اعتبروا أنفسهم فاشلين في الدراسة، واقتنعوا بفكرة الفشل، لكن صحوة ضمير مفاجئة، أو موقفا معيّنا نقلهم من النجاح إلى الفشل، وتحصلوا على البكالوريا التي رأوا فيها حلما صعب المنال، إنها قصص نجاح أبطالها طلبة حوّلوا فشلهم إلى نجاح مميز. هل الفشل أمرٌ محتم على بعض الأشخاص عليهم الاستسلام له وعدم المقاومة؟ أم أنه سلوك يخترعه الشخص الكسول ويُقنع به نفسه؟ للإجابة على هذه التساؤلات ارتأينا أن نسرد لكم قصتيْ نجاح طالبين كانا فاشلين ومستهترين، فأصبحا ناجحين ومؤثرين في المجتمع بقليل من الإرادة والعزيمة. "سميرة.ع" في ال 32 من عمرها، من ولاية عين الدفلى، درست في مرحلتها الثانوية بثانوية قويدري محمد، تقول "كنت تلميذة متوسِّطة طيلة مشوار دراستي، وبالثانوية التحقت بشعبة الآداب... كنت دائما أفضل الجلوس بالمقاعد الخلفية في القسم تهرّبا من الأساتذة، وهناك تعرفت على زملاء سيئي السلوك، كل همهم التشويش على البقية واللهو فصرت مثلهم، وازداد كرهي للدراسة بعد الصعوبة التي وجدتها في الفلسفة وهي مادة أساسية في شعبتي، وبدأت نتائجي في التدهور، حيث كنت أتحصل على ملاحظة توبيخ أو إنذار في كل فصل". سميرة لم يكن لديها أي مشاريع مستقبلية أو أحلام، لكن موقفاً طرأ وقلب حياتها وجعلها تندم على استهزائها بالدراسة تقول "في يوم سمعتْ والدتي أن ابنة عمتي تتلقى دروسا خصوصية حتى تنجح في البكالوريا، ولأنني من عائلة فقيرة قامت أمي ببيع قلادة وحيدة تملكها ورثَتْها عن جدتي، وأعطتني الأموال طالبة مني التسجيل في الدروس الخصوصية، مرددة عبارة "يجب أن تنجحي يا ابنتي وتخرجينا من الفقر"، وقْعُ هذا الكلمات كان رهيبا على محدثتنا، ففي وقت تعلق والدتها كل أمالها على نجاحها، تقصد هي الثانوية للهو والعبث. تضيف: "صدّقوني لم أتمكن من إمساك المال بيدي لشدة خجلي"، صحوة ضمير سميرة جاءت قبل شهر واحد على امتحان البكالوريا، ومع ذلك قررت تغيير حياتها "وضعتُ برنامجا مكتوبا للمراجعة والحفظ، كل يوم أراجع أربعة مواضيع من مواد مختلفة، كنت أصحو وقت الفجر لتأدية الصلاة وقراءة ما تيسّر من القرآن، ثم أشرع في المراجعة في المطبخ لضيق السكن، ونهاراً أهرب من الفوضى وأجلس للمراجعة داخل "زريبة" يربّي فيها والدي خرافاً"، والنتيجة حصول سميرة على البكالوريا بمعدل يفوق 12 والتحقت بالمدرسة العليا للإدارة، وهي الآن إطار بإحدى الوزارات وحققت جميع أحلام والدتها. قصة أخرى بطلها "منير. ب" من العاصمة، تحصل على البكالوريا منذ 15 سنة وعن حكايته مع النجاح يقول "كنت طالبا كسولا في مرحلة المتوسط، جميع زملائي نجحوا في الانتقال إلى الثانوية ما عدا أنا، ومع ذلك لم أتأثر، ونجحتُ في السنة اللاحقة وبصعوبة، وفي الثانوية واصلت كسلي... وقتي داخل القسم أقضيه في عدّ الدقائق لرنين الجرس.. وبعودتي إلى المنزل أرمي محفظتي وأقصد دار الشباب للعب الكرة. زملاء منير غالبيتهم نجحوا في بكالوريا دورة 1999 شعبة الآداب لسهولة المواضيع إلا هو. "جاء عام دراسي جديد... ومرة دخل علينا أستاذ مادة الأدب العربي فنظر إليّ مستهزئا، بعدما رآني أجلس في كرسي بالمقدمة وقال: رجاءً عُد إلى كرسيّك في الخلف، فأنت مشوِّش وستُفقِد زملاءَك المجتهدين التركيز".. وانفجرت القاعة بالضحك.. صدقوني كدت أبكي من شدة الغيظ والخجل، وأدركت أنني شخصٌ غير مرغوب فيه، فقررت ترك الدراسة.. لكن صديق والدي الذي أخبرته برغبتي وطلبت منه مساعدتي لإقناع والدي، قال "أنت الآن أمام خيارين إمّا الهرب وغرس رأسك في الرمل مثل النعامة، أو المواجهة والبرهنة أنك إنسانٌ له عقل وذكاء؛ ففي أي شيء يتفوق عليك الطالبُ المجتهد؟ فكلاكما تملكان عقلا واحدا وبحجم واحد؟ ومن ساعتها قرر منير رفع التحدي، أول شيء قام به هو مخالطة المجتهدين، ومراجعة كل درس في المنزل، وبدأ يحتك بالأساتذة ويتناقش معهم، وحسبه اكتشف شيئا غريبا "الدروس التي كنت أجد فيها صعوبة وجدتها سهلة للغاية". وحصل منير على البكالوريا بمعدل يفوق 11 بعدما كان معدّله الفصلي لا يزيد عن 4 أو 5 في أحسن الأحوال، وواصل اجتهاده بالجامعة حيث تحصل على الليسانس والماجيستير في العلوم السياسية وهو الآن أستاذ نفس المادة بكليةٍ في ولاية داخلية.
أكدوا أهمية الكتاب المدرسي وإنجاز التمارين أساتذة ينصحون طلبة البكالوريا بالمراجعة بطريقة الملخصات يجمع الأساتذة على أن المراجعة اليومية للدروس والمناهج العلمية هي السبيل الوحيد لكل من يبتغي النجاح في نهاية الموسم الدراسي، لذا على التلميذ أن يشمّر على ساعديه مع بداية السنة، ويتجهّز للامتحانات والفروض بالمراجعة اليومية وكتابة ملخصات صغيرة يسهل العودة إليها في كل مرة وإلقاء نظرة سريعة تعمل على ترسيخ المعلومات في ذاكرته. تعدّ المراجعة المنزلية الركيزة الأساسية لبلوغ النجاح؛ ففيها يركّز التلميذ أكثر من القسم لأن الجو يكون هادئاً ونسبة التركيز تكون أعلى، وبها ترسخ المعلومات في الذهن، كما يستطيع التلميذ تحديد المصطلحات والمفاهيم الصعبة كي يناقشها مع أساتذته وزملائه، ويتعلم من خلالها سبل الاستفادة من الكتاب المدرسي، وبإمكان بعض التلاميذ تحسين خطهم لأن الخط السيء يحول دون فهم الأستاذ، يكتسب التلميذ من خلالها الثقة في النفس وتمكّن التلميذ من تدارك ما فاته من دروس. لذا يجب على التلميذ وضع توقيت مسائي لكل أيام الأسبوع يعيد فيه مراجعة ما تلقاه من دروس ومعلومات خلال اليوم وفق برنامج مضبوط مطابق للتوقيت الدراسي، حيث يرى أستاذ الاجتماعيات وضاح علي، أنه على التلميذ تقليص التوقيت إلى نصفه ويتشارك مسؤولية المراجعة المنزلية جميع المحيطين بالتلميذ بدءا من الأستاذ الذي عليه حث تلاميذه على الالتزام بتوقيت المراجعة المنزلية والتذكير بها، ومطالبة تلاميذه بإنجاز التمارين والتطبيقات المنزلية مع توجيه أسئلة وفروض فجائية للتأكد من فهم الدروس، وعليه مراقبة إنجاز تلاميذه لواجباتهم. ولأن الأولياء هم الرقيب والمسؤول على التلميذ خارج المؤسسة التعليمية ينصحهم الأستاذ وضاح بتوفير الجو المناسب للدراسة، وتحفيز الابن عن طريق تشجيعه بجوائز رمزية والتقرب منه ومعرفة مشاكله والصعوبات التي يعاني منها الدراسة، تخصيص بعض الوقت للابن والحديث معه عن صعوبة الحياة المهنية في انعدام المؤهلات العلمية. ودعا الأستاذ التلاميذ إلى ضرورة الالتزام بتوقيت المراجعة خاصة مع بداية السنة وتجنُّب تضييع الوقت مع تسطير أهداف والسعي إلى تحقيقها، والالتزام بإنجاز الواجبات المدرسية وأخرى إضافية، وتحضير الدروس وعدم الاستسلام للنعاس عند بداية المراجعة ومقاومته لأنه سرعان ما يتلاشى مع عدم تأجيل الواجبات.