوات الإعلام الجزائرية على اختلافها، وتساءل الكثيرون "هل راقبت الجزيرة مضمون استطلاعها قبل نشره؟ وهل كان سيكون نفس المضمون لو تعلق الأمر بهجمات ضربت فيها القاعدة بلدانا عربية أخرى في الخليج والمشرق كما حدث من قبل؟" ويعكس موقف التلفزيون فيما يبدو سخط الحكومة على ما قامت به الجزيرة حتى وإن لم يتسرب أن السلطات أثارت الحادث دبلوماسيا مع الحكومة القطرية، لكن أحمد الشيخ حاول في حديثه تبرئة ساحة الجزيرة وقال "الجزائريون منا ولا يمكننا الاستهانة بدمائهم، انه خطأ مهني عالجناه بكل صرامة بإجراءات عقابية" لم يحدد طبيعتها لكنه وصفها بأنها "إدارية داخلية" ، أهمها توقيف الصحافي الذي صاغ السؤال ، وتوبيخ مسؤولي التحرير في الجزيرة نت . واستبعد أحمد الشيخ أن تقدم الجزيرة على اعتذار رسمي للجزائريين وقال "ليس من عادتنا تقديم اعتذار رسمي عندما يرتكب محررونا أخطاء مهنية، لكنهم ختم تصريحه للشروق بالقول " لنا الشجاعة والجرأة أن نقول أننا أخطأنا ونتابع بالمحاسبة المتسبب في الخطأ" . عبد النور بوخمخم